أحمد توفيق أستاذ إدارة الأزمات: إنشاء شبكة لصرف مياه الأمطار سيكلف الدولة 200 مليار جنيه لكنها ضروروية ( حوار )
الأضرار الناتجة عن السيول في مصر من غرق الشوارع والمنازل قد تتعدي 200 مليار جنيه بكثير
السيول في مصر تحولت من مشكلة لأزمة ومناخ مصر تغير كثيرا عما سبق
سيارات شفط المياه الموجودة في الشوارع قد تصلح لمشكلة مثل كسر ماسورة وليس لأمطار بهذه الصورة
الاعتراف بوجود الأزمة وهو أول الطريق للحل والمسكنات لا تحل الأزمات.
ماليزيا أنشأت نفقا ذكيا تسير فيه السيارات طوال العام ويتحول لأنبوب ينقل ماء الأمطار لسحارات كبيرة يتم الاستفاده منه
أطالب بالتوسع في إنشاء شبكات الصرف
ثمّن أستاذ إدارة الأزمات بالجامعة الأمريكية الدكتور أحمد توفيق إدارة حكومة الدكتور مصطفى مدبولى لأزمة السيول الأخيرة، مبرزًا النقاط الإيجابية غير المسبوقة، لكنه فى الوقت ذاته نوه في حوار مع "فيتو" إلى أن هناك حزمة الأخطاء التي يجب تداركها في قادم المناسبات والمواعيد.. وإلى نص الحوار..
*ما تقييمك لدور الحكومة في التعامل مع أزمة السيول من حيث التنبؤ بها ومواجهتها؟
إعطاء إجازة للمدارس والقطاع العام والخاص قرار صحيح اتخذته الحكومة للتعامل مع أزمة السيول، لتفادي ويلات ما حدث قبل ذلك في أزمات مماثلة من غرق الشوارع والسيارات، وإعاقة حركة المرور وتسرب المياه للبيوت.
أما من حيث مواجهتها فلم تتعامل الحكومة مع الأزمة بأسلوب علمي، لأنها استخدمت نفس الأسلوب الذي تعاملت به في الأزمات السابقة والنتيجة واحدة، فقد غرقت الشوارع والمنازل وعانت الطرق الرئيسية من شلل مروري، وتجمعت مياه الأمطار في الطرق والمنحدرات، وانقطعت الكهرباء والمياه عن الكثير من المناطق لمدة زادت على 24 ساعة، فمادامت الأزمة تكررت بنفس الشكل وتم إدارتها بنفس الأسلوب وجاءت بنفس النتائج لا نعدها أديرت بشكل علمي سليم.
وإذا كشفنا عن صور أمطار الموسم السابق سنجدها متطابقة تماما مع ما حدث في التعامل مع أمطار هذا الموسم، وكأننا لا نتعلم من الأخطاء، والتعلم من الاخطاء وعدم تكرارها يعد أول مبادئ إدارة الأزمات
*ما الأسلوب العلمي في التعامل مع الأزمات بصفة عامة؟
الأسلوب العلمي يتضمن وضع سيناريوهات مستقبلية تتنبأ بالأزمة ووضع الحلول لها، وتحديد الأولويات ووضعها في الاعتبار، لذلك لا بد من إنشاء إدارة مركزية للتعامل مع الأزمات على مستوى مصر بالكامل، بحيث تكون مركزية الإدارة ولا مركزية من حيث التنفيذ، تضع سيناريوهات متكاملة على مستوى الجمهورية، ويتم تنفيذها في كل محافظة وفق أولوياتها من قبل موظفين مدربين توزع الأدوار عليهم، مع تدريب متطوعين من الجمهور في كل محافظة للقيام بأعمال المعاونة وقت الأزمات.
*من وجهة نظرك كيف يمكن التعامل مع أزمة السيول؟
لابد من إنشاء شبكة صرف مياه الأمطار وهو الأمر الذي سيكلف الميزانية العامة للدولة 200 مليار جنيه، ولكن إنشاء شبكة صرف مياه الأمطار أصبح من الضروريات وليس من الرفاهيات، خاصة أن الأضرار الناتجة عن السيول في مصر من غرق الشوارع والمنازل قد تتعدي بكثير 200 مليار جنيه، فإنشاؤها ضمن أولى أولويات التعامل مع الأزمة بأسلوب علمى وعملى، ولعل أهم سبل التعامل مع الأزمة هو الاعتراف بها أولا.
فهناك فرق بين الأزمة والمشكلة، والسيول في مصر تحولت من مشكلة لأزمة، فقد تغير مناخ مصر كثيرا عما سبق، وسيارات شفط المياه الموجودة في الشوارع قد تصلح لمشكلة مثل كسر ماسورة لكن لا تصلح للتعامل مع أزمة أمطار بهذه الصورة.
*كيف تري مهام قسم إدارة الأزمات في وزارة التنمية المحلية؟
قد يكون هناك جهد مبذول على قدر الإمكانيات ولكن النتائج على أرض الواقع تثبت أن التعامل مع الأزمات يجب أن يكون مختلفا تماما، وأعلم جيدا أن كل محافظة ومدينة يوجد بها غرفة إدارة أزمات.
ولكن مشكلة مصر الدائمة مع إدارة الأزمات هو اتباع أسلوب رد الفعل بانتظار وقوع الأزمة ثم التعامل معها، بينما لابد من إنشاء كيان كامل لإدارة الأزمات على مستوى الدولة يعتمد على وضع السيناريوهات المسبقة والتدريب عليها ومن ثم تسجيلها وإذاعتها والإعلان عنها، والتواصل باستمرار مع جمهور الأزمة.
*كيف يكون تواصل إدارة الأزمات مع الجمهور؟
من داخل غرف إدارة الأزمات لابد من توفير أشخاص مدربين للتعامل مع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالأخص، لنشر الأخبار وتكذيب الشائعات، وتوجيه النصائح والتعليمات للجمهور أولا بأول مع إصدار التقارير والبيانات الصحفية، والإعلان عن ما إذا كانت الحكومة مضطرة لقطع الكهرباء أو المياه على ألا تزيد فترة الانقطاع عن 4 ساعات محددة من قبل لكل منطقة، فضلا عن تبني المبادرات الشعبية التي تساعد في إدارة الأزمة مثل فرق سيارات الجيب التي أعلنت على فيس بوك أنها ستجوب شوارع الجمهورية لمساعدة المتعثرين في الطرق وتلبية احتياجات المستغيثين.
*ما أنجح تجارب الدول الأجنببية في التعامل مع أزمة السيول؟
ماليزيا أنشأت النفق الذكى في كوالالمبور الذي تسير فيه السيارات طوال العام ووقت الأمطار يتحول إلى أنبوب ينقل ماء الأمطار لسحارات كبيرة يتم الاستفاده منه، ويطلق عليها اسم نفق سمارت يبلغ طوله 9.7 كم (6.0 ميل)، فهو أطول نفق مياه أمطار في جنوب شرق آسيا.
والنفق ذكي لكونه ثنائي الغرض يستخدم كنفق للسيارات والمركبات لحل مشكلة الازدحام، ولكنه يغلق في حال نزول الأمطار الغزيرة ليعمل كمجمع للمياه التي تصب فيه عبر منافذ موصولة من أماكن مختلفة في المدينة، وعلى أطرافه خزانات تجميع حيث يفرغ فيها النفق المياه ليتم استخدامها في أغراض أخرى.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"