عام من التباعد الاجتماعي للقضاء علي كورونا.. كيف ستتعامل البلدان والشعوب معه؟
بعد أن حذر العلماء من أننا قد نحتاج إلى العيش مع ممارسة التباعد الاجتماعي لمدة عام أو أكثر، وإلا قد نضطر إلى ترك مئات الآلاف يموتون، لافتين إلى أن الحياة في العديد من البلدان حول العالم تتغير بشكل جذري، إذ إننا بعيدون عن أعمالنا، ونتجنب الأماكن العامة المفضلة لدينا، والكثير منا يعانون من ضغوط مالية أو عاطلين عن العمل، لنستنتج أن الاستجابة لوباء كورونا "كوفيد 19"، تتسلل إلى كل جانب من جوانب الحياة، ونحن بالفعل نتوق إلى نهاية هذا الوباء، ولكن هذا القتال قد لا ينتهي لأشهر أو سنة أو حتى أكثر.
التباعد الاجتماعي
خبراء الصحة العامة يعتقدون أن المسافة الاجتماعية هي أفضل طريقة لمنع حدوث أزمة وبائية شديدة، ربما تسفر عن مقتل مئات الآلاف أو أكثر حتى يكون هناك لقاح أو علاج لإيقافه.
والتباعد الاجتماعي يعتبر تغييرات في السلوك يمكن أن تعمل على وقف انتشار العدوى، وفي معظم الأحيان يتركز الأمر على اعتماد بعض التصرفات كالتقليل من عمليات التواصل الاجتماعية ويتم ذلك عبر اعتماد وسائل تربوية يتمكن غير المصابين بالعدوى من مشاركة المعلومات في ما بينهم لتأخير انتشار العدوى.
وقال عالم الأوبئة في مدرسة لندن آدم كوتشارسكي: "إذا كنت تعتقد أنه إذا أغلقت المدارس وأغلقت المطاعم لبضعة أسابيع، فستحل المشكلة وتعود إلى الحياة الطبيعية، هذا لن يحدث".
وأشار إلي أن هذا الفيروس سوف يتم تداوله، ربما لمدة عام أو عامين، لذا سنحتاج إلى التفكير في هذه المقاييس الزمنية، لأنه لا توجد خيارات جيدة هنا، كل سيناريو يمكنك التفكير في أنه الحل ستظهر بعض السلبيات الضخمة حقًا، في الوقت الحالي، يبدو أن الطريقة الوحيدة للحد من انتقال العدوى بشكل مستدام هي إجراءات احترازية شديدة غير مستدامة ".
وأشار كوتشارسكي إلى أنه بمرور الوقت قد نتعلم كيفية الموازنة بين الحاجة إلى التباعد الاجتماعي من أجل سلامتنا والحاجة إلى عيش حياتنا وإنعاش الاقتصاد، لكن في الوقت الحالي، يبدو أننا في رحلة طويلة.
وأوضح أنه إذا سمح للناس بالتجمع في مجموعات كبيرة مرة أخرى، بينما لا يزال الفيروس موجودًا، يمكن أن يبدأ تفشي موجة جديده تهدد الصحة العامة بشكل خطير، خاصة كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، وهم الأكثر تعرضًا للأمراض الشديدة.
المواطنون و التباعد الاجتماعي
تواجه الحكومات المختلفة في البلدان بمحتلف أنحاء العالم، العديد من المشاكل في فرض مسألة التباعد الإجتماعي بين المواطنين، خاصةً في فئات الشباب، ما دفع العديد منهم إلى اللجوء لإجراءات أشد صرامة وحزم، بالإضافة إلى مضاعفة العقوبات سواء بالسجن أو بالغرامات، وهو ما أبدى فاعلية في كبح جماح فيروس كورونا المستجد والسيطرة عليه داخل مدينة ووهان الصينية منشأ الفيروس بالآونة الأخيرة.
ويرى المراقبون والمحللون أن احتمالية وجوب تنفيذ التباعد الاجتماعي بين البشر لمدة عام أو أكثر قد تكون صعبة للغاية.
ألمانيا تناقش غدًا حظر التجول.. وبافاريا تسبق الاجتماع بعزل سكانها
الحكومات والتباعد الاجتماعي
وتعرض اقتصاد أغلب دول العالم إلى الانهيار بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد وتعطيله لكافة الأنشطة كالرحلات الجوية وعمليات التجارة وتوقف العديد من الشركات والمصانع، وكان أبرز المتضررين الصين وإيطاليا والولايات المتحدة نظراً للخسائر الفادحة التي تلقتها، إلا أن الصين استطاعت اتخاذ العديد من الإجراءات كان من شأنها كبح جماح الفيروس التاجي.
وفرضت الحكومة الصينية العديد من الإجراءات الاحترازية المشددة، والتي أدانتها بالفعل بعض المنظمات الحقوقية، فقد استطاعت السلطات الصينية أن تعزل مدينة كاملة لتطويق الفيروس قبل الانتشار بباقي المدن الصينية في شتى البلاد، ونجحت في احتوائه.
ويرى المراقبون أن الدول الكبرى والتي تمتلك نظام رعاية صحي شامل، وتستطيع توفير احتياجات مواطنيها من المواد الضروروية والاساسية اللازمة للحياة هي من تسطيع النجاة من هذا الوباء، ولكنهم أعربوا عن قلقهم بالنسبة لتلك الحكومات والدول الضعيفة الذين لا يمتلكون نظاماً صحيا جيداً لأنهم قد يواجهون مشكلة كبيرة.