«أغاني للكبار فقط على قديمه».. 100 عام من الفن المثير لعمالقة الطرب
حالة من الجدل أثارها ظهور بعض أغاني المهرجانات مما تحمل في كلماتها بعض الإيحاءات والألفاظ الخارجة، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل المعنيين والقائمين على تنظيم العمل الفني، فصحبها قرار من الفنان هاني شاكر نقيب الموسيقيين بمنع مطربي المهرجانات، ولكن وفق العادة الشائعة «الممنوع مرغوب»، فقد خرجت أغنيات أخرى أكثر فجاجة على مواقع «الساوند كلاود» و«اليوتيوب»، حازت على ملايين المشاهدات في أيام قليلة.
حقيقة الأمر أن هذه النوعية من الأغاني لم تكن وليدة اليوم وظهورها لم يكن مرتبطًا بالتطور التكنولوجي كما يتصور البعض، بل هي قديمة بقدم الزمن، وأدى هذا اللون الذي نراه خارجًا عن الذوق العام، أباطرة الغناء والفن، ممن يعدوا قامات فنية وغنائية على مر العصور.
أم كلثوم
كوكب الشرق أم كلثوم لم تنج من الهجوم بسبب كلمات إحدى أغانيها التي شدت بها في بداية مسيرتها الغنائية، فقد تعرضت أغنية «أنا الخلاعة والدلاعة مذهبي» للقص والتعديل ثم همشت حتى طواها النسيان، لما كان فيها شيء من اللوعة الجنسية والميوعة التي لاءمت حفلات الخديوي إسماعيل الشهيرة –آنذاك-، وقد وأثارت الأغنية ضجة كبيرة وحاول الكثيرون إقناع أم كلثوم بضرورة سحب الأسطوانة، إلى أن اعترضت شركة التسجيل على ذلك وكان الحل أن الأغنية أعيد تسجيلها لتقول: «أنا اللطافة والخفة مذهبي»، وكان أداؤها باهتاً وتلقيها ضعيفاً مقارنة بالأصل”.
محمد عبد الوهاب
موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، اسم كان وما زال وسيظل محفورًا في أذهان عشاق الطرب الأصيل، هو الآخر كانت له كبواته الفنية، ففي عام 1951 غنى محمد عبد الوهاب من كلمات الشاعر الكبير حسين السيد إحدى الأغاني المثيرة للجدل والتي تعرضت للمنع والمصادرة عدة مرات قبل أن تجاز بعد ذلك و هي أغنية «الدنيا سيجارة وكاس»، وتقول كلمات الأغنية: «الدنيا سيجارة وكاس للي هجروه الناس.. يا ويل اللي مالهش كاس يا ويله آه يا ويله.. لما بيوعدني حبيبي و يسوق ع القلب دلاله أشرب على قد نصيبي ولوحدي أناجي خياله.. ألاقيه على وش الكاس جالي وساب كل الناس والدنيا.. يا شاغلني وشاغل كاسي اهجرني وزيد هجرانك عمري في هواك ما حقاسي مهما حا يطول حرمانك مهما ياخدوك الناس أفكاري معاك حراس والدنيا سيجارة وكاس للي هجروه الناس».
حبيبة مسيكة
في عام 1904 خرجت أغنية كانت بمنزلة انطلاقة لنوعية الأغاني الجنسية والخليعة، حينما قدمت المطربة التونسية «حبيبة مسيكة»، أغنية «أعطيني بوسة»، والتي كانت من أشهر مطربات جيلها وبعد نجاح هذه الأغنية، توالت أغانيها الجنسية إلى أن ثم طرحت أغنية «على سرير النوم دلعني».
منيرة المهدية
ومن قبلها كان للفنانة منيرة المهدية، دورها في تقديم هذا اللون من الأغاني، من أبرزها أغنية «بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة»، وهي كانت من ألحان محمد القصبجي.
بهية المحلاوية
قبل أكثر من 100 عام كانت أغاني، «هات الإزازة وأقعد لاعبني»، و«ساعة العشا يحلى الهزار والفرفشة»، وأيضا «ارخي الستارة اللي في ريحنا»، كانت تلك الأغاني خلال الفترة بين 1912 إلى 1919، للمطربة الشهيرة –آنذاك- «بهية المحلاوية»، التي ارتبط اسمها بهذا اللون من الكلمات الغنائية، وقد لاقت نجاح مما دفع شركة «أوديون» إحدى أهم شركات الأسطوانات حينها، لتسجيل أسطوانات لتلك المغنية، منها أسطوانة شهيرة وهي أسطوانة «رقص شفيقة»، والتي تعد من أكثر الأغاني الخليعة طيلة قرن من الزمان.
نعيمة المصرية
بدأت زينب محمد إدريس، المعروفة باسم نعيمة المصرية، حياتها كمغنية أفراح وصالونات قبل أن يحتضنها سيد درويش ليلقنها أصول الغناء، وكانت لها أغنية «تعالى يا شاطر نروح القناطر»، والتي أثارت ضجة كبيرة وقتها، وكانت الأغنية من ألحان زكريا أحمد وكلمات محمد يونس القاضي أحد رواد الأغاني الخليعة، إلا ان المفارقة أن يونس القاضي فيم بعد أصبح مسئولا عن الرقابة في الغناء واشتهر بواقعته مع سيد درويش في أغنية «روح أسكر وتعالى عالبهلي»، ومن كلمات الاغنية: «هات الإزازة واقعد لاعبني.. دي المزة طازة والحال عاجبني».
على مدار أكثر من 100 عام قُدمت أغانٍ هابطة ومثيرة للجدل، أداها كبار وعمالقة الغناء والألحان والكلمات، فكل منهم يعد هرمًا فنيًا في مجاله، ولكن لم يُقابل أدائهم وقتها بالمنع المطلق، حيث إن الفن لا يعرف الأبواب المغلقة، ولكن تم توجيهه من قبل سابقيه، وأعيد تهذيب الكلمات لتظل شاهدة على عصور فنية ما زالت حاضرة رغم رحيلها.