رئيس التحرير
عصام كامل

بعد انتهاء "عاصفة التنين".. الخراب يحل على سكان درب نصر ببولاق أبو العلا | فيديو وصور

فيتو

 كانت مياه الأمطار تضرب بالحائط الخلفي لمنزله الكائن في "عطفة الترزي"، بمنطقة درب نصر التابعة لحي بولاق أبو العلا بالقاهرة، جمع محمد رمضان الأم وأسرته، وزوجة الخال في حجرة واحدة، تقع على يسار المنزل، شعر أن الليلة لن تمر بسلام، وأنه حتما سيقع مكروه لا محالة، الثلاثة بيوت المجاورة له بدأت في التصدع بعد أن تشربت من مياه الأمطار التي ظلت تسقط من سماء العاصمة، لمدة تجاوزت الـ12 ساعة دون انقطاع، وبالفعل وقع ما كان محمد يخشاه.

 

 

في تمام الثانية عشرة من منتصف تلك الليلة المشؤومة، سقط سقف البيت على رأس الأسرة التي تكدست في حجرة واحدة، عصفت مياه الأمطار بأحلام أسرة بسيطة، وبات كل فرد منها يبحث عن مأوى بديل عند الأخ أو ابن العم .

 

 

وبعد أن انقضت موجة الطقس السيئ أو كما أطلق عليها رواد مواقع التواصل الاجتماعي "عاصفة التنين"، كانت لنا جولة في بعض الأحياء العشوائية في ضواحي محافظة القاهرة، وعادة ما تتربع منطقة بولاق أبو العلا على قائمة تلك المناطق، حيث تنتشر بها عشرات الأزقة والحارات التي تتكدس بها البيوت القديمة جدا، وربما يعود تاريخ بنائها لأكثر من 100 عام .

 

 

كان على يقين من أن مياه الأمطار أرادت أن تترك بصمتها في بعض المناطق، فلم تمر هكذا مرور الكرام، على أسرة محمد رمضان، وأسرة السيدة أم سميرة وغيرهما، كانت البداية مع أسرة الشاب الثلاثيني الذي مكث طوال الليلة الماضية في المقهى المجاور لمنزله المتهدم، بعد أن شعر بأن وجوده في منزل الأخ الأكبر بمنطقة بشتيل يمثل العبء الثقيل على أسرته.

 

 

 ثلاث غرف وصالة متوسطة المساحة، في طرفة عين تساوت جميعها والتراب، جدران ثلاثة منازل مجاورة تجمعوا في لحظة واحدة ليسقطوا في قلب المنزل، لم يجد محمد وشقيقه بدا من الخروج من المنزل قبل أن تنهار الحجرة المتبقية فوق رؤوسهم، الأم وزوجة الخال أعاقهما كبر السن من الخروج أولا، تعثر محمد في ركام السقف المنهار حتى نجح في إبعاده تماما لإخراج السيدتين وزوجة الأخ في سلام، "الناس كلها كانت في بيوتها وأهلي معظمهم كانوا نايمين مرضتش أصحيهم إلا لما البيت ريح خالص علشان ميتخضوش من منظر هبوط السقف، جرينا في الشارع في نص الليل زي المجانين، جرينا على قسم بولاق عملنا محضر، وجت فرق الإنقاذ لكن بقي الوضع على ماهو عليه، مع وعد من الحي بزيارة مرتقبة بكرة".

 

 

منطقة بشتيل التابعة لمحافظة الجيزة، كانت طوق النجاة لهذه العائلة حيث توجهت زوجة الخال إلى بيت ابنتها والأخ ذهب إلى عمه، بينما ذهب محمد ووالدته إلى منزل الأخ الثالث، "ده اللي جالنا من المطر والبيوت الآيلة للسقوط اللي منتشرة حوالينا، عائلتنا اتشردت والبيت اللي طلع منه أربع أجيال وأوانا طول عمرنا وكبرنا فيه راح كله وبقى كومة تراب".

تسكين أسرة من ٥ أفراد بفندق الشباب بالقناطر الخيرية بعد انهيار منزلها| صور

 

 

لم يكن هذا مصير محمد وحده جراء "عاصفة التنين" وما خلفته، فالسيدة أم سميرة التي تسكن في العطفة ذاتها على مقربة من منزل محمد رمضان، كانت تنهي وجبة العشاء للأسرة المكونة من أربعة أفراد، بينما يضرب صوت المياه القوي بالحائط الأيسر للحجرة الكائنة في الطابق السفلي للمنزل، سمعت أم سميرة صوت طقطقة الحائط، هرعت إلى الخارج، "جريت عليهم قلت لهم البيت بيقع الأوضة اللي آويانا هتقع على دماغنا، لكن ربنا ستر والحيطة وقع منها جزء بسيط بس"، غير هذا البيت وبيت محمد مازالت الأمطار تاركة آثارها على منازل أخرى تتشابه حالتها مع حالة هذين المنزلين.

 

 

من بولاق أبو العلا للتجمع الخامس "لن ينجو أحد"  في حضرة الأمطار الغزيرة وتوابع "عاصفة التنين" تساوت الطبقات الاجتماعية كلها، لم يعد هناك فارق بين ساكن في أحد عطفات حي بولاق أبو العلا، وآخر يسكن حي النرجس بالتجمع الخامس، فعلى اختلاف الأضرار التي لحقت بكلا الفئتين، كانت المحصلة في النهاية واحدة، فالسيدة دعاء سليمان التي تسكن منذ عدة سنوات في منطقة التجمع الخامس بالقاهرة، قررت الذهاب إلى منزل العائلة في الإسكندرية لحين ميسرة، بعد أن تسببت الأمطار الغزيرة في قطع المياه والكهرباء وخدمة الانترنت، "حسينا فجأة إننا معزولين عن العالم، حتى الدش ضعف من الأمطار ومبقاش فيه رفاهية مشاهدة التلفزيون، أصحابي كانوا قاعدين يوم الخميس بالليل ولقوا المياه نازلة من تابلوه الكهرباء بطول الحائط".

 

 

 
 

 

 

 

 

 

الجريدة الرسمية