أزمات "صحة بني سويف".. 3 مستشفيات دخلت نفق "التطوير".. الجمعيات الخيرية ترفع ثمن "الفيزتا".. واستقالات جماعية للأطباء
«التطوير يجري.. ولكن الافتتاح مع إيقاف التنفيذ».. جملة من الممكن استخدامها لتلخص حالة المنشآت الصحية في غالبية مراكز ومدن محافظة بنى سويف.
ليس هذا فحسب، لكن إلى جانب تأخر معدلات تنفيذ مشروعات التطوير، تدهورت الخدمات المقدمة داخل القطاع الصحى، نتيجة تحويل المستشفى العام إلى تخصصي ونقله لأمانة المراكز الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، وكذلك دخول 3 مستشفيات مركزية مرحلة التطوير والإحلال والتجديد.
إضافة إلى أعمال الصيانة الجارية بمستشفى التأمين الصحي، وعدم تجهيز المستشفى الجامعي لمواجهة مطالب آلاف المرضى، الذين لجأوا إليها باعتبارها السبيل الوحيد في القطاع الحكومي أمامهم.
المستشفى التخصصي
أزمات «الصحة» في بنى سويف بدأت تحديدًا مع دخول مستشفى بني سويف العام عملية تطوير شاملة، منذ عام 2013م، تُنفذ على 4 مراحل، ومع انتهاء المرحلتين الأولى والثانية، وافتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمستشفى رسميًا، أعلنت الحكومة عن قرار نقل تبعيته لأمانة المراكز الطبية المتخصصة، وتغيير اسمه إلى «مستشفى بني سويف التخصصي».
وهو ما قوبل برفض شعبي وبرلماني من جانب أعضاء مجلس النواب عن المحافظة، وعقب صدور القرار، تقدم بعض نواب المحافظة، بطلب إحاطة إلى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، جاء فيه: تم افتتاح مستشفى بني سويف العام، وإلحاقه إلى الأمانة العامة للمراكز المتخصصة بمجلس الوزراء، حيث إنه المستشفى الوحيد المجاني ببني سويف الذي يقدم خدماته لأهالي المحافظة من عمليات المخ والأعصاب والقلب المفتوح وحضانات الأطفال وأجهزة التنفس الصناعي.
أسعار رمزية
وهذه الخدمات كانت بسعر رمزي، وفوجئنا بالقرار مما يعني أن الخدمة ستكون بمقابل مادي، ما يمثل عبئًا على المواطنين، ونحن في فترة يعانى منها الجميع من غلاء الأسعار وأعباء المعيشة.
مستشفى إهناسيا
فيما تسبب تأخر أعمال تطوير مستشفى إهناسيا المركزي ببني سويف، في حرمان أكثر من 700 ألف مواطن، من الخدمة الطبية الحقيقية، منذ 5 سنوات تقريبًا، بدأت مع إخلاء مبنى المستشفى القديم، في بداية 2015 لتسليمه.
واقتصرت الخدمة المتوفرة على العيادات الخارجية بإمكانيات محدودة، بعد نقلها من المستشفى لمنطقة ورش الحرفيين ومنها لمبنى مجمع الخدمات التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، ونقل الاستقبال لمبنى المركز الصحي الحضري، ليقدم خدمة تشبه الإسعافات الأولية، ويتم نقل الحالات فور دخولها لمستشفيات بني سويف العام أو الجامعي.
وفى هذا السياق قال أيمن بدران، مدرس: أهالي مركز إهناسيا والقرى التابعة له يعيشون ماسأة حقيقية منذ 5 سنوات تقريبا، بسبب إغلاق المستشفى المركزي ودخوله عملية إحلال وتجديد، وكان مخططا لها أن تنتهى في غضون 24 شهرًا لكن لم تنته إلى الآن وتوقفت الأعمال عند مرحلة البناء والتشطيب، حُرمنا من الخدمة الطبية، والعمل متوقف بالمستشفى ولا نعلم متى سيتم استئناف أعمال التطوير التي قاربت على الأربع سنوات.
