تاريخ فرض الحراسة على النقابات.. "المهندسين" صاحبة نصيب الأسد.. والمحامين والأطباء ضمن القائمة.. و"العلميين" آخر المنضمين
لم يكن حكم فرض الحراسة القضائية على نقابة العلميين جديدا على النقابات المهنية المصرية، التي عانت قبل ثورة 25 يناير 2011، من فرض الحراسة عليها، بسبب الصراعات الداخلية التي اشتعلت بين أعضاء مجلس الإدارة والنقباء، بجانب العديد من المخالفات الإدارية والمالية التي بسطت سيطرتها على النقابات، ولم يكن أمام المحاكم سوى فرض الحراسة عليها وتنظيم عملها لحين عودة الأمور لطبيعتها وانتخاب مجلس نقابة يسير أمورها.
دعاوى فرض الحراسات القضائية على النقابات المهنية بدأت في تسعينيات القرن الماضي، والتي أشعلتها أزمة النقابات المهنية مع الدولة، بعدما عقدت النقابات المهنية في مصر اجتماعًا مشتركًا في نقابة الأطباء، طالب فيه ممثلو النقابات بمطالب سياسية، أبرزها مطالبة الرئيس الأسبق حسني مبارك بالتخلي عن رئاسة الحزب الوطني، وإلغاء العمل بقانون الطوارئ، وهو ما يعتبر بمثابة البداية الحقيقية لصراع الدولة مع النقابات المهنية في هذا الوقت، حيث اعتبرت أن هذا يأتي في إطار “تسييس العمل النقابي”، وتم فرض الحراسة على عدد من النقابات النشطة سياسيًّا، وفقًا للقانون رقم 100 لسنة 1993 الخاص بتنظيم انتخابات النقابات المهنية.
نقابة المهندسين
وكانت نقابة المهندسين من أوائل النقابات التي فرض عليها الحراسة في مصر في عام 1994، للتخلص من سيطرة جماعة الإخوان على مجلس النقابة العامة، ومجالس النقابات الفرعية، وظلت نقابة المهندسين تحت الحراسة القضائية لأكثر من 16 عاما، حتى صدر حكم إنهاء الحراسة القضائية في أغسطس 2011، وصدر حكم تاريخي من محكمة استئناف شمال القاهرة بإنهاء الحراسة، ورغم استشكال الحارس القضائي على الحكم، إلا أنه تقرر رفع الحراسة عن نقابة المهندسين اعتبارا من أول أكتوبر 2011، وذلك بعد نجاح المساعي التي بذلها الدكتور هشام قنديل، وزير الموارد المائية والري وقتها ، لإقناع الحارس القضائي بالتنازل رسميا أمام المحكمة بجلسة أول أكتوبر 2011، عن الإشكال المقدم منه على الحكم، والتأكيد على إنهاء الحراسة، وعليه أصبح الحكم نهائيا، وتم تسليم النقابة إلى لجنة لإدارة شؤونها، والتي تشكلت بقرار من الدكتور هشام قنديل وزير الموارد المائية والري حينها، لحين إجراء انتخابات، وترأس هذه اللجنة المهندس إسماعيل عثمان، ثم تم انتخاب مجلس نقابة ونقيب، ومنذ ذلك التاريخ وتعد النقابة مستقرة بعد وضعها تحت الحراسة 16 عاما متواصلة.
