هل تورطت قطر في محاولة اغتيال رئيس وزراء السودان؟
طرح التوقيت الذي وقعت فيه محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، عن طريق سيارة ملغمة انفجرت مع مرور موكبه، العديد من التساؤلات حول الجهة الموتورة التي قد تكون خططت لتنفيذ ذلك العمل الإرهابي، فقد جاءت محاولة الاغتيال في وقت اتخذت فيه الحكومة السودانية العديد من الإجراءات التي استهدفت تطهير مؤسساتها من فلول نظام البشير وحلفائهم المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية والمدعومين من قطر، لوقف سيطرتهم على المواقع القيادية في النقابات والاتحادات والمنظمات المجتمعية.
وكانت النيابة العامة السودانية، أعلنت في 13 فبراير اكتشاف «خلية إرهابية» تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي، قالت إنها كانت تُخطط لهجمات في البلاد، وأوضح مكتب النائب العام السوداني- بحسب وكالة الأنباء السودانية- أن وكيل نيابة في إحدى ضواحي العاصمة الخرطوم، سجل دعوى ضد عنصر في «خلية إرهابية؛ كانت تُخطط لتنفيذ تفجيرات» في مدن سودانية. وذكر مكتب النائب العام السوداني: «أقر المتهم بتلقيه تدريبًا على صناعة وتركيب المتفجرات، وأنه تم إرساله وبقية أعضاء الشبكة عن طريق التهريب (قبل أشهر إلى السودان)، وأن الهدف من الشبكة كان تنفيذ عمليات تفجيرية داخل السودان».
وأعادت قطر خلال الفترة القليلة الماضية فتح قنوات «ضخ الأموال» إلى الداخل السودانى مرة أخرى، بعد أشهر من إغلاقها بأمر الثورة، في إطار سعيها للسيطرة على مفاصل المؤسسات الحكومية السودانية، الأمر الذي تنبهت إليه القيادة السودانية الجديدة وبدأت اتخاذ العديد من التدابير الخاصة لمنع تغلغل الأموال القطرية في مفاصل الدولة عبر كيانات تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية المقربة من نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، أبرزها تجميد أنشطة العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تختبئ وراء العمل الإنساني والنقابي والرياضي والدعوي، فضلًا عن تجميد مراكز البحوث التي يرأسها قادة جماعة الإخوان الإرهابية في السودان.
السعودية: محاولة اغتيال رئيس وزراء السودان عمل إرهابي جبان
وفى نفس السياق أصدرت مفوضية العون الإنساني السودانية «HAC» في نوفمبر الماضي مرسومًا بإلغاء تسجيل 24 منظمة معروفة بعلاقتها بنظام «البشير»، وأكثر هذه المنظمات الإنسانية شهرة هي مؤسسة «سند» التي تديرها زوجة «البشير» والاتحاد الوطني للشباب والاتحاد النسائي والاتحاد العام للطلاب السودانيين ومؤسسة حسن أحمد البشير الخيرية التي يديرها شقيق الرئيس المخلوع، وأصدرت وزارة العمل بيانًا يشير إلى وجود مخالفات في إجراءات التسجيل وجمع الأموال والمخالفات في الاتفاقات الفنية لهذه المنظمات.
جدير بالذكر أن هذه المنظمات تمتعت لسنوات بإعفاءات من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، ومنحت الأراضي لبناء المكاتب والمنشآت، ناهيك عن تلقى نحو 750 مليون دولار من قطر خلال السنوات الخمس الماضية، كما تعتبر الاتحادات الطلابية في المدارس والجامعات واحدة من أهم أدوات الغطاء السياسي المتمدد للإخوان والمدعوم من قطر في السودان، وتمكن الإخوان عبرها من السيطرة على مفاصل الحياة الجامعية السودانية طوال حكم نظام البشير المخلوع، وفي أكتوبر الماضي، أقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك 28 من أساتذة الجامعات، وتأتي عمليات التطهير وسط الإحباط المتزايد داخل المؤسسات الحكومية المختلفة حول استمرار وجود النظام السابق وكبار مسئولي الإخوان الإرهابية في هياكل الدولة المختلفة.
