رئيس التحرير
عصام كامل

الوصاية فى زمن الإخوان


من المصطلحات التي أسقطها المستعمرون من قواميسهم القديمة..( لغة الوصاية)، وهي فرض كل ما يروق لهم علي الدول المستعمرة... ورغم أن الاستعمار لم يعد كما كنا نعرف...إلا أن أشكاله وألوانه قد تغيرت..فقد أسقط لغة الوصاية..ربما لأنها لا تواكب العصر...لغة الوصاية هى ما يحاول الإخوان المسلمون ترسيخها.. فهم لا يفرقون بين العلاقات الإنسانية التي يحرص عليها كثير من الناس.. وبين الاختلاف في الرؤي والأفكار...إنها ليست عقيدة...وزيادة علي ذلك فهم يظنون وبعض الظن إثم...أنهم وحدهم من يمتلكون الحقيقة... أما غيرهم فهم المغيبون..الخطاءون علي الدوام.


وقد سئل الإمام الراحل الشيخ محمد الغزالي عما فعله الإمام الخميني إبان الثورة الإسلامية في إيران...وكيف أنه قتل الآلاف من خصومه...وزج بأقرانهم في السجون..فكانت قولته الإسلام حجة علينا جميعاً.. فالخميني بشر يصيب ويخطئ وما فعله يقاس بموازين الشرع الحنيف...

كلام الشيخ الغزالي عليه رحمة الله أحد أقطاب الحركة الإسلامية في القرن الأخير..لا يمكن تغافله...أو التقليل من قدره..وهو من هوانه الفقيه والكاتب والأديب والمفكر والداعية والمتحرر من كل ما يعوق الفكر.. وإذا كان الشىء  بالشىء يذكر...فإن انتقاد حكم الرئيس محمد مرسي يعد من الأمور المشروعة ويأثم من يتخاذل عن ذلك.. ليس طعناً في شخص الرجل ولا في نواياه..ولكن من باب النصيحة التي هي واجبة علي عموم المسلمين لولاتهم وحكامهم...

وكنا نود بدلاً من سيل الشتائم التي تنهال علي المخالفين والتي طالت في كثير من الأحيان... الأمهات في قبورهن... والآباء في عالمهم الأخروي.. أن تناقش الأفكار بالحجة والبرهان.. والكلمة بما يفندها دون شطط.. وقد أمرنا بمجادلة الآخرين بالتي هي أحسن..

لي علاقات متشعبة مع كثير من قيادات الإخوان..وهي علاقات قديمة ومتجددة...وأعتز بصداقتهم...وفيهم ومنهم من يحرص علي زيادة هذه المساحة من الود...إلا أنني تفاجئت في الأيام الأخيرة بحالة من ضيق الصدر تعتري بعضهم...لآمال فشل الرئيس في تحقيقها...وأزمات أخفقت حكومته في إيجاد حلول لها...ووعود كنا ننتظر ترجمتها علي أرض الواقع...وجرائم طمست معالمها... ومازال الجناة يرتعون ويلعبون وقد فلتوا من عقوبتهم... ومظالم وقعت علي رءوس الكثيرين.. صحيح أنهم لم يتوجعوا.. فقد آثروا أن تعود الحقوق في يوم تبيض فيه وجوه وتسود وجوه...

أصدقائي الإخوان لهم كل العذر..فربما خلطوا بين مكانتهم في القلوب وإخفاقات لابد من مواجهاتها...من باب أن الدين النصيحة. . وطوبي لمن أهدي إلي عيوبي... وقد قالها الرئيس نفسه: ( لو رأيتم في اعوجاجاً قوموني) وإن سبقه إليها أبو بكر وعمر رضي الله تعالي عنهما..قد يري أصدقائي من الإخوان أن الحياة بقي لونها بمبي...ويراها غيرهم حالكة بالسواد...فهذا لا يضيرهم ..

فقط مطلوب منهم أن يغيروا الصورة علي أرض الواقع..غير أن ما يدعوك إلي الانتباه هو العصبية التي لحقت ببعضهم في الشهور الأخيرة...فأنت عندما تخالفهم الرأي.. فأنت فل..وأنت رجعي.. وأنت من تلطخت يدك بالدماء.. وأنت من كنت سبباً في إفشال كل المشاريع الإسلامية، هكذا يرون... الذي أعرفه أن المسلم لا يمكن أن يكون إمعة...إذا أحسن الناس أحسن.. وإذا أساءوا أساء.. والي كل أحبابي وأصدقائي من الإخوان..لكم في القلب مكانة...وهذه المكانة لن تثنيني عن قول الحق...أينما وجدته...ويقيني أنكم تتفقون معي في ذلك...وعلي الله قصد السبيل ..
الجريدة الرسمية