رئيس التحرير
عصام كامل

نائب رئيس المحكمة الدستورية: التحول الرقمي تحقق بدعم كامل من مؤسسة الرئاسة.. والتنمية البشرية بداية مكافحة الإرهاب | حوار

المستشار بولس فهمي
المستشار بولس فهمي إسكندر نائب رئيس المحكمة الدستورية

المحكمة أرست مبادئ قضائية لضمان حرية الصحافة بما يضمن حق المواطن في المعرفة

أكد المستشار بولس فهمى إسكندر نائب رئيس المحكمة الدستورية، والمتحدث الرسمي باسمها، نجاح اجتماع القاهرة الرابع رفيع المستوى لرؤساء المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا الإفريقية، الذي عقد بالقاهرة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الفترة من 22 حتى 25 فبراير 2020، بمشاركة ممثلين عن 35 دولة و100 قاضٍ، وسفراء عدد من الدول وعدد من الخبراء الدوليين في القضاء الدستوري.

وقال إنه انعقد فى ظل اهتمام كبير من القيادة السياسية ، وأنه ان الأوان لجنى ثمار الاجتماعات السابقة عبر الثلاث سنوات الماضية .

وقال المستشار بولس فى حوار لـ" فيتو" أننا نثمن دور الصحافة وأن المحكمة أرست مبادئ قضائية لضمان حرية الصحافة ،بما يضمن حق المواطن فى المعرفة ، وأن منصتنا الرقميه بها العديد من الأحكام القضائية التى يستفاد منها العالم كله.

وأضاف أن ذلك الإجتماع كان مبادرة من المحكمة الدستورية المصرية لجمع جميع المحاكم الدستورية الأفريقية والدولية ، وأن المحكمة ستضيف جمع كبير من رؤساء المحاكم الأفريقية ، وذلك لمناقشة الموضوعات الدستورية والقانونية المهمة ذات الشأن المشترك وتبادل الخبرات . والى تفاصيل الحوار :

*كيف جاءت فكرة الإجتماع المصري لرؤساء المحاكم الإفريقية؟

البداية كانت في عهد رئيس المحكمة الدستورية الأسبق المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، في إطار الاهتمام المصري بأفريقيا، وهذا الاهتمام له أطر عدة ومحاور مختلفة، وكان لابد ان يكون المحور القضائي، وعلى وجه الخصوص القضاء الدستوري، من المحاور الفاعلة في دعم التعاون المصري الأفريقي، نتيجة ان الدساتير في دول العالم، الأغلب الأعم منها يتضمن قيما مشتركة فإذا كان التعاون متعذرا عند اختلاف الانظمة القضائية.

لكن بالنسبة للوثائق الدستورية يكون التعاون ميسرا لأننا أمام طموحات الشعوب في التنمية المستدامة، وبالتالي القيم الدستورية لا تختلف من دولة لأخرى، مثل قيم المساوة والإخاء والقيم المتعلقة بالعدالة وضمان حقوق التقاضي كلها عبارة عن مسائل مشتركة في المنظومة القضائية في كل الدول.

ومن هنا ولدت هذه الفكرة لعقد اجتماع رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا على اعتبار ان هناك بعض الأنظمة القضائية الافريقية لا يوجد بها الرقابة القضائية على القوانين، ولكن يوجد بها ما يعرف بالرقابة السابقة، ووجود مجالس دستورية مهمتها الرقابة السابقة على دستورية القوانين.

وتأتي أهمية اجتماع القاهرة في مناقشة العديد من القضايا التي تمكن القضاة الأفارقة من تحقيق ضمانات حقوق الإنسان بشكل احترافي في ظل التحديات والتغيرات التي تحققها التحولات المجتمعية والاقتصادية.

وأشدد على استمرارية التعاون على مستوى قضاة القارة لتحقيق تبادل الخبرات والمعارف في المجالات القضائية والدستورية. كما أن المحكمة الدستورية العليا تقوم بواجبها تجاه دول القارة الإفريقية، بالإضافة إلى تنفيذ توجيهات ورؤية مصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودورها المحوري فى زيادة الوعى لأبناء أفريقيا.

والتجمع الأفريقى قادر على تفعيل التعاون لاستعادة المفاهيم القانونية المعاصرة، والاعتراف الدولي الملحوظ بنتاج اجتماعات السنوات الثلاث الماضية، ونتاجه وتردد أصدائه في العديد من المحافل الدولية والوثائق الصادرة عنها، وهناك تطور كبير أحدثته الاجتماعات في التعاون الأفريقي لينعكس ثقل هذا التعاون على المستوى الدولي، ويصبح القضاء الأفريقي صوتا واحدا.

