رئيس التحرير
عصام كامل

بعد إعلان لبنان إفلاسها.. خبراء يحددون آليات مواجهة الشبح

علم لبنان
علم لبنان

إفلاس الدول يعنى أنه نتيجة تراكم عجز الميزانية العامة للدولة قد يصبح تراكم العجز كبيرًا للدرجة التي يتجاوز فيها إجمالي الإيرادات المتوقعة للسنة المالية، وهنا نكون قد عبرنا خط الإنذار الأول لأننا في السنة القادمة سنظل نتجاوز هذا الخط وكأننا نحرث البحر، ولكن الخطر الحقيقي الذي يؤدي بالدولة إلى إشهار الإفلاس هو أن يكون إجمالي المبالغ واجبة الاستحقاق والسداد عن العجوزات المتراكمة والالتزامات السابقة فقط - خلال السنة المالية يفوق الإيرادات المتوقعة، وهنا تشهر الدولة إفلاسها.

وأعلنت الحكومة اللبنانية أنها لم تعد قادرة على سداد السندات الأجنبية المستحقة في التاسع من مارس الجاري، بعد أن بلغت احتياطات البلاد من العملة الصعبة مستويات حرجة وخطيرة مع الحاجة لتلبية احتياجات اللبنانيين الأساسية.

ووصل الدين العام في لبنان إلى أكثر من 170% من الناتج المحلي الإجمالي مما يعني أن البلاد على وشك أن تكون الدولة الأكثر مديونية في العالم وفي مرحلة الإفلاس.

 

وزير المالية: الإصلاحات الاقتصادية جنبت مصر مصير لبنان

وبلغت الأزمة المالية أوجها العام الماضي مع تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع مظاهرات احتجاجًا على الفساد في أجهزة الدولة وسوء الإدارة، وهي الأسباب الجذرية للأزمة.

وشهد الاقتصاد اللبناني المعتمد على الاستيراد تقلصًا في الوظائف وارتفاعًا في التضخم مع تراجع الليرة، مما أجج الأزمة التي أشعلت الاحتجاجات.

ومن جانبه قال الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي: إن إعلان الحكومة اللبنانية عدم قدرتها على سداد المديونية الخارجية يعني أن هناك تضخمًا لحجم الدين العام الخارجي بشكل يجعل من الصعب تدبير أقساطه ما يعني السير فى طريق الإفلاس ما يعني أيضًا عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية لحاملي السندات الأجنبية المستحقة في التاسع من مارس الجاري.

وأضاف أن الحكومة اللبنانية بدأت بالفعل خطوات للتفاوض مع الدائنين بهدف إسقاط جزء من ديونها أو إعادة جدولتها وتحديد موعد آخر للوفاء بتلك الالتزامات، مضيفا أن الحكومة اللبنانية في هذه الظروف من المؤكد أنها ستخاطب المؤسسات المالية الدولية لكن هناك العديد من المشاكل التي ستواجه المفاوض اللبناني.

وتابع: إن أبرز تلك المشكلات التي ستترتب على الوضع اللبناني الحالي عقب الإعلان عن عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين تتمثل في فقدان الثقة بين المانحين والدائنين من جهة والحكومة اللبنانية من جهة أخرى، كذلك مؤسسات التصنيف الدولية التي ستعيد النظر في حساباتها وتصنيفها للاقتصاد اللبناني ككل والمؤسسات المالية والاقتصادية اللبنانية بالتبعية، وبالتالي فإن التصنيف الائتماني سينخفض بشكل كبير، ما سيضع شروطًا قاسية على الدولة اللبنانية لكي تتمكن من الحصول على قروض أخرى أو جدولة الديون الحالية.

وتابع: أن الأزمة الحالية ستؤثر على الإنتاجية، وتؤدى إلى تباطؤ معدلات النمو، وسينعكس على التضخم والبطالة وعجز الموازنة في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من عدم استقرار سياسي وأمني.

وأشار إلى أنه لسوء الحظ أن الأزمة اللبنانية تحدث بالتزامن مع مرور الاقتصاد العالمي بحالة من عدم الاستقرار والركود مع تراجع معظم البورصات وبخاصة العربية والخليجية، وراتفاع الدولار والذهب، وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتراجع السياحة بشكل كبير، وهو ما يعني خسائر ضخمة للاقتصاد اللبناني الذي يعتمد على السياحة بشكل كبير.

وأشار إلى انه يجب إعداد خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وحماية الودائع في القطاع المصرفي، خاصة ودائع صغار المودعين، الذين يشكِّلون 90% من إجمالي الحسابات المصرفية، ووقف النزيف المالي، ومخاطبة الجهات المانحة للوقوف إلى الدولة البنانية أسوة بما حدث مع بعض دول أمريكا اللاتينية نهاية ثمانينيات القرن الماضي.

ومن جانبه قال الدكتور صلاح فهمي، الخبير الاقتصادي: إن هناك إجراءات يجب أن تتخذها لبنان لمواجهة أزماتها الحالية، أهمها مخاطبة صناديق ومؤسسات التمويل العربية كصندوق الزكاة الكويتي وصناديق التمويل الإماراتية والسعودية، كذلك فإن الدولة اللبنانية يجب أن تغير عملتها الحالية بعملة جديدة، وذلك إلى جانب إعادة جدولة الديون الحالية وإلغاء بعضها بالتوافق مع المانحين والدائنين.

وأضاف أن البرازيل واجهت مصيرًا كمصير لبنان في أوائل عام 2000، ولكنها اتخذت عدة إجراءات إصلاحية لتحسين اقتصادها، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية وقفت إلى جوارها في أزمتها حتى تعافت وعادت إحدى أبرز الاقتصادات النامية في العالم.

ولذلك يجب أن تمد الدول العربية يد العون للدولة اللبنانية بالتوازي مع التدخل لحل المشكلات السياسية الداخلية للبنانيين.

وكان قد أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، في وقت سابق، أن بلاده لن تدفع 1.2 مليار دولار من السندات الأجنبية المستحقة في التاسع من مارس الجاري، بعد أن بلغت احتياطات البلاد من العملة الصعبة مستويات حرجة وخطيرة مع الحاجة لتلبية احتياجات اللبنانيين الأساسية.

وقال “دياب”: إن لبنان غير قادر على سداد الديون المستحقة في الظروف الحالية وأنه سيعمل على إعادة هيكلة ديونه من خلال التفاوض مع حاملي السندات.

وأضاف أن الدين العام في لبنان وصل إلى أكثر من 170% من الناتج المحلي الإجمالي مما يعني أن البلاد على وشك أن تكون الدولة الأكثر مديونية في العالم.

وأكمل “دياب”: ”لقد أصبح الدين أكبر من قدرة لبنان على تحمله، وأكبر من قدرة اللبنانيين على تسديد فوائده“.

وأوضح: ”لقد أدَّى تدني مستوى الاحتياطي بالعملة الصعبة إلى مزيد من الضغوط على العملة الوطنية مما حد من إمكانية حصول اللبنانيين خلال هذه الفترة على ودائعهم بالعملة الأجنبية لدى المصارف، بينما تنامى سوق موازٍ لسعر صرف الدولار الأمريكي بالعملة الوطنية“.

الجريدة الرسمية