النقيب الجديد يتهم "عاشور" باختلاق المعارك الوهمية للبقاء في منصبه.. رجائي عطية: "رسالة شعيب" سلاحي لإصلاح أحوال المحامين
في يوم له ما بعده، وتحديدًا يوم الخامس عشر من مارس 2020، سوف يبقى مشهودًا في ذاكرة المحامين الذين أطاحوا بنقيبهم "المُعمر" سامح عاشور، الذي مكث في منصبه 17 عامًا، وكان يطمح في المزيد، واختاروا "رجائى عطية"، الذي اعتاد السقوط، نقيبًا جديدًا لأربع سنوات مقبلة، في مفاجأة صادمة أدهشت المؤيدين والمعارضين على السواء، وخالفت كل التوقعات، في ليلة تم الاتفاق على تسميتها بـ"ليلة سقوط سامح عاشور".
إرادة الأعضاء
ما جرى وحدث يؤكد أن إرادة أعضاء واحدة من أهم النقابات المهنية وأكثرها عددًا، اتفقت على اختيار مَن يمثلهم دون قيد أو شرط، ودون خطاب استعلائى أو إقصائى، وقرروا ضخ "دماء جديدة"، حتى لو كان النقيب الجديد يُبحر في العقد التاسع من العُمر، واعتاد الفشل أمام أسماء أقل نفوذًا من "عاشور" الذي تعددت أزمات النقابة في عهده بين: مشروع العلاج، تنقية الجداول، انقسام النقابة، سبوبة تجديد العضويات، الكيانات الشبابية، وأخيرًا التعليم المفتوح.
وهى الملفات التي يبدو أن النقيب السابق لم يأخذها على محمل الجد، وتصور أنه يخوض معركة محسومة مقدمًا. 18 مرشحًا على مقعد النقيب و95 مرشحًا لعضوية مجلس النقابة عن استئناف القاهرة، و7 عن استئناف الإسكندرية و4 عن استئناف بنى سويف، و8 عن استئناف الإسماعيلية، و10 عن استئناف أسيوط و12 عن استئناف المنصورة و9 عن استئناف قنا و15 عن استئناف طنطا و16 الإدارات القانونية، خاضوا الانتخابات التي وضعت أوزارها، ليكون إجمالى عدد المرشحين 194 مرشحًا، في واحدة من أقوى الانتخابات زخمًا على مر تاريخها.
إرث النقابة
«أصبحت النقابة ميراثًا والمحامون تركة».. هكذا عبَّر المحامي رجائي عطية الفائز بمنصب نقيب المحامين، بفارق يقترب من ٧ آلاف صوت عن منافسه الأقوى سامح عاشور، في أول تصريحاته بعد حسم الماراثون الانتخابى، مشددًا على أن المحاماة وكرامتها في عهد النقيب السابق تم إهدارها.
نبرة الهجوم لم تتوقف عند هذا الحد، بل إن "عطية" اتهم "عاشور" بأنه تعمد طوال السنوات الماضية، اختلاق معارك وهمية لا تعد ولا تحصى للبقاء في منصبه، كما أن محاولة شرعنة انتخابه مجددًا وتقنينها لم تكلل بالنجاح المنشود.
قائمة الإصلاح النقابي المنبثقة من جبهة الإصلاح النقابي ومبادرة المحامين المهنيين، برغم قلة إمكانياتها المادية وقلة عدد مؤتمراتها، فإن قيمتها تنبثق من كوادرها النقابيين المخضرمين، فضمت عددًا من نقباء الفرعيات الحاليين والسابقين، بدعم من النقابي منتصر الزيات، عضو مجلس المحامين الأسبق، والنقيب الأسبق حمدي خليفة، وهو ما عوَّل عليه رجائي عطية في معركته أمام سامح عاشور.
رهان كاسب
وبدا أن الرهان لم يكن خاسرًا هذه المرة، حيث قاده إلى النجاح المنشود.
توقع سامح عاشور، أن المؤتمرات الضخمة التي عقدها بشكل يومي خلال الأسابيع الماضية، واعتماد عدد من الكيانات والاتحادات والروابط الشبابية، سوف تمنحه أصوات كتلة كبيرة في المحافظات، في الوقت الذي لم يستعن فيه بحملة انتخابية تدير المعركة بشكل جيد، وهو ما قلَّل من فرصه وقاده إلى ما لم يكن يخطر له على بال، في مقابل خطوات وتحركات محدودة من "عطية"، ولكن يبدو أنها كانت محسوبة ومرتبة، فقادته إلى حلم اشتاق إليه كثيرًا.
تفاخر سامح عاشور، بأنه كان وراء تخصيص أكبر معاش لأعضاء نقابته بين النقابات المهنية وكذلك العلاج، ولكن التفاصيل والواقع على الأرض كانت تكشف بين الحين والآخر خلل التطبيق، وهو ما يعلنه المحامون عبر صفحاتهم مع كل حالة حرجة أو خطيرة، والتأكيد على تضررهم من سياسة النقيب السابق.
خطاب استعلائي
جاء خطاب سامح عاشور، استعلائيًا في كثير من الأحيان، بينما جاء خطاب رجائي عطية، متواضعًا فمسّ المحامين، فدائمًا وطوال فترة معركته الانتخابية كان لسان حاله: تقدمت إليكم بحمل الأمانة، حاملًا بين ضلوعي قلب شاب، وجسارة مقاتل غير هيّاب، وعشقًا غير محدود للمحاماة والمحامين والنقابة.
كما أنني أحمل إيمانًا لا يتزعزع وعزيمة ماضية للإصلاح، وكلمتي ما قاله شعيب –عليه السلام-، إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ".
ويعول جموع المحامين على نقيبهم ذى الاثنين وثمانين عامًا، وصاحب التاريخ القانونى والفكرى والثقافى الناصع، كثيرًا في إصلاح أحوال النقابة في أقرب وقت، وأن يعيد إلى النقابة وحدتها وقوتها، وأن يحقق أكبر قدر من الاستفادة للأعضاء.
نقلًا عن العدد الورقي...