في ذكرى وفاته.. إسهامات ابن خلدون في دبلوماسية الدول الإسلامية
تحل اليوم الاثنين 16 مارس، ذكرى وفاة العالم والمفكر العربي ابن خلدون، مؤسس علم الاجتماع، ومرسخ قواعد الفكر، ومفاهيمه والتي أخذ بها الكثير من الباحثين الأوروبيين، بعد ذلك.
العالم عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبو زيد ولي الدين، ولد في عام 1332 م، في تونس، حيث تخرج من جامعة الزيتونة أحد أعرق الجامعات العربية والإسلامية، توليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية، ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والكتابة فكانت مصنفاته من أهم المصادر للفكر العالمي.
وحظى ابن خلدون، بأساليب العلم والفكر وتميز بسعة اطلاعه، على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير، وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه، وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب رحلاته الكثيرة من موطنه تونس إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.
وعن إسهامات ابن خلدون في عالم الفكر والعلم البشري، يقول عنه المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي: "ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم".
ولم يكتفِ ابن خلدون بتحصيل العلم، وتدوينه فقط، بل ساهم فكره وحكمته في لعبه للعديد من الأدوار الدبلوماسية بين الدول والولايات في ذلك الوقت، حيث استعان به السلطان محمد بن الأحمر حاكم مملكة غرناطة آخر ولايات المسلمين في الأندلس، لعقد صلح مع أمير مملكة قشتالة في شمال الأندلس.
ولعب دورًا وسيطًا بين كل من دولة الحفصيين والمرينيين، والتي أقيمت في تونس والمغرب على الترتيب، بعد سقوط دولة الموحدين، حيث كان وزيرا لدى أبى السلطان عبد الله الحفصي كما كان مقربا من السلطان أبي عنان المريني.
وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي الطاغي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما، ووصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته، حيث يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في ذلك اللقاء في رسالة بعثها لملك المغرب.
ولما تميز به ابن خلدون، من أسلوب حكيم في التعامل مع تيمور لنك، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاحه في مهمته ونجاته من هذه المحنة.
وفي 16 مارس عام 1406م، توفي العالم والمفكر ابن خلدون عن عمر ناهز 73 عاما، تاركا إرثا فكريا كبيرا لا يزال ينهل الباحثون منه حتى الآن.