أحمد رجب يكتب: كوز الغرام
فى كتابه "أى كلام" الذى وضعه الكاتب الصحفي الساخر احمد رجب واصدرته دار اخبار اليوم ويضم مجموعة مقالاته التى كتبها فى “اخبار اليوم وآخر لحظة والجيل وآخر ساعة” ،فكتب فى احداها تحت عنوان “كوز الغرام “ يسخر من عصر الاغانى الهابطة يقول :
لاشك ان الانسان حيوان غنائى ينزع الى سماع الغناء ويميل اكثر الى ممارسته ، فالغناء نوع من النرجسية ..إذ كما يحب الانسان رؤية صورته فى المرآة يهوى ايضا سماع صوته مترنما ، ولهذا نلاحظ ان الغدد الغنائية عند الانسان تزداد نشاطا فى الحمام ، فالكل يغنى فى الخفاء ..أحيانا حفظا للوقار ، أو خجلا من ان صوته عورة . الا ان هناك فئة ضعفت عندهم مراكز الخجل فأصبجوا يغنون بلا حياء ، وهؤلاء هم بنو كاسيت من التتار الذين اشعلوا النار فى الحضارة الموسيقية والغنائية .
وهناك من يتهم الرقابة على المصنفات ولست أدرى ما حيلة الرقابة فى اغنية تقول (لبست له التوب البفتة وعزمته على اكلة كفتة )فهذا كلام فى رأى الرقابة لا يمس النظام العام او الاداب .لان لبس البفتة لا يعتبر خطيئة واكل الكفتة لا يعتبر رذيلة .
واذا ماغنى مطرب “ادينى بنطة لحام كوز المحبة اتخرم “ فالبنطة الحديد ليست كلمة بذيئة والكوز ليس كلمة نابية ..وهنا يشبه الشاعر غرامه بسائل فى كوز ويشبه الجفوة مع الحبيب بثقب فى الكوز يتسرب منه الغرام فيطلب من سباك العرام بنطة لسد ثقب الكوز .
ففى كل عصر توجد الاغانى الهابطة الى جوار الاغانى الرفيعة ، ففى الزمان الذى قال فيه أمير الشعراء "فى الليل لما خلى” قال رامى “من كتر شوقى”، وقال بيرم “النسمة احسبها خطاك”، وقال مأمون الشناوى “ لو كنت اقدر احب تانى احبك انت” عندما قال هذا هؤلاء العمالقة كان هناك من يقول “ولما تجيبنى امك تدور عليك احطك فى عينى واتكحل عليك” ومن يقول “ياشبشب الهنا ياريتنى كنت أنا “ ومن يقول “بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة” ومن يقول “انسى اللى فات وتعالى بات” .
لكن هذه الاغانى لم تكن ذات تأثير ، واغانى العمالقة بجوارها ترتفع بالذوق وتثرى الوجدان ..غير ان زماننا خلا من اغانى العمالقة فانفرد التتار بالساحة وسادت اغانى كوز الغرام المخروم.