شهادات حية من العاملين.. ماذا يحدث في الأقصر وأسوان بسبب فيروس "كورونا"
يغلق الهاتف بعد أن أخبرته زوجته أنها ستشتري ملابس عيد الفطر فور عودته وقبل شهر رمضان الكريم، حتى تُنقذ نفسها من غلاء الأسعار غير المبرر في المواسم، يُطمأنها أن ذلك سيحدثـ فموسم "الربيع" خير له ولزملائه ويقابل نسبة الإشغالات مرتفعة نسبة أموال لا بأس بها بعيدًا عن الراتب الذي لا يعني شيئا في عالم السياحة فكل شيء مرتبط بالإشغالات.
يتجه ليتابع عمله في المطعم، يطمئن على الطعام وموعد الغداء، يجرى اتصالات مع المسئولين عن المركب السياحي الذي يعمل عليه، فلا يرد عليه أحد في هذا الوقت، لايعرف ماذا حدث.
حين اتجه حسن سالم "24 عاما" إلى الاستقبال لمعرفة سر هذا الصمت الغريب، وجد جمعا من زملائه ليس لهم حديث إلا عن هذا المرض الذي بدأ ينتشر في العالم تحت مسمى "كورونا".
إصابات فيروس كورونا تتجاوز الـ102 ألف مواطن في 96 دولة
سمع بالاسم وشاهد بعض "الكوميكسات" ولقطت عيناه بعض التصريحات من الوزارة الرسمية لكن ما له وهذا الفيروس العالمي الفتّاك، يكفيه أن ينتهي من ذلك ليعود إلى القاهرة، حيث مقر إقامته ليرى ابنه ويستمتع بجلسته مع زوجته، يكفيه غياب شهرين للحصول على أسبوع إجازة لكن "لقمة العيش" لا تعرف أرضًا ولا وطنا.
الكآبة ارتسمت على الوجوه، 30% من الحجوزات تم إلغاؤها بسبب تخوف الكثيرين، هذا يعني أن موسم الربيع لن يكون كالعام الماضي مزدهرًا، وربما لن يستطيع شراء ملابس العيد، قلق وقتها، بدأ في المتابعة فحين يتعلق الأمر بالقوت اليومي لا مجال للانشغال بشيء آخر.
ظل الجميع في ساعات من القلق، وزارة الصحة اتخذت إجراءات الوقاية مبكرًا، بالتعاون مع وزارة السياحة أرسلت إخطارات تتضمن طرق الوقاية والتبليغ عن حالات الاشتباه، طلبت من العاملين أن يتصفحوا موقع الوزارة الرسمي ليكونوا على إطلاع بكل جديد.
لكن رغم تلك الجهود يظل محمد السيد الذي يعمل بأحد المراكب حائرا: كيف يمكن أن يُصبح مؤهلا للتعامل مع حالات الاشتباه من خلال تصفح بعض التعليمات فقط؟!
الأزمة التي يرويها "السيد" في شهادته لـ"فيتو" أن إجراءات الوقاية التي شملت وضع مطهرات في كل مكان، والالتزام بأن يشرب السائحون مياها ساخنة في الصباح، ونظافة الغرف بشكل جيد بجانب إجراءات التعامل مع المشتبه فيهم، ورغم كل تلك الإجراءات لكن تبدو الأزمة أكبر.
يلتزم "السيد" بالتعليمات رغم حيرته، السائحون غير مكترثين بما يحدث حولهم فأعطاه ذلك نوعًا من الطمأنينة لا بأس بها، لا أسئلة عن الفيروس، الجميع يرقص ويغني ويستمتع بشمس أسوان وجمالها الساحر، لكن الأزمة تأتي من الأقصر حين يتم اكتشاف 12 حالة مصابة بالفيروس على إحدى البواخر.
يقول صحيح إن المتسبب في ذلك سائحة تايوانية، لكنه يتساءل هل يدرك الكثيرون مدى اتساع مجال السياحة، إن المرشدين في المراكب السياحية يتنقلون بين مركب وآخر، العاملون كذلك، تلك السائحة التايوانية تعاملت مع أي مرشد وهذا المرشد تعامل على أي مركب، تلك السائحة اشترت من أي بائع تحفة مثلًا وهذا البائع أي مصريون تعامل معهم، بالمصطلح البلدي "المهنة منفدة على بعضها" وبالتالي لا يمكن القول إن الأزمة يمكن حصرها.
"السيد" الذي فقد الأمل في إنجاز "ستائر" شقته بعد ضرب الموسم بأكمله بسبب هذا الفيروس، يؤكد أن ما حدث تسبب في ذعر بالطبع، والدليل أنه لأول مرة يأتي السائحون الأمريكيون على باخرته بوجوه قلقة يستفسرون عما حدث، ورغم كل إجراءات الوقاية لكن في عالم السياحة يكفي القلق وحده .
كيف تستعد لمواجهة فيروس كورونا
لكن مشكلة "محروس" ابن مدينة منوف والذي يعمل على المركب منذ عام واحد لم تكن الأموال "تغور الفلوس أنا خايف على نفسي"، رغم عدم وجود أي شبهة حوله أو أي عرض ، ورغم التزامه بكل الإجراءات بشكل مبالغ فيه عن غيره كما يعترف لكنه منذ باخرة الأقصر يعيش "محروس" ساعات من القلق والذعر حول نفسه وإمكانية إصابته.
المراكب السياحية كان لها أيضًا تعليمات مع أطقم العاملين بها فقد خيرتهم إن كان أحدهم خائفًا أن بإمكانه النزول كإجازة أو البقاء خاصة أن الأوضاع الاقتصادية غير جيدة وتخفيض العمالة قد يكون مربحا في هذا الوقت الحرج.
متى تنتهي الأزمة وهل سيخضع المرشدون السياحيون للفحص الطبي كما أكدت وزارة الصحة؟ وهل تظهر إصابات أخرى أم يتم تحجيم الأمر، كلها أسئلة تدور في أذهان العاملين الذين خسروا أملهم في الحصول على مال جيد خلال الربيع الذي يعقبه الصيف "موسم ميت بالنسبة للسياحة في الأقصر وأسوان"، كما خسر بعضهم لحظات الأمان حتى يستطيع تأكيد عدم إصابته بالمرض.