"الدستورية العليا" تؤيد اختصاص مجلس الدولة بنظر طعون المحاماة.. وترفض طعن عاشور
قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المسنشار سعيد مرعى، بعدم قبول الدعوى المقامة من سامح عاشور نقيب المحامين، التى طالب فيها بتنازع الاختصاص بين أحكام الاستئناف وأحكام القضاء الإداري الصادرة ضد شروط القيد،وذلك لسابقة الفصل بعدم دستورية مواد اختصاص استئناف القاهرة بنظر طعون المحامين، واختصاص مجلس الدولة بالفصل فيها.
وحملت الدعى رقم ١ لسنة ٤٠ ق. تنازع اختصاص ضد سلوى نبيه ونصر الدين حامد المحاميين.
وكانت المحكمة قضت بعدم دستورية نص المادة (135 مكررًا) من قانــــــــون المحاماة الصادر بالقانــــــــون رقم 17 لسنة 1983 المضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 التي تنص على أنه "يجوز لخمسين محاميًا على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية أو شاركوا في انتخاب مجلس النقابة الطعن في القرارات الصادرة منها، وفى تشكيل مجلس النقابة، وذلك بتقرير موقع عليه منهم يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض خلال أسبوعين من تاريخ القرار بشرط التصديق على إمضاءاتهم، ومن حق مجلس الدولة في نظر الطعون.
وقال المستشار الدكتور حمدان فهمى رئيس المكتب الفني إن المحكمة استندت إلى أن المشرع الدستورى، بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذي أصبح بنص المادة (172) منه جهة قضـــــــــائية قائمة بذاتها، محصنة ضــــــــــــــــد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا، وهو ما أكدته المــــــادة (190) مــــن الدستـــــور الحالى التي تنـــــص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية".
ولم يقف دعم المشرع الدستورى لمجلس الدولة عند هذا الحـــــد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلًا بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضى بأن التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء.
والدستور الحالى قد نص في مادته (76) على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم"، كما نص في المادة (77) منه على أن "ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهنى، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية".
وتابعت المحكمة أن نقابة المحامين من أشخاص القانون العام، وتُعد الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأى من تشكيلاتها النقابية المختلفة، أو القرارات الصادرة منها، من قبيل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى دون غيرها، طبقًا لنص المادة (190) من الدستور، وإذ أسندت الفقرة الأولى من المادة (135 مكررًا) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1984، الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض، التابعة لجهة القضاء العادى، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو يكون مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذي أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى.
وذكرت المحكمة أن البيّن كذلك من النص المشار إليه، أن الطعن في قرار صادر عن الجمعية العمومية للنقابة العامة أو الفرعية– ولو كان مكتملًا نصابًا – يظل غير مقبول، إذا كان من قدموه غير مصادق على توقيعاتهم من الجهة الإدارية ذات الاختصاص؛ وكان ما توخاه النص المحال بذلك، أن يكون هذا التصديق إثباتًا لصفاتهم، فلا يكون تقرير الطعن مقدمًا من أشخاص لا يعتبرون أعضاء في النقابة العامة أو الفرعية، ولا من أشخاص يتبعونها، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية؛ وكان التصديق وإن تم في هذا النطاق، وتعلق بتلك الأغراض، يظل منطويًا على إرهاق المتقاضين بأعباء لا يقتضيها تنظيم حق التقاضى، بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسرًا من الناحيتين الإجرائية والمالية؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك، أن تحل الجهة الإدارية محل محكمة الطعن في مجال تثبتهـــــــــــا من الشـــــــــــروط التي لا يقبل الطعن من الخصوم إلا بها – وتندرج صفاتهم تحتها – باعتبار أن تحقيقهـــــــــــا وبسطها لرقابتها على توافرها، أو تخلفها، مما يدخل في اختصاصها.
ولا يجوز بالتالى أن تتولاه الجهة الإدارية، وإلا كان ذلك منها عدوانًا على الوظيفة القضائية التي اختص المشرع غيرها بها، وانتحالًا لبعض جوانبها، وباطلًا لاقتحام حدودها.
ولكل ذلك فإن النص المطعون فيه، يغدو مصادمًا لنصوص المواد (76، 77، 94، 97، 184، 190) من الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (135 مكررًا) المشار إليها برمتها.
رئيس "الدستورية العليا" يهدي درع المحكمة لـ"مدبولي”
وأن الدستور الحالى قد اعتبر بمقتضى نص المادة (189) منه النيابة العامة جزء لا يتجزأ من جهة القضاء العادى، وكان القضاء بعدم دستورية اختصاص محكمة النقض وبالتالى جهة القضاء العادى بنظر الطعون المتقدمة والفصل فيها، يستتبع حتمًا وبحكم اللزوم الفعلى والمنطقى سقوط عبارة "بعد سماع أقوال النيابة العامة" الواردة بالفقرة الثانية من المادة (135 مكررًا) المشار إليه.