رئيس التحرير
عصام كامل

الانفجار العظيم.. وصول المصريين إلى 100 مليون نسمة.. برامج تنظيم الأسرة تواصل الفشل.. ونواب يطالبون بوزارة للسكان

الدكتوره هالة زايد
الدكتوره هالة زايد وزيرة الصحة والسكان

قبل أيام قليلة، بلغ عدد سكان مصر 100 مليون نسمة رسمياً، وهو معدل فاق التوقعات رغم وجود برامج سكانية وبرامج تنظيم أسرة للحد من الزيادة السكانية، بالإضافة إلى اتجاه الحكومة وحثها باستمرار على حل الأزمة السكانية التى تأكل ثمار التنمية، ولا تجعل المواطن يشعر بأى تحسن فى النمو الاقتصادى ووضع إستراتيجية قومية للسكان.

مما يجعلنا نتساءل هل فشلت كل جهود الحكومة فى مواجهة القضية السكانية أم أنها تسعى للحل، لكن مع غياب الوعى لدى المواطنين ورغبتهم فى إنجاب مزيد من الأطفال تتواصل الأزمة السكانية.

أسباب الزيادة

أسباب الزيادة الضخمة التى حدثت فى معدل المواليد ولماذا لا تنجح الوزارات المعنية بالأزمة فى خفض نسب السكان كشف عنها عدد من الخبراء.

من جانبه قال الدكتور عمرو حسن مقرر المجلس القومى للسكان سابقا إن مشروع تنظيم الأسرة هو أكبر مشروع استثماري يجب أن تتبناه مصر ويحقق أرباحا وفوائد، مؤكدا أن مصر نجحت فى مواجهة السكان فى الفترة من 1996 إلى 1999، خلال تولي الدكتور ماهر مهران مهام وزارة الصحة، نتيجة توفر عدة عوامل نجاح.

منها إرادة سياسية وإستراتيجية قوية وتمويل وإطار مؤسسي لأن المجلس القومى للسكان حينها كان يتبع رئيس الجمهورية، ويستطيع رفع تقارير للرئيس عن محافظة أو وزارة لا تقوم بمهامها. 

وأكد أنه بسبب تبعية المجلس القومى للسكان لوزارة الصحة اختفى دوره ولم تعد لديه أي صلاحيات موضحا ضرورة ضبط الإطار المؤسسى ووجود مسئول عن ملف السكان وأن يخرج المجلس القومى من تحت عباءة وزارة الصحة وتكون له صلاحيات واسعة فى مواجهة الانفجار السكانى.

حوافز سلبية 

وأوضح أنه لا يمكن تطبيق حوافز سلبية لأنها ضد الدستور والدين فلا يمكن حرمان الطفل الثالث من حقه فى التعليم والتموين وكافة حقوقه بل يجب تطبيق حوافز إيجابية تشجيعية، مشيرا إلى أن إستراتيجية مواجهة السكان 2030 الموجودة من عام 2015 كانت تستهدف أن يصل عدد السكان إلى 94 مليون نسمة، وحاليا وصل إلى 100 مليون نسمة، وتخطينا المستهدف، إذن لا بد من تحديد المسئول عن ذلك لكى تتم محاسبته.

معدلات الخصوبة

بدوره قال الدكتور عاطف الشيتانى مستشار وزير التضامن للسكان ومقرر المجلس القومى للسكان سابقا إن السبب فى الزيادة الضخمة لعدد السكان رفع معدلات الخصوبة فى المناطق الريفية وصعيد مصر وهى مناطق أقل قدرة على تحمل النمو السكانى السريع.

وفى تلك المناطق تزداد معدلات وفيات الأطفال مما يزيد من رغبة الأهل فى إنجاب مزيد من الأطفال، لذا يجب توفير رعاية صحية للأطفال حديثى الولادة وخفض نسب الوفيات لمنع زيادة الإنجاب. 

وأكد أنه ووفقا للمسح السكانى الأخير يوجد نحو واحدة من كل 7 فتيات من عمر 15 سنة إلى 17 سنة متزوجات، أي أن 15% من الفتيات فى تلك المرحلة العمرية متزوجات، لافتا إلى أنه أثناء إجراء المسح الصحى كانت توجد رغبة لدى الفتيات فى الزواج مبكرا قبل الـ20 من عمرهن، مشيرا إلى أن 11% من السيدات من عمر 15 إلى 19 سنة حوامل وأمهات، بالفعل.

كما أن حمل المراهقات أكثر شيوعا فى الريف كما يختلف الإنجاب فى سن المراهقة بين المحافظات بنسبة 4% فى الحضر و14% فى الريف كما أن معدل الزواج فى عام 2006 ارتفع إلى 7.3 لكل 1000 من السكان ووصل إلى عام 2015 إلى 11%. 

