المصريون في المواصلات: "هنروح بيوتنا حتى لو في الزحمة قبل حظر التجوال".. ولا بديل للمترو
تدق الساعة تمام الخامسة مساء، يهرع عم جمال عامل النظافة بمحطة مترو المظلات، إلى غرفة تغيير الملابس لتبديل ملابسه البرتقالية المخصصة كزي رسمي للعمل داخل محطات المترو حتى يلحق بالقطار الأخير، قبل أن يدق جرس الإنذار وتعلق محطات المترو أبوابها، آخر ورقة ملقاة بمحاذاة الرصيف ينحني الستيني عليها لحملها، "أنا ساكن في بهتيم يا دوب ألحق المترو الأخير ما احناش حمل استغلال سواقين التاكسيات".
ظهر الثلاثاء الماضي، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء فرض حظر التجوال على المواطنين من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا لمدة أربعة عشر يوما لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد وحصره في مناطق بعينها، وعلى إثر هذه القرار أعلن المترو عن تحرك آخر قطار له بين الخامسة والنصف حتى السادسة، وكذلك وسائل النقل العامة والخاصة، لذلك لم يكن أمام العم جمال الذي يحصل على مبلغ حوالي أربعين جنيها كيومية نظير تنظيف محطة المترو، إلا الولوج إلى عربة المترو المكدسة بالعائدين إلى ديارهم، متجاهلا التحذيرات المتكررة من عدم التواجد في الأماكن المزدحمة "أنا عندي ٦٥ سنة وعارف إني معرض للإصابة بالمرض ده، لكن هعمل إيه لو رحت ركبت تاكسي علشان أروح هدفع فيه كل يوميتي وأنا عندي بيت مسئول مني، للأسف أنا وغيري كتير مضطرين نزاحم ونخاطر بحياتنا علشان لقمة العيش".
خيار البقاء في المنزل مدة الحظر والانقطاع عن الذهاب إلى العمل، غير مدرج في خيارات جمال وغيره لعبور الأزمة، "ما ينفعش تقول لهم آسف مش هقدر آجي أنظف المحطة اليوم علشان ما اتعديش!".
كان هذا أيضا ما قاله “محمد. ع” موظف بإحدى شركات المقاولات الخاصة بمنطقة وسط القاهرة، الذي بدا وهو يسير في الشارع باتجاه محطة مترو السادات، وكأنه يبحث عن أمله الأخير للوصول إلى المنزل الكائن بمنطقة حلوان، تتسارع خطواته كلما اقتربت المسافة الواصلة بين محل العمل ومحطة المترو، تسأله "رايح فين المترو دلوقتي زحمة جدا واحتمال تتنقل لك عدوى" ليجيب "قولوا الكلام ده لصاحب الشركة اللي نزلنا في الجو ده أنا مش معايا فلوس أدفع ١٠٠ جنيه لسواق التاكسي علشان أروح بيتي، يا ريت السيد رئيس الوزراء يفرض الحظر الكلي علشان لما المديرين ينزلونا نقدر نعتذر من غير ما نتعرض للجزاءات".
أما السيد رمضان أحمد، مباشر صنايعية، يقطن حي السيدة عائشة، فقد وقف لأكثر من ساعة في حيرة من أمره بميدان الشهيد عبد المنعم رياض في وسط القاهرة، تأخر الباص الذي يقله إلى هناك، وحينما جاء تسارع إليه عشرات الركاب الذين هم مثله يقفون منذ عدة ساعات، "نفس المشكلة حصلت معايا امبارح وأنا مروح واتمشيت لحد عابدين وركبت تاكسي من هناك روحني بأربعين جنيه، الناس دي قدام خيارين إما تدفع اللي حيلتها كله وتروح من غير زحمة، أو تدخل وسط الحشود دي وتروح وخلاص والحافظ هو ربنا".
يلاحظ رمضان أن معظم المتزاحمين لا يرتدون الكمامات ولم يتلزموا بالإجراءات الوقائية للحماية من انتقال العدوى، "الناس حتى ما معهاش فلوس تشتري كمامات تقلل نسبة الإصابة بيها".