لبنان يدخل مرحلة الشلل الاقتصادي ويعلن رسميا عجزه عن سداد الدين السيادي
أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، أنه لم يعد ممكنا بعد الآن اليوم الاستمرار بالاستدانة، معلنا عن قرار إعادة جدولة الديون في ظل عدم القدرة على السداد.
وأوضح رئيس حكومة لبنان، خلال مؤتمر صحفي، اليوم، أن احتياطاتنا من العملات الصعبة بلغت مستوى الخطر، مؤكدا أن قرار تعليق الدفع هو السبيل الوحيد لوقف الاستنزاف وحماية المصلحة العامة.
وتعهد دياب، بالوقوف في وجه التهرب الضريبي وحماية الطبقات الأكثر فقرا ومكافحة الفساد، لافتا إلى أن لبنان غير قادر على تسديد المستحقات المقبلة.
وأشار إلى تعليق سداد استحقاق 9 مارس من اليوروبوندز، لضرورة استخدام هذه المبالغ في تأمين الحاجات الأساسية للشعب اللبناني.
ونوه بأن كان الفساد في البداية خجولاً ثم أصبح جريئاً وبعد ذلك صار وقحاً إلى أن أصبح فاجراً وجزءاً رئيسياً من مكونات السلطة والدولة والمجتمع.
وتابع: قرار تعليق الدفع يتزامن مع إطلاق برنامج شامل للإصلاحات اللازمة، من أجل بناء اقتصاد متين ومستدام، على أسس صلبة ومحدثة.
وجاء إعلان رئيس الوزراء حسان دياب قرار لبنان بشأن السندات الدولية، قبل يومين فقط من الموعد المقرر لسداد الدولة المدفوعات المستحقة لحاملي سندات بقيمة 1.2 مليار دولار في التاسع من مارس.
وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيان، في وقت سابق السبت: إن كبار قادة لبنان يعارضون سداد الديون السيادية للبلاد، في إشارة إلى أن الدولة المثقلة بالديون تتجه نحو التخلف عن السداد، بعد معاناتها من أزمة مالية كبرى، فيما تجددت المظاهرات في بعض المناطق.
وجاء الإعلان الصادر عن الرئاسة عقب اجتماع ضم الرئيس ميشال عون، ورئيس الوزراء حسان دياب، ورئيس البرلمان نبيه بري، وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.
وجاء في البيان الذي تلاه مدير عام الرئاسة أنطوان شقير "استنادا إلى الخيارات والتصورات المتاحة، قرر المجتمعون بالإجماع الوقوف إلى جانب الحكومة في أي خيار ستعتمده في مجال إدارة الديون، باستثناء دفع الديون المستحقة".
ويمثل تخلف لبنان عن سداد ديونه بالعملات الأجنبية مرحلة جديدة من أزمة مالية تعصف باقتصاده منذ أكتوبر 2019، وأفقدت الليرة نحو 40 في المئة من قيمتها، ودفعت البنوك لفرض قواعد قيدت تعاملات المودعين في ودائعهم، وأججت الاضطرابات.
وتعد الأزمة أكبر خطر على استقرار لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990.
ولدى لبنان سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار يحين أجل استحقاقها في التاسع من مارس، وتشكل جزءا من ديون لبنان بالعملات الأجنبية البالغة نحو 31 مليار دولار.
بلغت الأزمة المالية أوجها العام الماضي مع تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع مظاهرات احتجاجا على الفساد في أجهزة الدولة وسوء الإدارة، وهي الأسباب الجذرية للأزمة.
وشهد الاقتصاد اللبناني المعتمد على الاستيراد تقلصا في الوظائف وارتفاعا في التضخم مع تراجع الليرة، مما زاد من تأجيج الأزمة التي أشعلت الاحتجاجات.
ولم يسبق للبنان أن تخلف عن سداد ديونه السيادية.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى وصول دين لبنان العام إلى نحو 155 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2019، بقيمة تبلغ حوالي 89.5 مليار دولار، مع حوالي 37 بالمئة من الدين بالعملة الأجنبية.
وقال نك إزينجر مدير الأسواق الناشئة ذات الدخل الثابت في فانجارد التي تحوز بعض السندات اللبنانية ”يبدو التخلف عن السداد مرجحا جدا“.
وأضاف ”انظر الآن إن كان بمقدور حملة السندات منع أي اتفاق... ليس من الواضح مدى السرعة التي يمكن أن يسيروا بها في طريق إعادة الهيكلة أو تأمين صفقة، لأنهم يحتاجون إلى إصلاحات أولا أو حتى إصلاحات مواكبة“. وعين لبنان بنك الاستثمار الأمريكي "لازارد" ومكتب المحاماة "كليري جوتليب ستين اند هاملتون" الأسبوع الماضي لتقديم المشورة فيما يتعلق بإعادة الهيكلة المتوقعة على نطاق واسع.
هذا وقال مصدر مطلع لوكالة "رويترز"، إن حملة السندات اللبنانية يكثفون جهودهم لتشكيل مجموعة تمثلهم بعد أن أشارت الرئاسة يوم السبت إلى أنها ستتخلف عن سداد ديون.
وقال المصدر، وهو عضو في المجموعة وطلب عدم ذكر اسمه، ”أعتقد أنها -مجموعة الدائنين-- ستجتمع قريبا“.
وقال ”ندرك أن الحكومة تريد أن تتحلى بالتعقل وكذلك أغلب الدائنين. هم يتفهمون أن البلد في موقف صعب“.