رئيس التحرير
عصام كامل

"سرايا الحاكم العثماني" بإربد الأردنية.. متحفٌ وذاكرةٌ بعمر القرون

سرايا الحاكم العثماني
سرايا الحاكم العثماني بإربد الأردنية

على تلك التلال المستلقية في مدينة إربد، شمال الأردن، شيد العثمانيون في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي قلعة حصينة لا تختلف في مخططها عن القلاع والخانات التي أسسوها على درب الحج الشامي.


وطريق الحج الشامي كان يسلكه حجاج الأناضول وتركيا وكبار رجال الدولة العثمانية، وفي القرن العاشر الهجري، اهتم السلطان سليمان القانوني، الذي تولى الحكم بين عامي 1520 و1566م، بسلامة الحج وله عدة إنجازات منها بناء القلاع وإرسال الحاميات لحراسة قوافل الحج على هذا الطريق.

وفي عام 1885، زار القلعة، المهندس الألماني المشهور، "شوماخر"، وحين وجد حالها المهدم والمهمل، كتب عنها: "يعلو المدخل الجنوبي قوس ويؤدي إلى حوش مربع تحيط به صفوف من العقود بنيت بالحجارة الجيرية والبازلتية ومن الحوش ترتفع عدة أدراج مهدمة إلى الطابق الثاني واستخدمت العقود لإيواء الرعاة والجنود أثناء فصل الشتاء".

في العام التالي، تحولت القلعة إلى نُزلٍ للحاكم العثماني، لتعرف فيما بعد بـ"دار السرايا"، وذلك في وقت كانت تُعتبر فيه مدينة "عجلون" مقرًا للحكم، وذلك بحسب النقش الحجري الذي يعتلي بوابة الدار باللغة العربية.

مر المبنى بكثير من التعديلات، إذ أضيفت إليه وحدات وجدران ليتم استخدامه كسجن للرجال والنساء حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي، وكان يتبع لإدارة الأمن العام.

"دار السرايا" العثمانية، غدت الآن متحفًا وطنيًا في شمال الأردن، تحكي جدرانه البازلتية المبنية بالأحجار الجيرية قصة مكان بعمر القرون.

في داخل ذاك المتحف الذي يتكون من طابقين بكل واحد منهما عشرات الغرف والصالات، تتربع ساحة داخلية على مساحة 400 كم2.

وقالت أمينة المتحف، "عالية الخصاونة"، للأناضول:" إن الأصالة وفن العمارة التي تجلت في المبنى إلى جانب قدم المبنى سهّل على دائرة الآثار الأردنية عملية استملاكه في العام 1994".

واستغرق العمل في ترميم المتحف نحو عشر سنوات امتدت من عام 1995 إلى 2007 على أيدي فريق متخصص، بحسب "الخصاونة".

ويضم المتحف قطعًا أثرية قديمة تم عرضها بحسب التسلسل التاريخي في قاعات خاصة للتعدين والمنحوتات والتماثيل والأواني الفخارية، وقاعة أخرى للوحات الفسيفساء البيزنطية، إضافة إلى تخصيص قاعة لآثار من عصور مختلفة - بدءا من العصور الحجرية قبل الميلاد وصولا للعصر العثماني ومرورا بالعصرين البيزنطي والإسلامي.

والمتحف الذي يقصده كافة فئات المجتمع الأردني، إلى جانب البعثات الأجنبية والسياح، مزودٌ بمختبر لإجراء عمليات الترميم للقطع التي تدخل المتحف، ويحتوي أيضًا على مكتبة تضم العديد من الكتب التاريخية والأثرية .

ولسعة مساحته الداخلية، وفن عمارته، وتاريخه، وموقعه المميز، بات متحف "دار السرايا" مكانًا لإقامة العديد من الفعاليات المختلفة، كالاحتفالات والمعارض وغيرها.

وكان الأردن قد دخل تحت الحكم العثماني في أعقاب هزيمة المماليك أمام العثمانيين عام 1516 في معركة مرج دابق، وقسمت الدولة العثمانية بلاد الشام إلى ثلاث سناجق أو ولايات هي، دمشق، حلب، وطرابلس، وكان شرق الأردن حينها يتبع لدمشق.
الجريدة الرسمية