وزير المالية: جاهزون لأي متغيرات اقتصادية عالمية.. اقتصادنا تعافى.. ولدينا أكثر من سيناريو لمشروع الموازنة العامة يناسب كل الظروف
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الاقتصاد المصرى قد تعافى، وأصبح قادرًا على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، وامتصاص أي صدمات خارجية، لافتًا إلى أن هناك أكثر من سيناريو أو تصور لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، يُناسب كل الظروف المُحتملة على ضوء المستجدات الاقتصادية على الساحة الدولية.
وقال معيط إنه يتابع يوميًا عبر منظومة إدارة المعلومات المالية الحكومية حجم الإيرادات والمصروفات على النحو الذى يضمن انضباط الأداء المالى، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية لموازنة العام المالى الحالى؛ بما يحافظ على ما حققناه من نجاحات اقتصادية حظيت بإشادة مختلف المؤسسات الدولية، مشيرًا إلى أن ضخ ٢ مليار جنيه لتطوير الطرق الداخلية بالمحافظات، و٧ مليارات جنيه لمبادرة «حياة كريمة» للقرى الأكثر احتياجا، أسهم فى توفير فرص عمل جديدة.
وأضاف فى لقائه مع كبار الكُتاب والإعلاميين فى الحلقة الثالثة من الحوار المجتمعى حول مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، أن الوضع الاقتصادى المصرى جيد ومطمئن، وأن شجاعة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتحمله مسئولية اتخاذ القرارات الصعبة ومنها: قرارات الإصلاح الاقتصادى، جنبت مصر مخاطر كثيرة، باتت واضحة للجميع، وأسهمت فى تحسين مؤشرات الأداء الاقتصادى، مشيرًا إلى أن الإصلاح الاقتصادى لا يعنى أبدًا «خنق المصروفات» بل يستهدف خفض معدلات العجز والدين للناتج المحلى، وزيادة النمو الغنى بالوظائف، وإرساء دعائم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية على النحو الذى يُسهم فى تحسين معيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم.
وأوضح أنه لا جدوى من وراء أي إصلاح اقتصادى دون بناء الإنسان صحيًا وتعليميًا، ولذلك تحرص الحكومة على زيادة أوجه الإنفاق والاستثمارات فى الصحة والتعليم عبر مبادرات فعالة تسهم فى تحقيق الجودة الشاملة والمستدامة فى هذين القطاعين الحيويين؛ بما يشعر معه المواطن بتحسن مستوى الخدمة، لافتًا إلى أنه تم استيفاء النسب الدستورية المقررة للصحة والتعليم بالموازنة، باعتبارهما الركيزة الأساسية لبناء الإنسان، ومن المقرر أن تشهد موازنة العام المالى المقبل تعزيز المخصصات المالية الموجهة للتدريب؛ بما يسهم فى رفع كفاءة الكوادر البشرية بالجهاز الإداري للدولة.
وأشار إلى أننا استطعنا العام المالى الماضى الإنفاق على مصروفاتنا من موأردنا الفعلية، وسجلنا المركز الثانى عالميًا بعد الأكوادور فى الفائض الأولى بنسبة ٢٪ من الناتج المحلى، والسادس فى النمو بمعدل ٥,٦٪، والأول فى خفض الدين خلال عامين بنسبة ١٨٪، بما يعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى أشادت به مديرة صندوق النقد الدولى قائلة: «مصر نجم ساطع عالميًا فى مجال الإصلاح الاقتصادي».
وأكد الوزير أن إستراتيجية خفض الدين للناتج المحلى ترتكز على تنويع مصادر التمويل، وتقليص خدمة الدين، وعلى ضوء ذلك تم التقدم بمشروع قانون «الصكوك السيادية الحكومية»، بهدف جذب مستثمرين جدد ممن لا يستثمرون فى الإصدارات الحكومية الحالية من الأوراق المالية أو أدوات الدين، بما يوفر سيولة إضافية للاقتصاد المصرى، وأيضا يخفض تكلفة تمويل الاستثمارات، موضحًا أنه تم لأول مرة أيضا طرح سندات خضراء سيادية حكومية بهدف توسيع قاعدة المستثمرين بالسوق المصرية، وترسيخ الدور الريادى لمصر فى تبنى سياسات محفزة للاستثمارات النظيفة، وتوفير التمويل المستدام للمشروعات الصديقة للبيئة.
وتابع بأن السندات الدولارية لأجل ٤٠ عامًا التى طرحتها مصر بقيمة نصف مليار دولار شهدت إقبالا كبيرًا من المستثمرين، ووصل حجم الاكتتاب عليها إلى ٦,٧٥ مليار دولار؛ بما يعكس ثقة المستثمرين فى أداء الاقتصاد المصرى.
ولفت إلى أن الحكومة حريصة على الاستمرار فى إرساء دعائم الأمان المالى والاقتصادى للدولة، من خلال الانتقال إلى الإصلاح الهيكلى للاقتصاد المصرى عبر برنامج واضح بمبادرات مُحددة وفعالة، تسهم فى خلق فرص عمل جديدة واستدامة تحسن هيكل النمو ورفع معدلاته، مؤكدا أن الموازنة المقبلة ستشهد إطلاق أكبر حزمة تحفيزية لدعم الصناعة الوطنية وتعظيم قدراتنا الإنتاجية، وفتح آفاق جديدة لنفاذ الصادرات للأسواق العالمية.