"الأمور المستعجلة" تقضي بفرض الحراسة القضائية على نقابة العلميين
نقابة المحامين
بالرغم من أنها نقابة القانون إلا أنه كان لها نصيب في فرض الحراسة عليها في عام 1995، بموجب حكم قضائي، بعد نشوب أزمة بين النقابة والحكومة، على خلفية مقتل محامٍ داخل قسم شرطة، انتهى بالقبض على 3 محامين في النقابة، وعلى إثر تلك الواقعة تقدم عدد من المحامين بطلب للمحكمة لفرض الحراسة القضائية على النقابة، بدعوي “سوء إدارة الإخوان”، الذين كانت لهم الأغلبية في المجلس وقتها بموجب صناديق الانتخابات، وظلت النقابة تحت الحراسة حتى عام 2001، إلى أن أجريت الانتخابات، التي انتهت بفوز نقيب المحامين الحالي، سامح عاشور، وفرضت الحراسة على النقابة أكثر من مرة، فخلال الفترة التي تلت الانتخابات في 2011، أقيمت عدة دعاوي لبطلان إجراءات انتخابات المجلس، وصدرت أحكام ببطلان الانتخابات مما استوجب تعيين لجنة حراسة قضائية لإدارة شئون النقابة، وفي عام 2020 طالبت دعوى أقامها عضو الجمعية العمومية لنقابة المحامين، والمقيد نقض في سجلاتها، المحامي سعيد أمين أباظة، بحل مجلس نقابة المحامين وفرض الحراسة عليها، مؤكدًا في الدعوي أن هناك خطرًا يقع على النقابة، مطالبًا بضرورة حل المجلس وتكليف المدعى وآخرين تراهم المحكمة لإدارة النقابة أو تعيين حراسة قضائية، وفقًا لما ينص عليه القانون، لحين الانتهاء من انتخاب نقيب ومجلس جديدين، إلا أن محكمة القضاء الإدارى، رفضت يوم الأحد، 16 فبراير الجاري، برئاسة المستشار فتحى إبراهيم توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، دعاوى طلب فرض الحراسة القضائية على نقابة المحامين.
نقابة الأطباء
لم تفلت نقابة الأطباء من أحكام فرض الحراسة القضائية أيضا، ففي عام 1995، فرضت الحراسة على نقابة الأطباء بالإسكندرية، إلا أن مجلس النقابة العامة جمد نشاطه لمدة تزيد على 20 عاما، وحتى بعد ثورة يناير بموجب قانون 100 لسنة 1993 الخاص بتنظيم انتخابات النقابات المهنية، وفي عام 2018 رفع المحامي في النقض صلاح بخيت، والصيدلي هاني سامح، دعوى مستعجلة رقم 2389 لسنة 2018 طالبت بفرض الحراسة القضائية على نقابة الأطباء وتعيين حُراس قضائيين عليها، لامتناع الأطباء عن وضع الحد الأقصى لأسعار الخدمات الطبية في العيادات الخاصة للأطباء، واتهامهم لنقابة الأطباء بارتكاب وتخطيط ممثليها لجرائم البلطجة وفرض السيطرة والتهديد ضد نقابة الصيادلة واتحاد المهن الطبية، وبحكم نهائى أغلقت محكمة مستأنف قصر النيل، قضية فرض الحراسة على نقابة الأطباء، بعد شهور من تداولها بالقضاء، حيث حكمت الدائرة 12 مستأنف مستعجل قصر النيل بشأن الاستئناف رقم 499 لسنة 2019، استئناف دعوى برفض فرض الحراسة على نقابة الأطباء، بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد أحكام المستأنف.
نقابة الاجتماعيين
ورغم أن نقابة الاجتماعيين ليست من النقابات النشطة على الساحة المهنية إلا أنها تعرضت لفرض الحراسة القضائية في عام 2008، والتي أصدرتها محكمة عابدين للأمور المستعجلة، وتم تعيين ستة من أعضاء النقابة كحراس قضائيين، واتهمت النقابة وقتها الحاصلين على الحكم، بأنهم ليسوا أصحاب مصلحة وليس لهم تواجد في النقابة، وأعلنت النقابة حينها عدم اعترافها بالحكم، خاصة أن من حصلوا عليه ليس لهم علاقة بالأعضاء ولا يعرفون كيفية إدارة النقابة ولا أموالها.