*ماهي أبرز المحاور التي ناقشها الإجتماع؟

ناقش الإجتماع عددا من المحاور أبرزها آليات التفسير الدستورى الذى تباشره المحاكم المختلفة فى القارة وتناول الدساتير المعمول بها فى حماية الحقوق الدستورية ومواجهة أي تهديدات تنال من استقرار الدولة، ويمتد إلى فكرة الإرهاب ومواجهتها من منظور دستورى، وكذلك محور النزاهة القضائية والشفافية فى مباشرة الوظيفة القضائية من حيث كيفية الأداء والمحاسبة وتحسين الأداء القضائى وما يتضمنه من مناقشة قضايا تكنولوجيا المعلومات وإحاطة المواطنين عبر العلانية والشفافية، والمحور الثالث حول التحديات التى يفرضها عصر التحول الرقمى والحوكمة المعلوماتية فى ظل سيادة القانون.

أما المحور الرابع فناقش الحقوق الاجتماعية المتصلة بمفاهيم التنمية المستدامة، فى ظل قلة الموارد مقابل تحقيق التنمية بين المتاح والمأمول وربطه بمنظور قانونى وقضائى لتحديد المساحات التى يعمل فيها القضاء لتحقيق التنمية دون المساس بحقوق وحريات الأفراد، وكذلك المحور الخامس حول العدالة الانتخابية، والدور الذى يلعبه القضاء فى هذه المنظومة فى عملية إجراء الانتخابات من حيث الإشراف والمراجعة القضائية، وإلى أى مدى يمارس هذا الدور دون المساس باستقلال القضاء ونزاهته وحياديته.

والمحور السادس حول حماية البيئة والحياة البرية ومناقشة التعديات فى الأماكن التى يوجد بها ثروات حيوانية وغيرها فى ضوء عدد من الاتفاقيات الدولية والثنائية ومتعددة الأطراف، وتعريف القضاء بالمفاهيم الجديدة التى استقرت عليها الأمم المتحضرة فى تناول قضايا البيئة.

*كيف تكون مواجهة الإرهاب دستوريا؟

هذه النقطة جديرة بالتأمل والتعمق في فهمها، لأنه حينما تعطي المواطن الحرية المنضبطة وحقوقه الاساسية وتقيم التوازن بين الحرية الفردية، وبين حق المجتمع في سلامته وأمنه وتثبيت دعائمه، عندما تخلق هذا التوازن من خلال أحكام المحاكم الدستورية التي تراقب القوانين المنظمة لهذا وذاك.

فمن هذا المنطلق، تبقى للمحاكم الدستورية دور فاعل في محاربة الارهاب.  ويوجد مسائل يبدو انها متناقضة، فإذا وصلت إلى نقطة التوازن في حق المواطن في التعبير عن رأيه وحقه في سلامته وأمنه الشخصي ، وفي المقابل حقوق الدولة في ضمان وسلامة أمن المجتمع بصفة عامة، وحقها في ضبط إيقاع التنمية فيها ودفع عجلة الانتاج، كل هذا يؤدي إلى أن المحاكم الدستورية تعمل على دعم التنمية البشرية وهي اللبنه الأولى في مواجهة ومكافحة الإرهاب.

وناقش الاجتماع مشكلة الإرهاب بوصفها مشكلة أفريقية وعالمية بالغة الخطورة كان الرئيس عبدالفتاح السيسى أول من حذّر منها، ودعا إلى التكاتف الدولى لمواجهتها، وهذه المشكلة لا تزال مصر قيادة وشعباً عازمة على القضاء عليها، تعاونها الأحكام القضائية العادلة والناجزة لتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع، ومن ثم تحقيق التنمية والاستقرار.

*حدثنا عن كيفية مواجهة استخدام السلاح بمنظور قانونى ؟

هذا وضع طبيعي جدا أن يكون اسكات البنادق ونزع السلاح مسألة من المسائل التي ترتبط بالنواحي الدستورية حتى لو بطريق غير مباشر، لأن الجماعات المناهضة لأنظمة الحكم تلجأ لاستعمال السلاح حينما يحدث نوع من عدم التنمية البشرية، ولذلك مفهوم التنمية البشرية يأتي من خلال عدة طرق، من بينها تفعيل القانون وسيادة القانون في الدولة، كل هذه ضوابط دستورية منصوص عليها في كافة الوثائق الدستورية وموجودة بالفعل في الدول الإفريقية.

*كيف انعكس نجاح مصر في رئاسة الإتحاد الإفريقي علي المشاركة هذا العام؟

تولي مصر لرئاسة الاتحاد الافريقي في دورته الـ33 ، انعكس بشكل كبير على القضاة الأفارقة، حيث رأوا أنهم لابد ان يكونوا على أجندة النجاحات التي حققها رئاسة مصر للاتحاد الافريقي، ولذلك كان من ضمن التوصيات للاجتماع الحالي هو دعم روح التحدي والمثابرة وكم الانجازات التي تحققت على مختلف الأصعدة في فترة قيادة مصر، وكان لذلك صدى وأثر كبير في اهتمام الدول وحجم تمثيلها والمشاركة في هذا الاجتماع.