وفي ديسمبر قررت وزارة التعليم السودانية أيضًا حل أقسام النشاط الطلابي التي تسيطر عليها جماعة الإخوان الإرهابية في المدارس، ومثل الاتحادات الطلابية، سيطر الإخوان على النقابات والجمعيات المهنية طوال عهد النظام السابق، وفي ديسمبر أيضا أصدر بنك السودان المركزي قرارًا بتجميد وحفظ الأصول والحسابات للنقابات العمالية المنحلة حديثًا والاتحادات، كجزء من خطة تفكيك نظام الإخوان الإرهابي، وصرح البنك المركزي السوداني أن «الإجراء يأتي وفقًا لقرار تفكيك عمليات تمكين الجماعات الإرهابية على مدار سنوات، ومحاربة الفساد واستعادة الأموال وحل النقابات والاتحادات المهنية، مع تشديد الخناق على الدعم القطري للإخوان في السودان».
خطوات «الخرطوم» التطهيرية دفعت «الدوحة» إلى محاولة لفتح مجالات جديدة لتعويض خسائرها في السودان، بالتنسيق مع البنك المركزي القطري، وأطلقت مؤسسة «صلتك» القطرية مبادرة لتمويل الشباب من خلال البنوك ومؤسسات التمويل من خلال تقديم تعهدات بضمان تمويل أكثر من مليوني شاب، ابتداءً من عام 2020 يتم تقديمهم إلى 170 ألف شاب لمدة ثلاث سنوات وبالشراكة مع بنك الادخار والتنمية الاجتماعية خلال الفترة المذكورة، وتم وصف هذه المبادرة بأنها حصان طروادة القطري لإعادة جماعة الإخوان الإرهابية إلى القطاع المصرفي السوداني.
وظهرت ملامح رفض الإدارة الجديدة في السودان لـ«العبث القطري» في الشئون الداخلية للبلاد، في أغسطس من العام الماضي، وتحديدًا بعدما انتشرت أنباء حول رفض المجلس العسكري في السودان استقبال وفد قطري برئاسة وزير الخارجية، عبد الرحمن آل ثاني، ورغم نفي المجلس العسكري في السودان هذا الأمر، وقوله إنه لم تصل أي طائرة قطرية إلى الأراضي السودانية، إلا أن نائب رئيس المجلس العسكري السوداني السابق، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، قال إن «مقاطعة قطر من أول مرة، وعدم استقبالهم القطريين يعد خطأ»، مؤكدا أنه كان من المفروض أن يتم استضافتهم كما جرى مع الآخرين.
وفي نفس السياق، أكد مصدر لـ«فيتو» أن قطر بعد شعورها بأن دورها يتراجع في السودان، حاولت تعويض ذلك الدور بطرق أخرى عن طريق التنسيق مع قيادات النظام الراحل، وبحث طرق مواجهة موجة الرفض من جانب الإدارة الجديدة لسيطرة وكلائها على المنظمات والنقابات والاتحادات، ووضع العراقيل أمام حكومة «حمدوك» من أجل إثبات فشل الإدارة التي أدرات ظهرها إلى الدوحة، وبالفعل تزامن مع وصول ما يسمى بمساعدات إنسانية وإغاثية قطرية إلى السودان، كشفت السلطات السودانية احتوائها على أسلحة بدارفور، مع عملية تمرد خاضها بعض المحسوبين على نظام البشير في جهاز المخابرات العامة.
وأضاف المصدر أن «المخابرات القطرية عقدت العديد من اللقاءات خلال الفترة الماضية مع قيادات الجماعة الإرهابية في السودان وبعض رموز نظام البشير، وضعت خلالها الخطوط العريضة لاستغلال الدولة العميقة في قيادة ثورة مضادة تحاول إحباط محاولات تطهير مؤسسات الدولة، وإعادة تشكيل الصفوف لاستعادة المناصب التي فقدتها على مدار الأشهر الماضية باستخدام وجوها جديدة تتوافق عليها، وقدمت الدوحة تعهدات بتوفير الدعم المادي اللازم من أجل تنفيذ مخططها المشبوه لقلب الموازني في الخرطوم وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في زمن حكم البشير».