الأزهر للفتوى: اجتماع الناس للتكبير والدعاء أثناء انتشار الوباء حرام شرعاً
أكد مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية أن الدُّعاء هو أجلُّ وأعظم ما يتقرب به العباد إلى ربهم سبحانه؛ لا سيما حين نزول البلاء، قال الله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...} [غافر: 60]، وقال سيدنا رسول الله ﷺَ: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ..» [أخرجه الترمذي].
وأشار المركز الى أن القول بمشروعية الدُّعاء وقت حلول البلاء؛ فإنه لا بد من الإلتزام بآدابه وضوابطه، والتي منها عدم رفع الصوت والصِّياح به؛ قال الله سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].
وقَالَ ابْنُ جُرَيْج: «يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَالنِّدَاءُ، والصياحُ فِي الدُّعَاءِ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ» [تفسير ابن كثير (3/ 428)].
وأضاف المركز أنه بخصوص الاجتماع للدُّعاء عند النَّوازل، فمع أصل مشروعيته إلَّا أنّ رفع الضَّرر وحفظ الأنفس مُقدم عليه؛ فقد «قضَى -ﷺَ- أن لا ضررَ ولا ضِرارَ» [أخرجه ابن ماجه]، وقاعدة رفع الضَّرر هذه من قواعد الشَّريعة الإسلامية الحاكمة لغيرها من القواعد، والضَّابطة للعديد من الفتاوى والأحكام؛ لا سيما أحكام النَّوازل، ومسائل الأقضية المُستحدثة.
وأوضح المركز أنه قد ثبت بيقين أن التَّجمعات -في هذه الآونة- هي أكبر مُسبِّب للعدوى، وانتشار المرض؛ لذا كانت الدعوة إليها جريمة منكرة، وكان تجنبها واجب شرعي؛ لئلا يُساهم المرء في انتشار المرض؛ فيأثم بذلك أشد الإثم.
اقرأ أيضا:
الإفتاء عن مسيرات الإسكندرية: أي دعوة للتجمع حالياً حرام شرعاً
وقد قال الإمام ابن حجر -رحمه الله- عن أحوال مشابهة لهذه الظروف: «فليس الدعاء برفعِ الوباء ممنوعًا، ولا مصادمًا للمقدور من حيث هو أصلاً، وإنما الاجتماع له كما في الاستسقاءِ؛ فبدعة حدثت في الطاعون الكبير سنة (749 هـ) بدمشق ... وخرج الناس إلى الصحراء ومعظمُ أكابرِ البلدِ فدعوا واستغاثوا، فعظُم الطاعونُ بعد ذلك، وكَثُرَ، وكان قبلَ دعائِهم أخفُّ! قلت (أي: ابن حجر): ووقع هذا في زماننا، حين وقع أوَّلُ الطاعونِ بالقاهرة في 27 من شهر ربيع الآخَر سنة (833 هـ)، فكان عددُ من يموتُ بها دون الأربعين، فخرجوا إلى الصحراء في 4 جمادى الأولى، بعد أن نُودي فيهم بصيام ثلاثة أيامٍ، كما في الاستسقاء، واجتمعوا، ودعوا، وأقاموا ساعةً، ثم رجعوا، فما انسلخ الشهر حتى صار عددُ من يموت في كل يومٍ بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد!».
وناشد مركز الأزهر العالمي الفتوى الإلكترونية أبناء الشَّعب المصري كافَّةً بضرورة ملازمة البيوت، وعدم الخروج منها إلا لضرورة، ويُبشِّر من قعد في بيته صابرًا راضيًا بقضاء الله بأجر الشَّهيد، وإنْ لم يمُتْ بالوباء؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَيسَ مِنْ رَجُلٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُث فِي بَيتِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُه إلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ؛ إلِّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» [أخرجه أحمد].
كما افتى المركزُ بحرمة مُخالفة الإرشادات الطِّبيَّة، والتَّعليمات الوقائية التي تصدر عن الهيئات المختصة؛ لمَا في ذلك من تعريضِ النَّفسِ والغير لمواطنِ الضَّرر والهلاك.
وشهد محافظة الإسكندرية في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء خروج عدد من المواطنين في مسيرات للتظاهر بحجة طرد فيروس كورونا المستجد.