نقابة التجاريين
كحال أغلب النقابات المهنية في طابور الحراسة القضائية، قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، المنعقدة بعابدين، يوم الإثنين 26 سبتمبر 2016، برئاسة المستشار عمرو محمود، وأمانة سر سيد زكي، بفرض الحراسة القضائية على نقابة التجاريين وحل مجلس إدارتها في هذا الوقت، وتعيين حارس قضائي على النقابة، وذلك بناءً على الدعوى التي أقامها المحاسب القانوني وعضو الجمعية العامة بنقابة التجاريين، وحملت رقم ٩٧٧ لسنة ٢٠١٦، مطالبا في دعواه بضرورة فرض الحراسة القضائية على النقابة، مستندًا على أن النقابة لا تسير في الطريق المحدد لها بالقانون رقم 40 لسنة 1972، الخاص بإنشاء نقابة التجاريين والذي ينص في مادته الرابعة أن النقابة تعمل على الارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للتجاريين، والمحافظة على كرامة المهنة ووضع الضوابط الكفيلة بتنظيم ممارسة العمل، واستندت الدعوى في فرض الحراسة إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وما ورد به من إهدار للمال العام، والذي خص بالذكر المخالفات بالنقابة العامة والنقابة الفرعية للتجاريين، وإلى تأخير عقد انتخابات النقابة، حيث انتهت مدة مجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية كما توفيت الغالبية العظمى من أعضاء مجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية، وتم إحلال أعضاء محلهم بالتعيين بالمخالفة لقانون النقابة، وتقدم نقيب التجاريين باستئناف على الحكم، وقضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، بعابدين، يوم الخميس 26 يناير 2017، بقبول الاستئناف وإلغاء حكم أول درجة القاضي بفرض الحراسة على النقابة، وحل مجلس إدارتها في هذا الوقت. نقابة المعلمين وكان للمعلمين نصيب من كعكة الحراسة القضائية، ففي أبريل 2014، تم فرض الحراسة عليها، بسبب ما وصفته بعض الصحف بـ“أخونة النقابة”، وجري تعيين حارس قضائي عليها تكون مهمته استلام الإدارة ودفع المصروفات، لحين الانتهاء من إجراء انتخابات النقيب والأعضاء وكافة الإجراءات القانونية اللازمة لمجلس نقابة منتخب، وفي يونيو 2014 صدر حكم بـتأييد فرض الحراسة، وعندما قدمت النقابة استشكالًا لـ“الأمور المستعجلة” على الحكم، قضت المحكمة بعدما اختصاصها بنظر الاستشكال في نوفمبر 2014، وقضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في الدعوى رقم 1723 والصادرة بالجلسة المدنية المنعقدة علنًا بتاريخ 30 أكتوبر 2018 بإنهاء الحراسة المفروضة بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 48 لسنة 2014، وبهذا الحكم تم إنهاء الحراسة رضاءًا وقضاءًا، طبقًا لقرارات الجمعية العمومية غير العادية المنعقدة بتاريخ 9 سبتمبر 2017 بأغلبية الأعضاء.
نقابة الصيادلة
نقابة الصيادلة لم تكن أفضل حالا عن غيرها من النقابات وتم فرض الحراسة أيضا على نقابة الصيادلة بعد صدور أحكام متناقضة من محكمة الأمور المستعجلة بشأن فرض الحراسة عليها، إذ فرضت المحكمة الحراسة عليها في يونيو 2014، وفي أغسطس 2014، تم إلغاء قرار فرض الحراسة، ثم إعادته مجددًا في 27 أكتوبر 2014، ومن بعد إلغائه ثانية في يناير 2015، ثم تأيد فرضها مرة أخرى في مارس 2015، وفي يونيو من نفس العام، قضت محكمة القضاء الإداري بقبول دعوى إلغاء فرض الحراسة على نقابة الصيادلة، وفي عام 2019 قضت محكمة الأمور المستعجلة، في دعوى حل مجلس نقابة الصيادلة، بفرض الحراسة على النقابة، وذلك بعد عقد عموميتين متضاربتين، إحداهما دعا لها محيى عبيد نقيب الصيادلة الموقوف حينها، والأخرى من أعضاء مجلس النقابة المعارضين له، واتخاذ قرارات متناقضة بهما.