*ماذا عن حرية الصحافة التى تقصدونها من منظور دستورى ؟

حرية الصحافة مطروحة دائما على مائدة البحث، باعتبارها أنها ترتبط ارتباطا وثيق بحرية التعبير، أو ما نسميه ايضا الحق في التعبير، فحرية الصحافة بمختلف ألوانها، سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية أو حتى الصحافة الجديدة في ثوبها المتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها مفردات واحد آليات التعبير، والمحكمة أرست مبادئ قضائية لضمان حرية الصحافة بما يتضمن حق المواطن في المعرفة، ومنصتنا الرقمية بها العديد من الأحكام القضائية التي يستفيد منها العالم كله.

*ماذا عن ملف التحول الرقمي للمحكمة؟

التحول الرقمي للمحكمة الدستورية العليا جاء بدعم كامل من مؤسسة الرئاسة والحكومة المصرية، لأن فكرة التحول الرقمي تستدعي إمكانيات مالية وإمكانيات للتواصل مع ثقافات مختلفة، وبالتالي هذه الخطوة تحتاج إلى تدخل مباشر من وزارة الاتصالات. 

*ما الذي تقدمه تلك المنصة الرقمية ؟

المنصة القضائية الرقمية الافريقية، هي بوابة موحدة للمحاكم الدستورية الافريقية لتكون بمثابة منصة رقمية تربط الهيئات القضائية فى جميع أنحاء القارة، وتتيح تبادل المعلومات، وأفضل الممارسات، فى جميع المسائل المتصلة بالعدالة فى أفريقيا من أجل تحقيق المنفعة لشعوبنا، ولجميع الدارسين على مستوى العالم.

حيث يتيح الموقع مساحات مخصصة لـ٥٦ بلدا افريقيا،  لعرض الدستور الخاص لكل بلد، والقوانين المنظمة للمحكمة، والهيكل التنظيمى للمحكمة و السيرة الذاتية لكل عضو، والأحكام الدستورية الخاصة بالمحكمة، والأحداث التى تخص المحكمة. ويقدم الموقع خدماته للزائرين من خلال خمس لغات وهى العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية، والتى تشمل التعليم الإلكتروني، والبحث عن الأحكام فى دول مختلفة عن طريق الكلمات الدلالية، كما يتيح الموقع للأعضاء فقط خاصية التواصل والتراسل فيما بينهم لتبادل الخبرات والآراء الدستورية.

وتوفير شبكة رقمية قضائية للتواصل بين مختلف الجهات القضائية فى القارة الإفريقية يعد أحد الخطوات البارزة فى مسيرة طويلة من العمل الافريقى المشترك فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث تسعى مصر من خلال مبادرة التعاون الإفريقى إلى تقديم شراكة استراتيجية مع الدول الأفريقية الشقيقة لتعزيز التحول الرقمى الذى يتيح للمواطنين الاستفادة بالخدمات الإلكترونية المختلفة فى أى وقت وفى أى مكان بما يساهم فى تيسير حياة المواطنين ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

حيث تعرض المبادرة التجربة المصرية للتحول الرقمى والتى تم من خلالها ميكنة العديد من الخدمات الحكومية وكذلك تقديم المحتوى الإخبارى والمعلوماتى والإرشادى لذوى الإعاقة وخدمات التعداد الإلكترونى وغيرها من الخدمات الرقمية.

*هل دعم الرئيس للإجتماع رؤساءالمحاكم الأفريقية نواة لجنى ثمار التقدم والمشاركة فى بناء الدول ؟

هذا الإجتماع عقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى بالفعل، ورئيس الجمهورية دائم الاهتمام بالتواصل مع افريقيا، ليس فقط على البعد الجغرافي انما هو بعد وعمق مستديم لمصر، باعتبارها جزءا من العالم الافريقي لا يمكن أن تنفصل عنها، وبالتالي كان كل جهد يوجه لدعم هذا التعاون، يدعمه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويتعداه ويوفر له من خلال الحكومة كل الوسائل التي تكفي لانجاحه.

كما أن الرئيس يدعم مشاركة أفريقيا فى الثورة الصناعية الحديثة، ويدعم التعاون بين دول القارة لتحقيق هذا الركب من التنمية، وما يعكسه من التعاون فى مختلف المجالات، ومنها المجالات القضائية، للتعاون فى ما بينها لتتواكب مع مقتضيات العصر لتحقيق التناغم والتعاون بين مختلف القطاعات ومواجهة التحديات وتخطى المعوقات.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو”

الجريدة الرسمية