وقال محمود سلامة، مهندس زراعي: إن «المستشفى يؤدي خدمة أشبه بالإسعافات الأولية وجميع الحالات يتم تحويلها لمستشفى الجامعة أو لمستشفى بني سويف الذي يعد الأقرب لمركز إهناسيا، ويصل إليه أهالي المريض في ساعة تقريبا، وهو ما يعني تعرض الحالات الحرجة للموت المؤكد، مضيفًا: نحتاج إلى الانتهاء الفوري من تطوير المستشفى وسرعة تسليمه للصحة لإنقاذ المرضى والحالات الحرجة من الوضع المهين الذي نعيشه».
الخيرية والاستثمارية
معاناة أهالي بني سويف، زادت بعد انحراف المستشفيات الخيرية عن مسارها وتحولها لمستشفيات «استثمارية» تهدف إلى الربح المادي أولًا، وكذلك تدني الخدمة بالمستشفيات الحكومية التي تؤهلها إداراتها حاليًا للخروج من عباءة «المجانية» إلى «الاستثمارية» بتعديل لوائح أسعار علاجها لتنافس في أسعارها الجديدة المستشفيات الخاصة.
يذكر هنا أن هذه المستشفيات «الخيرية» في بدايتها، كانت الملجأ الأول للفقراء والبسطاء وغير القادرين على نفقات المستشفيات الخاصة، وكذلك الهاربين من جحيم إهمال مستشفيات الحكومة، إلى أن تدنت الخدمة ببعض هذه المؤسسات الطبية.
واستغل القائمون على العمل في هذه المستشفيات فقر الغلابة وضعفهم ليقوموا بقهرهم وإذلالهم ومعاملتهم أسوأ معاملة وكأن كل واحد منهم هو الحاكم بأمره وله الحق أن يتحكم في رقاب العباد.
أزمة الصحة ببني سويف لم تتوقف على المستشفيات فقط، بل تعاني المستشفيات والوحدات الصحية من أزمة نقص الأطباء، خاصة التخصصات النوعية النوعيه كأطباء العنايات المركزة والمخ والأعصاب وجراحاتها، بسبب وسوء توزيع الأطباء وتدخل بعض الوسائط وعدم التزام البعض منهم بالتواجد في الوحدات المكلفين بها.
وزاد من حدة أزمة نقص الأطباء لجوء العشرات منهم إلى الاستقالة من المستشفيات الحكومية، في ظاهرة تثير حالة من القلق، وهو ما أكده الدكتور كريم مصباح، عضو نقابة الأطباء العامة، عن محافظات شمال الصعيد، الذي حذر من تفاقم الظاهرة التي تؤدي لهجرة الأطباء في مصر بسبب تدني الرواتب، وضعف الإمكانيات، وعدم توافر بيئة آمنة، مؤكدًا أن الأطباء فقدوا الأمل في إصلاح المنظومة الصحية في مصر.
من جانبه أكد الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف، أنه تم تشكيل مجلس أعلى للصحة العامة بالمحافظة، ليختص بوضع السياسة الملائمة للقطاع الصحي بالمحافظة، وتنمية الرعاية الصحية وخدماتها ودراسة وتحديد أولويات تنفيذها، والتنسيق بين كافة المؤسسات الطبية بالمحافظة، مع قيام المجلس بدراسة المشكلات التي تعوق تقديم الخدمة الصحية على الوجه المطلوب بالمحافظة واقتراح الحلول المناسبة لها.
ويضم المجلس في عضويته كلا من نائبي المحافظ، مدير الأمن، رئيس جامعة بني سويف، السكرتير العام، السكرتير العام المساعد، وكيل وزارة الصحة، عميد كلية طب بني سويف، مدير عام الطب البيطري، مدير المستشفى العسكري، مدير المستشفى الجامعي، نقيب الأطباء، نقيب الصيادلة، نقيب أطباء الأسنان، نقيب الأطباء البيطريين، مدير فرع التأمين الصحي، مدير عام مستشفى بني سويف التخصصي، رئيس قسم إقليم شمال الصعيد لهيئة الإسعاف، مدير بنك الدم الإقليمي، مقرر المجلس القومي للسكان، مقرر المجلس القومي للمرأة، نقيب التمريض، مدير إدارة المجازر بمديرية الطب البيطري، وممثل عن المستشفيات الخاصة ببني سويف.