رئيس التحرير
عصام كامل

أول ظهور لـ"بوتفليقة" يكذب التطمينات.. المسئولون أرادوا وقف الجدل حول وضعه الصحى.. أثارت التساؤلات حول قدرته على ممارسة الحكم.. وأعادت الجدل حول خلافته.. تؤكد الدخول في مرحلة التحضير للرئيس الجديد

 عبد العزيز بوتفليقة
عبد العزيز بوتفليقة

أنهت الصور الحية التي نشرت للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من مشفاه بباريس الأربعاء حالة الشك بشأن تقارير غربية تحدثت عن وفاته، لكنها أثارت تساؤلات حول قدرته على ممارسة الحكم وهو ما سيعيد الجدل حول خلافته، وينهى أي توقعات بولاية جديدة له، بحسب مراقبين ووسائل إعلام جزائرية.


وقال إسماعيل معراف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، اليوم الخميس، إن "ظهور الرئيس هو رسالة تطمين للجزائريين كما يعكس رغبة من الجهات الرسمية لوقف الجدل بشأن وضعه الصحي، لكنه بالمقابل فتح ملف خلافته نظرا لما بدا عليه من حالة وهن".

وبث التليفزيون الرسمي الجزائري أمس الأربعاء أولى الصور الرسمية للرئيس الجزائري الغائب عن البلاد منذ شهر ونصف الشهر لتواجده في رحلة علاج في فرنسا، وهو يستقبل الوزير الأول عبدالمالك سلال وقائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بمستشفى "ليزانفاليد" بباريس.

وظهر بوتفليقة في نشرة التليفزيون الحكومي المسائية وهو يتبادل أطراف الحديث مع المسئولين اللذين زاراه بمستشفى "ليزانفاليد" بباريس وحالة التعب بادية على وجهه.

وأجمعت الصحف الجزائرية الصادرة الخميس على أن "ظهور الرئيس بوتفليقة لأول مرة قد ينهي الجدل حول وضعه الصحي لكنه طرح تساؤلات حول قدرته على ممارسة الحكم".

ونشرت صحيفة "الخبر" الواسعة الانتشار مقالا تحت عنوان "في أول ظهور لبوتفليقة بعد 48 يوما من العلاج..الصور تكذب التطمينات" في إشارة إلى تصريحات رسمية حول تحسن حالته.

وأشارت الصحيفة إلى أن المشاهد التي نشرها التليفزيون "تظهر أن بوتفليقة يجد صعوبة في تأدية بعض الوظائف الحركية قياسا لعدم القدرة على تحريك اليد اليسرى بشكل طبيعي".

وخلص التقرير بعد وصف حالة بوتفليقة إلى القول: "ستمكن هذه الصور الأولى لرئيس الجمهورية من نفي أنباء فرنسية عن وفاته، كما أنها تبدي بوتفليقة في مرحلة التعافي من الجلطة الدماغية، لكنها بالمقابل ستبقي لا محالة السجال السياسي قائما إن كان الرئيس قادرا فعلا على مواصلة مهامه الرئاسية التي تتطلب حدا أدنى من الحضور البدني".

من جهتها أكدت صحيفة "الوطن" أكبر جريدة ناطقة بالفرنسية في الجزائر أن "الصور المنشورة عن بوتفليقة تظهره كرجل متأثر إلى درجة كبيرة بالمرض".

واعتبرت الصحيفة أنه "رغم أن هذه الصور تهدف إلى ربح الوقت وتخفيف الضغط السياسي لكن الوضع الهش الذي ظهر عليه عبد العزيز بوتفليقة سيعيد إطلاق الجدل بشأن قدرته على العودة لقيادة البلاد".

من جهتها عنونت صحيفة "النهار" المقربة من النظام الحاكم مقالا لها حول الموضوع بـ "ثلاث دقائق تسكت المتآمرين على بوتفليقة" في إشارة إلى مدة الصور الحية لبوتفليقة.

ولفتت إلى أن اللقطات "كانت كافية لتعيد الأمل للجزائريين في رؤية الرجل الأول في الدولة، خاصة الإشاعات المغرضة التي تحدثت عن عجز بوتفليقة على تأدية مهامه وفي بعض الأحيان عن وفاته إكلينيكيا أو حتى وفاة كاملة".

ورأى أستاذ العلوم السياسية إسماعيل معراف أن "ظهور الرئيس بوتفليقة يحمل عدة رسائل سياسية أهمها رغبة من الجهات الرسمية في إنهاء مرحلة التعتيم بشأن وضعه فضلا عن إيصال رسالة بأنه انتهى سياسيا وليس هناك مشروع اسمه الولاية الرابعة".

وأوضح المتحدث أن "هذه الصور أيضا تؤكد أن البلاد دخلت في مرحلة ما بعد بوتفليقة وأن الترتيبات لذلك قد بوشرت فعلا".

وبشأن طريقة تسيير المرحلة القادمة سياسيا أضاف معراف أن "حسب اعتقادي أصحاب القرار سيسرعون بتعديل الدستور الذي يتضمن في مسودته استحداث منصب نائب الرئيس وهو منصب سيوكل للوزير الأول الحالي عبد المالك سلال وسيقوم الأخير بتسيير المرحلة القادمة إلى غاية إجراء انتخابات الرئاسة في موعدها شهر أبريل 2014".

ويقترب بوتفليقة، 76 عاما، من إكمال ولايته الرئاسية الثالثة، حيث بدأ ولايته الأولى عام 1999، ثم أعيد انتخابه في 2004 لولاية رئاسية ثانية، وفي العام 2009 بدأ ولايته الثالثة التي تنتهي بعد أقل من سنة من الآن، وتحديدا في شهر أبريل القادم غير أن الوعكة الصحية التي ألمت به جعلت السلطة الحاكمة أمام عدة خيارات للتعامل مع هذا الطارئ وتسيير المرحلة المتبقية من ولايته، بحسب خبراء حزائريين.

ومن هذه الخيارات تفعيل نص المادة 88 من الدستور الجزائري التي تقضي بأنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2/3 ) أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمة" إلى غاية تنظيم انتخابات جديدة.
الجريدة الرسمية