نقابة الصحفيين
أما قلعة الحريات فتعرضت لهذا الفيروس، من خلال تقديم مجموعة تطلق على نفسها اسم "نقابة الصحفيين المستقلين" في عام 2017، دعوى ضد يحيى قلاش نقيب الصحفيين حينها، ورئيس المجلس الأعلى للصحافة بصفتهما، رفعها المحاميان عبد الرشيد أحمد السيد، ومها إسماعيل، رقم 1431 لسنة 2014، ضد يحيى قلاش نقيب الصحفيين السابق، وطالبت بوضع النقابة تحت الحراسة القضائية، مستندة إلى رقمي 729، 730 من القانون المدني، وتعيين حارس من جدول المشتغلين يكون مشكلًا من مجلس شيوخ مهنة الصحافة المشهود لهم بالوطنية، وجاء في الدعوى أنه "صدر أمر قضائي من النيابة العامة بضبط وإحضار صحفي ومتدرب بتهمة التحريض على خرق قانون التظاهر والإخلال بالأمن ومحاولة زعزعة الاستقرار بالبلاد، وفي وقت لاحق وردت معلومات باختباء المتهمين داخل نقابة الصحفيين واتخاذها ملاذا للهروب من تنفيذ قرار النيابة"، وقررت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة المنعقدة بعابدين يوم الأحد، 31/ 7/ 2016، برئاسة المستشار عمرو السعيد، عدم قبول دعوي فرض الحراسة القضائية على نقابة الصحفيين لمحاولتها هدم مؤسسات الدولة وتشويه السلطة لرفعها من غير ذي صفة.
نقابة العلميين
أما نقابة العلميين فكانت آخر النقابات المهنية التي تعرضت لأحكام فرض الحراسة القضائية، وذلك بعدما قضت محكمة الأمور المستعجلة، يوم الإثنين الماضي، بفرض الحراسة عليها، وذلك في الدعوى التي رفعها الدكتور صلاح النادي، أمين عام نقابة العلميين، لفرض الحراسة على النقابة؛ بسبب ما اعتبره فسادًا ماليًا وإداريًا ارتكبه الدكتور عبد الستار المليجي نقيب العلميين، وهو ما نفاه الأخير، وتضمنت طلبات المدعي من المحكمة في الجلسات السابقة، استصدار صورة رسمية من حكم سجن المليجي 3 سنوات من محكمة جنح أمن الدولة، لاتهامه و4 من أفراد الأمن الإداري بالتعدي على عدد من أعضاء المجلس، ونص حكم المحكمة على فرض الحراسة القضائية على نقابة المهن العلمية وكل فروعها وممتلكاتها بالقاهرة والمحافظات وتعيين حارس قضائي صاحب الدور بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية حارسا قضائيا عليها بتسلم نقابة المهن العلمية بما يشملها من أموال خاصة بها سواء كانت ثابتة أو منقولة لإدارتها في الغرض الذي أنشئت لأجله وفق صحيح القانون وإدارة شؤونها المالية والإدارية والفنية بما يلائم طبيعة إدارتها، وتابع منطوق الحكم أن الحارس القضائي سيقوم بـ"تحصيل مالها وسداد ما عليها من أموال وكذلك القيام بأعمال الحفظ والإدارة وتسيير الأعمال بما يحقق مصالح أعضائها وألزمته بتنظيم الجوانب الإدارية، على أن تنتهي مهمة الحارس المعين بمجرد إجراء انتخابات لمجلس إدارة جديد لنقابة المهن العلمية وصدور نتيجة تلك الانتخابات".