رئيس التحرير
عصام كامل

"نعله الذى سُرق أشرف منهم"


أنتقد أداء الإخوان المسلمين منذ جاؤوا إلى الحكم فى مصر، وأركز عادة على تردى الاقتصاد من دون أن أنسى الفلتان الأمنى وزحام السير وغيره، إلا أننى وجدت أخيراً شيئاً أتفق عليه مع الرئيس محمد مرسي.



معهد أبحاث ميديا الشرق الأوسط (ميمري) أسسه بنيامين نتانياهو مع بدء حكومته الأولى (1996-1999) وهو بذلك مثله يبحث عن أى مادة تسيء إلى العرب والمسلمين لينشرها فى الولايات المتحدة، خصوصاً بين أعضاء الكونغرس الذين لا يحتاجون إلى تحريض أصلاً طالما أنهم فى جيب اللوبى الذى اشتراهم نقداً (كاش) . وميمرى طبعاً لا ترى شيئاً من عيوب حكومة إسرائيلية فاشستية نازية جديدة عنصرية تعتقل أسراً بكاملها، أو الأطفال وأمهاتهم.

الآن ميمرى توزع شريطاً عن الدكتور محمد مرسى يعتمد على مقابلتين صحافيتين له فى 20/3 و23/9/2010 عندما كان عضواً فى مكتب إرشاد الجماعة. وهو يهاجم الصهاينة مصاصى الدماء ويدعو إلى مقاومة عسكرية فى أرض فلسطين، ويصرّ على أن لا حق للصهاينة فى أرض فلسطين ولا مكان لهم فيها، ويقول أنهم سلبوا أرض فلسطين سنة 1947-1948 ولا يزالون يفعلون، وأرض فلسطين ملك الفلسطينيين لا الصهاينة...

لا أقبل أن أقارن بين الدكتور مرسى وأعداء الأمة فنعله الذى سُرِق وهو يصلى أشرف منهم، وأتفق مع الرئيس المصرى فى كل الكلام السابق المنسوب إليه، ولا أزيد عليه سوى أننى أقبل حل الدولتين، ولا أريد أن يُقتل أحد من الفلسطينيين أو الصهيونيين المحتلين. وبما أننى درست تاريخ الشرق الأوسط القديم فإننى أقول بثقة مطلقة أن لا آثار لليهود فى فلسطين، أو لأنبيائهم وملوكهم، فكل ما يرددون هو خرافات توراتية لا علاقة لها بتاريخ أو جغرافيا.

قرأت كلام الدكتور مرسى فى مقال لموقع ليكودى أمريكى عطف أيضاً على الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، لأنه حضَّ اليهود المصريين على الرجوع إلى مصر، وإفساح المجال للفلسطينيين ليعودوا إلى بلادهم.

مرة أخرى، أتفق مع الدكتور عصام بعد خلافات كثيرة بيننا، وأؤيد كلامه، وأزيد أن فلسطين كلها أرض محتلة، وما يقول الإخوان المسلمون وحماس والجهاد الإسلامى صحيح، إلا أننى بعد ذلك أقبل حل الدولتين لتجنب الحرب.

ربما عدت غداً إلى انتقاد أداء الرئيس والحكومة والجماعة، إلا أننى إذا فعلت فسببى الوحيد غيرتى على شعب مصر الذى أراه وقد دخل فى ضائقة مالية لا يبدو أن الإخوان يعرفون كيف يخرجونه منها. إلا أن هذا شيء والموقف إزاء إسرائيل شيء آخر فأنا فيه مع الإخوان من الألف حتى الياء.

وقاحة حكومة إسرائيل وأنصارها فى أمريكا لا تتوقف عند الرئيس المصرى ونائبه فى الحزب الحاكم، فقد قرأت مقالاً آخر لهم عنوانه «مؤامرة الإخوان» خلاصته أن ستة من الإخوان المسلمين فى إدارة أوباما.

لو كانوا ستمئة، لا ستة، أو ستة آلاف يظلون أقل من الخونة أصحاب الولاء الواحد لإسرائيل فى الإدارة الأمريكية والكونغرس والميديا. إذا كنت أنا أحفظ بضع مئة اسم من اليهود الليكوديين والمسيحيين الصهيونيين فى الإدارات الأمريكية التى توالت خلال عملى الصحافى فلا بد أن هناك ألوفاً من هؤلاء الخونة فى السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكل ما حولهما، ثم يتحدثون عن ستة مسلمين فى الإدارة.

حسناً، أنا اليوم من جماعة الإخوان المسلمين، ولكن أستشهِد بالقس اد بيكون، من كنيسة جميع القديسين فى مدينة باسادينا، بولاية كاليفورنيا، فهو فى اجتماع مع مجلس العلاقات العامة الإسلامى (الأمريكي) قال إن مسيحيين، بينهم التبشيريون الصهيونيون، ارتكبوا أعمالاً شريرة مثل الحملات الصليبية والرق والتخويف من الإسلام، وتمويل التبشيريين الصهيونيين بناء المستوطنات. وقال إن قلبه انكسر بعد زيارة لقطاع غزة. وأعلنت رئاسة الكنيسة تأييدها القس بيكون.

كتبت غير مرة عن مقاطعة الكنائس المسيحية الأميركية إسرائيل، وأستطيع أن أعطى أمثلة جديدة اليوم، وكل المادة محفوظ عندي. إلا أننى وقد ضاق المجال لا أقول سوى أن محمد مرسى وعصام العريان قالا الحقيقة وأنا معهما ومع الجماعة، وكل رجائى أن نرى حل الدولتين، حتى وهو فى 22 فى المئة فقط من أرض فلسطين التاريخية لحفظ حياة الناس.

نقلاً عن الحياة اللندنية

 

الجريدة الرسمية