 

برامج تنظيم الأسرة

وأوضح أن البرامج الناجحة فى تنظيم الأسرة يجب أن تستهدف تأجيل الزواج لدى صغار السن وتأجيل الإنجاب بينما يكون الإنجاب فى المراحل العمرية الكبيرة وحاليا من ينجب أكثر هم فئة الشباب والمرأة المصرية تصل إلى عمر 32 سنة ولديها 2 أو 3 أطفال ويمكن بعد ذلك أن تنجب الطفل الرابع والخامس.

وأكد أن من ضمن أسباب الزيادة السكانية انخفاض نسبة النساء اللاتى يستخدمن وسائل منع الحمل طويلة المدى وفى المسح السكانى الأخير كان يوجد ما يقرب من 60% من النساء يستخدمن اللولب و20% الأقراص فى عام 2008، بينما فى عام 2014 حصل تحول كبير حيث انخفضت نسبة استخدام اللولب إلى 51% والأقراص إلى 27% ومن المعروف أن الإنجاب ينخفض مع استخدام وسائل طويلة المدى مثل اللولب أو كبسولات تحت الجلد.

وأكد أن زيادة السكان إلى 100 مليون نسمة معدل مرتفع خاصة مع توقعات الأمم المتحدة بأن مصر فى سنة 1995 كانت 62 مليون نسمة وسوف تصل إلى 95.6 مليون نسمة فى 2026 أي أننا تخطينا المعدل والزيادة أكبر من المتوقع، لافتا إلى أنه حتى عام 2008 طبقا للمسح السكانى حققت مصر نجاحا فى خفض معدل الإنجاب إلى 3 أطفال لكل سيدة.

وفى 2014 كان ارتفاع معدل الإنجاب مفاجأة للمصريين وخبراء السكان 3.5 لكل سيدة وهو علامة تحول فى برنامج السكان وتنظيم الأسرة عكسية بمثابة إنذار من أجل تكثيف العمل. 

وأوضح أن برامج تنظيم الأسرة تسير بشكل سليم ولكن ببطء فى ظل تأكيد إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة بأن هناك انخفاض فى معدلات المواليد فى السنوات الأخيرة، مؤكدا أنه لا يجب اختصار القضية السكانية فى تنظيم الأسرة لأنها قضية اجتماعية لها محددات منها المرض والفقر ونسب الوفيات والأمية. 

وأشار إلى أن البرامج السكانية يجب أن تهدف لزيادة خدمات تنظيم الأسرة وزيادة الطلب عليها وتبنى مفاهيم الأسرة الصغيرة وتوجيه الناس للاستخدام الجيد لوسائل تنظيم الأسرة والسيطرة على القطاع الخاص الذى يقدم نصف خدمات تنظيم الأسرة وتوحيد الأسعار فيه لأنه يوجد فروق خطيرة بين الصحة والقطاع الخاص موضحا أن 30% من المستخدمات الجدد ينقعطون عن الاستخدام وكلها أسباب تتعلق بجودة الخدمة كما أن غالبية السيدات يحصلن على الأقراص من الصيدليات التى لا تقدم المشورة.

تهديد الأمن القومي

من جانبهم.. حذر عدد من أعضاء مجلس النواب، من خطورة الاستمرار في معدلات الزيادة السكانية على خطوات البلاد للتنمية، وذلك بعدما أعلن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بلوغ التعداد السكانى لمصر ١٠٠ مليون نسمة، مؤكدين أن هذا الرقم يعتبر بمثابة تهديد للأمن القومى المصرى، ومن شأنه التهام أي نتائج للتنمية بالبلاد.

وزارة للسكان

وطالبوا بضرورة إنشاء وزارة للسكان واستغلال الموارد البشرية الحالية وتحفيز الأسر الملتزمة بالحد من الإنجاب بعدد من الحوافز الإيجابية، مع توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان وتطوير مراكز تنظيم الأسرة، مع تكثيف حملات التوعية.

اللواء يحيى كدوانى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب قال: أزمة الزيادة السكانية ، يقف وراءها عدد من الأسباب، منها العادات والتقاليد لاسيما في محافظات الصعيد والريف، وأن إنجاب الأولاد وزيادة عدد العائلة «عزوة»، وكذلك سياسات الدولة عبر السنوات الطويلة الماضية بشأن تقديم الدعم للجميع ورفع شعار مجانية التعليم والعلاج وغيره من الشعارات التي أدت إلى زيادة العدد، مشددًا على أن «توفير الدعم التموينى والتعليم والعلاج المجانى لجميع أفراد الأسرة، كان سببا في تشجيع رب الأسرة على إنجاب أبناء طمعا في زيادة حجم الدعم المخصص لأسرته».

وأضاف: من ضمن الأسباب أيضا، عدم توافر وسائل منع الإنجاب بعد توقف بعض الجهات المانحة في الخارج عن مد مصر بها، بالإضافة إلى أن العاملين في قطاعات ومراكز تنظيم الأسرة بالمحافظات، لم تعد لديهم قدرة على الحركة والتواصل مع المواطنين لتوعيتهم، ولا بد من إنشاء وزارة للسكان تختص بالخصائص السكانية وإنشاء قاعدة بيانات حقيقية وشاملة عن السكان، تختص بتنفيذ إجراءات الحد من الزيادة السكانية بمختلف الوسائل، يكون بينها وبين جميع الوزارات والأجهزة تنسيق وتناغم مستمر، لا سيما وأن الزيادة السكانية مشكلة خطيرة على الأمن القومى للبلاد، لأنها تلتهم كل أشكال التنمية.

