رئيس التحرير
عصام كامل

حروب "الماوس والكيبورد".. "الذباب الإلكتروني" سلاح معارك "الجيل الرابع".. وقطر الأكثر استخدامًا لـ"اللجان الإرهابية"

أمير قطر ..صورة أرشيفية
أمير قطر ..صورة أرشيفية

«لا مكان للبنادق أو الدبابات وحتى الصواريخ.. الذباب الآن هو السلاح الأكثر فتكًا».. إستراتيجية حربية جديدة فرضت نفسها على ساحات المعارك، فإلى جانب التكلفة القليلة مقارنة بـ«ميزانيات الحروب المفتوحة» والمواجهات المباشرة، فإن «الذباب الإلكتروني» يفتك بعدوك دون أن تكون هناك أية خسائر تذكر، طالما تمتلك المقدرة على إدارته وتوجيهه في الطريق الذي يناسبك.

الذباب الإلكتروني

«الذباب الإلكتروني» مصطلح بات يتردد صداه داخل عالم مواقع التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، وذلك في ظل زيادة مساحة الدور الذي أصبحت تلعبه اللجان الإلكترونية، والتي تحمل في أغلب الأحيان حملات تشويه مضللة ومشبوهة تتغذى على فضلات العالم الافتراضي عبر أسماء وحسابات وهمية على مواقع «فيس بوك»، و«تويتر»، و«تليجرام» و«إنستجرام»، وغيرها من المواقع الأخرى التي يديرها «مرتزقة» متخصصون في هذه النوعية من الحروب.

حروب «الذباب الإلكتروني» التي باتت في عالمنا الحالي حربًا منظمة تعلنها دول أو جماعات للنيل من نظام دولة ما من خلال استغلال الفراغ الناتج عن نقص المعلومات أو عدم دقتها.

لتتحول بدورها الصراعات التي تتم بأسلحة حربية إلى صراعات أخطر تتمثل في حرب إلكترونية، أسلحتها الحواسيب، جنودها مجهولو الهُوية يعملون بدورهم على ملاحقة المستخدمين والسيطرة عليهم عن طريق الإغراءات المالية أو محاولة إقناعهم بأيديولوجية متطرفة يتم الترويج لها من خلف الشاشات الإلكترونية عبر المواقع المختلفة التي كشفتها المتغيرات الدولية التي يعيشها العالم في السنوات الأخيرة.

عناصر الجيش الإلكتروني

أما عناصر جيش اللجان الإلكترونية التي يعرف بـ«الذباب الإلكتروني» فهم ليسوا أشخاصًا عاديين بل مبرمجين متخصصين في برامج معينة قادرة على صناعة «الهاشتاج» وإيصاله إلى أكبر عدد من الأشخاص، ليس هذا فحسب ولكن يمكنهم تحديد كيفية نجاح هذه الحرب التي يرغبون في إشعال فتيلها.

والتي تمكنهم بعد ذلك من إنشاء عدد لا نهائي من المقاتلين الأوفياء لهم، والذين بدورهم يعملون على إعادة نشر نفس الآراء في العالم الافتراضي بشكل أكبر ليراها الجميع وكأنها حقيقة لا يمكن التشكيك فيها نهائيًا.

قطر

وفي السنوات العشر الأخيرة انتشرت حسابات وهمية بشكل واسع عبر منظومة اعتمدتها إمارة قطر، ضمن إستراتيجية واضحة لممارسة حروب حقيقية من خلف شاشات الكمبيوتر، وذلك بعد أن استخدمت المنظمات الإجرامية والجماعات الإرهابية هذه المواقع كوسيلة لتهديد الأمن الدولي، في ظل عالم مفتوح الثقافات لا يعترف بالحدود الجغرافية.

وأصبحت المنظومة تسير نحو إنشاء ما يزيد على ألفي مؤسسة ومنظمة وهمية في أوروبا وأمريكا والدول العربية، لخدمة «الدوحة» ومشروعاتها ومهاجمة الدول المصنفة كعدو ثانيًا، والتي تريد قطر إلحاق الأذى بها أو ابتزازها سياسيًا.

وتم الكشف عن هذه الحسابات الوهمية التي تعمل تحت منصة «الذباب الإلكتروني» المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي جراء الأزمة الخليجية يونيو 2017، المتمثلة في إعلان الرباعى العربى (مصر، البحرين، السعودية، الإمارات) قطع العلاقات مع قطر، بعدما شنت الأخيرة حملة ممنهجة تجاه هذه الدول على غرار هذا القرار.

تمويل بالملايين

وبدورها أنفقت ملايين الدولارات من أجل إسكات أي صوت يزعجها عبر «الذباب الإلكتروني» الذي يدار بمسميات مختلفة في كل دولة مثل «اللجان الإلكترونية» في مصر، يذكر هنا أنه تم حصر كمية كبيرة لهذه الحسابات الوهمية، تمثلت في أكثر من 23 ألف حساب وهمي على موقع «تويتر» يعملون على مهاجمة السعودية والإمارات بحسابات مزيفة، وكان مصدر تلك الحسابات والأماكن التي تغرد منها (32% من قطر، و28% من لبنان، و24% من تركيا، و12% من العراق).

إيران

ليس ذلك فحسب بل تمكنت هذه النسب السابقة من كشف مدي الترابط السياسي بين قطر وإيران وحزب الله في لبنان، وتركيا التي عبرت بنسبتها عن موقفها من الأزمة والاصطفاف مع قطر ودعمها العسكري لها.

ورغم أنه لا يخفى على أحد وجود حسابات إخوانية متفرغة للدفاع عن النظام القطري ليلًا ونهارًا، إلا أن الغريب هنا أنه بعد ذلك القرار الذي اتخذته دول المقاطعة تحولت هذه الحسابات لأبواق تروج للنظام الإيراني رغم اختلاف الأيديولوجيات والثوابت، حتى إنها تمجده ضد دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة المقاطعة لقطر.

طرق المواجهة

وأصبحت أغلب هذه الحسابات تحلق في فضاء الإنترنت بأجنحة الكذب والتضليل، ورغم أن الحرب الإلكترونية أكثر خطرًا من الحرب المتمثلة في السلاح والمتفجرات، إلا أن فرص مواجهتها ممكنة من خلال العمل على عدة عوامل رئيسية.

والتي تتمثل في رفع الوعي لدى المجتمع بمخاطر الشبكات الاجتماعية والتهديدات التي يمكن أن يسقطوا ضحية لها نتيجة التسرع مثلًا في مشاركة تغريدة أو الانسياق وراء «هاشتاج» معين كونه أصبح «ترند» على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يصبحوا جزءًا من الذباب الإلكتروني.

وإلى جانب ما سبق هناك أدوار أخرى يجب على حكومات الدول اتباعها تتمثل في إصدار قوانين تلزم شركات الإنترنت والاتصالات بحظر الصفحات التي تبث الفتنة في المجتمع، وتطوير برامج تفصيلية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تحثهم على الابتعاد عن المواقع الخطيرة.

وحظر الصفحات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحض على العنف والكراهية وتشجع التطرف والإرهاب، مع توقيع بروتوكولات مع الشركات المشغلة للتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعية مثل «فيس بوك، تويتر، جوجل، إنستجرام، وتليجرام» وغيرها، بمساعدة الدول في ملاحقة المجرمين أو المتطرفين الذين يستخدمون مواقع التواصل لأغراض إجرامية أو إرهابية.

الجريدة الرسمية