وأوضح معيط أن وزارة المالية تعكف على إنجاز ١٠ تشريعات جديدة تُعد جزءًا من برنامج الإصلاح الهيكلى وهى: «الشراكة مع القطاع الخاص، والصكوك السيادية الحكومية، والجمارك، والمالية العامة الموحد، والحسابات الختامية، والإجراءات الضريبية الموحد، والضريبة على الدخل، وتعديلات ضريبة القيمة المضافة، وتعديلات قانون التأمين الصحى الشامل، وقانون الموازنة العامة للدولة»، لافتًا إلى أنه تمت مراجعة شرائح الضريبة على الدخل، وهناك دراسة متكاملة فى هذا الشأن، وأنه سيتم تعديل المعاملة الضريبية والجمركية لصناعة الورق لصالح الإنتاج المحلى.
وأكد أن الحكومة ملتزمة بالمضى قدمًا نحو تحسين معيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم، وزيادة الإنفاق على الاستثمارات، وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية، وإصلاح هيكل الأجور بحيث تصل عوائد التنمية وثمار الإصلاحات الاقتصادية لكل فئات المجتمع خاصة بالمناطق الأكثر احتياجا.
وقال إن الحكومة مستمرة فى التعاون مع مختلف المؤسسات الدولية، ومنها صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، بما يساعد فى تحقيق المستهدفات المالية، واستدامة تحسن المؤشرات الاقتصادية، على النحو الذى يضمن قوة وصلابة الاقتصاد القومى، مؤكدًا أهمية النظرة الموضوعية التى تعكسها المؤسسات الدولية فى تقييمها لأداء الاقتصاد المصرى.
وأضاف معيط أنه بنهاية العام الحالى سنكون قد قطعنا شوطًا كبيرًا فى المشروع القومى لتحديث وميكنة منظومة الإدارة الضريبية؛ بما يساعد فى حصر المجتمع الضريبى بشكل أكثر دقة، وتوسيع القاعدة الضريبية، ودمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، وتحصيل حق الدولة «بما يرضى الله»، موضحًا أن منظومة الإقرارات الإلكترونية نجحت فى كشف العديد من حالات التهرب الضريبى، خاصة بعد الربط الإلكترونى لمنظومتى الضرائب والجمارك، وقد تم ضبط ٢٥ حالة مؤخرًا بقيمة فاقد ضريبى ١٨ مليون جنيه تم تحصيلها لصالح خزانة الدولة.
وأوضح أن وزارة المالية تسعى إلى التوسع فى المراكز الضريبية المدمجة باعتبارها أحد روافد تطوير المنظومة الضريبية؛ بما يسهم فى تبسيط الإجراءات وميكنتها، حيث يعمل كل من هذه المراكز كوحدة واحدة ويختص بإدارة الضريبة على الدخل، وضريبة القيمة المضافة، والضرائب العقارية، والرسوم الجمركية.
وأشار وزير المالية إلى أنه سيتم أيضا بنهاية العام الحالى ربط كل الموانئ بشبكة إلكترونية موحدة عبر منظومة «النافذة الواحدة»؛ بما يسهم فى تبسيط الإجراءات، وتقليص زمن الإفراج الجمركى، وذلك جنبًا إلى جنب مع تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات للسيطرة على الشحنات المصدرة لمصر قبل شحنها من بلد التصدير بهدف تقليل زمن البحث والتحليل أثناء وجود البضائع فى الميناء.
وأكد أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسى، أننا نحرص فى إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة على تلبية أولويات الشعب المصرى والحفاظ على الانضباط المالى، وتعزيز التنمية البشرية وطرح مبادرات مُحددة المدة والهدف للصناعة والتصدير باعتبارهما قاطرة النمو الاقتصادى، لافتًا إلى أن هناك لقاءات متواصلة مع المستثمرين المحليين والأجانب على النحو الذى يسهم فى تذليل أي عقبات وتشجيعهم على التوسع فى استثماراتهم بمصر.
ولفت إلى أن خروج الأجانب من المحافظ أو الأوراق المالية الحكومية فى بعض البلدان قد يكون نتيجة تحقيق أرباح كبيرة فيها، مقابل خسائر فى بلاد أخرى، ومن ثم يلجأ لاستخدام عائد هذه الأرباح فى تغطية تلك الخسائر.
وذكر الدكتور إيهاب أبو عيش نائب الوزير للخزانة العامة، أن الإصلاحات الهيكلية تتضمن تيسير التعاملات الجمركية والضريبية والخدمات الحكومية للمستثمرين والمواطنين، لافتًا إلى أنه يتم إدارة المخاطر المرتبطة بالموازنة العامة للدولة وفقًا لأحدث الخبرات والمعايير الدولية، من خلال آلية مؤسسية تضمن التعامل الأمثل معها، وقد تضمن مشروع قانون المالية العامة الموحد آليات جديدة لاحتواء هذه المخاطر.
وأضاف أبو عيش أن التحول الرقمى لمنظومة الإدارة الضريبية يسهم فى دمج القطاع غير الرسمى فى القطاع الرسمى، ومكافحة التهرب الضريبى.
وأعرب المشاركون فى الحوار المجتمعى من كبار الكتاب والإعلاميين عن تقديرهم لهذه المبادرة التى ترسخ الشراكة الوطنية بين الحكومة ومختلف شرائح المجتمع فى مشروع إعداد الموازنة العامة للدولة، وأشادوا بالتجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى، واستعرضوا بعض المتغيرات الاقتصادية العالمية متسائلين عن الآثار المحتملة لها على الاقتصاد القومى، إضافة إلى أولويات الحكومة خلال المرحلة المقبلة والمخصصات المالية للصحة والتعليم، وبرامج دعم الصناعة والتصدير، وسبل إنقاذ صناعة الورق محليًا، وآليات مواجهة التهرب الضريبى، وتحصيل حق الدولة.