وحول الدعم المقدم من الدولة، قال «كدوانى»: يجب اقتصاره على ثلاث أطفال فقط، سواء الدعم التموينى أو التعليم والصحة بحيث يتم تشجيع الأسر المصرية على الحد من الإنجاب، ولا بد من قيام كل من الإعلام والمدارس والجامعات والمساجد، بدورهم في التوعية المجتمعية، والعمل على تغيير الثقافة والعادات والتقاليد الخاطئة، بهدف تحقيق التنمية التي تنشدها البلاد.

في حين أكد  محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، أن «عدم تطبيق الإستراتيجية القومية للسكان ٢٠١٥-٢٠٣٠، بالشكل الجيد، يعد السبب الرئيسى في الزيادة السكانية حاليا وبلوغ عدد السكان أكثر من ١٠٠ مليون، بعدما كانت تستهدف الإستراتيجية أن يكون عدد السكان في ٢٠٢٠ نحو ٩٤ مليون نسمة، ما يعنى أنه هناك نحو ٦ ملايين نسمة خرجوا إلى نتيجة انحراف في تطبيق الإستراتيجية.

وتابع وكيل لجنة التضامن بالبرلمان: بعد تخطى حاجز الـ100 مليون، لا بد من العمل على تحسين خصائص السكان ليتحولوا إلى موارد تنمية للدولة ومصدر قوة لها، وليس عبئا عليها، وذلك بالتوازى مع خطط الحد من الزيادة السكانية، وحاليًا أصبحنا أمام أمر واقع حاليا وهو وصول عدد السكان إلى ١٠٠ مليون.

وهو ما يتطلب التعامل وفقا له، واستغلال ذلك العدد في تنمية البلاد، من خلال العمل على مكافحة الفقر والجهل والعمل على التدريب والتعليم، لتحويل هذه الزيادة السكانية إلى قوة داعمة للدولة.  ورفض «أبو حامد» مقترحات البعض بمنع وصول الدعم للطفل الثالث أو الثانى، مبررًا رفضه هذا بقوله: منع الدعم عن أي شخص، قد تترتب عليه آثار سلبية، إلى جانب شبهة عدم دستورية القرار من الأساس، لأن منع الدعم عن أي شخص يتعارض مع الدستور الذي يلزم بتقديم الدعم للجميع وأن كل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات.

الدعم

كما أن منع الدعم عن بعض الأطفال، سيؤدى إلى زيادة الجهل والأمية والمرض، والمقترح الأفضل هو الحوافز الإيجابية للملتزمين بإنجاب طفل أو طفلين، بحيث يحصلون على امتيازات في فرص التعليم والعمل والخدمات. 

ومن جهتها قالت الدكتورة أمل زكريا، عضو مجلس النواب، مقررة المجلس القومي للطفولة والأمومة بالبحيرة واللجنة العامة لحماية الأطفال: تجاوز تعداد مصر حاجز الـ 100 مليون نسمة يدق ناقوس الخطر، بما يستوجب ضرورة اتخاذ ما يلزم للمواجهة، ومصر على مدار السنوات الماضية أطلقت العديد من المبادرات والخطط القومية لمواجهة شبح الأزمة السكانية لكن دون فائدة، وهو الأمر الذي يتوجب معه إعادة النظر في طرق المواجهة.

وشددت « أمل» على أن وضع الحلول الحقيقية لمواجهة الزيادة السكانية لن يكون من الحكومة فقط، بينما يتطلب مشاركة الجميع سواء منظمات مجتمع مدني أو مجالس قومية وكذلك المؤسسات الدينية، فضلا عن دور السلطة التشريعية، موضحة أنه «هناك العديد من الأفكار والمقترحات المطروحة على البرلمان لمواجهة الزيادة السكانية، إلا أنه لم يتم مناقشتها حتى الآن»، ومتوقعة أن الفترة المقبلة ستشهد فتح هذا الملف بجدية واتخاذ ما يلزم بشأنه.

أما المستشار حسن بسيونى، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، فقد أكد ضرورة تفعيل الحوافز الإيجابية للأسر الملتزمة بالحد من الإنجاب، بحيث تقتصر تلك الحوافز الاجتماعية عليها فقط، مثل التعليم المجاني وفرص العمل والحماية الاجتماعية، في محاولة لتشجيع الأسر المصرية على الالتزام بتنظيم الأسرة.

وأضاف «بسيونى»: الأزمة التي تواجهها البلاد، تتطلب تضافر جهود مختلف المؤسسات، نظرا لأنه في ظل التزايد الكبير للسكان لن يشعر أحد بأي آثار لجهود التنمية التي تسعى لها البلاد، وكأننا نحرث في المياه.   

الجريدة الرسمية