بعد منح شيخ الأزهر المواطنة الفخرية لمدينة سمرقند.. ما مكانة سمرقند في التاريخ الإسلامي؟
أعلن حاكم مدينة سمرقند بأوزباكستان منح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر صفة مواطن فخري لمدينة سمرقند؛ تقديرًا لجهود الإمام الأكبر في نشر السلام والتسامح ونشر الفكر الوسطي في ربوع العالم، وتدعيم الروابط المصرية الأوزباكية، وذلك إثر مبادرة للنشطاء والعلماء في مدينة سمرقند، وبموجب قرار مجلس نوابها، وموافقة رئيس جمهورية أوزباكستان، وهي المرة الرابعة في الخمسين سنة الأخيرة التي يتم فيها منح المواطنة الفخرية في مدينة سمرقند.
وتعد مدينة سمرقند من أهم مدن أوزباكستان وواحدة من أقدم المدن في العالم، وأشهر مدن بلاد ما وراء النهر، وأحد مدن العالم المبهرة بجمالها وتاريخها وتراثها، والتي أخرجت للإنسانية الكثير من العلماء الذين ملأوا الدنيا نورًا وعلمًا.
تلك المدينة التي وصفها البستي يومًا بقوله: "للنّاس في أخراهم جنّة ... وجنّة الدنيا سمرقند"، ووصفها الرحالة ابن بطوطة بقوله: «من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالًا، مبنية على شاطئ وادٍ يُعرف بوادي القصارين.. وكانت تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن علو هِمَم أهلها". وقد أطلق بعض الرحالة على سمرقند اسم "الياقوتة"، ولقبها البعض الآخر بـ"مدينة القباب الزرقاء" نظرًا لكثرة القباب المزخرفة فيها.
اقرأ أيضا:
أوزباكستان تمنح شيخ الأزهر صفة المواطنة الفخرية خلال مؤتمر الماتريدية | صور
إن أحد أهم ما يميز مدينة سمرقند أنها تعد موطنًا للعديد من كبار العلماء المسلمين، في الحديث والفقه والتفسير والتصوف والمنطق وعلم الكلام والكثير من الفنون والمعارف الإسلامية، فتحوي سمرقند قبر الإمام البخاري، صاحب الصحيح المشهور باسم صحيح البخاري.
كما يعد من أبرز علماء سمرقند، أبو الليث السمرقندي، الفقيه المحدث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي (ت 375هـ)، صاحب كتاب (تنبيه الغافلين)، وقد اشتهر بكنيته " أبي اللَّيْثِ" حتى غلبت على اسمه، فلا يعرف إلا بأبي الليث.
وأخرجت سمرقند أيضا واحدًا من أشهر أعلام المحدثين وهو الإمام الدارمي (ت 255هـ)، صاحب سنن الدارمي، فقد كانت ولادته ونشأته بسمرقند.
وفي علم الكلام كان لمدينة سمرقند نصيب كبير، فكان منها أبو منصور الماتريدي، محمد بن محمد بن محمود، رأس المدرسة الماتريدية في علم الكلام، وهو من قرية ماتريد، إحدى قرى سمرقند، وقبره موجود هناك، ويلقب بأنه إمام أهل السنة ببلاد ما وراء النهر، وبأنه إمام المتكلمين في عصره، وأنه "إمام الهدى" لكونه كان واحدًا من الذين وقفوا في خط الدفاع عن السنة والتصدي لمن يحاول تشويهها، ويُرجح الباحثون أنه ولد نحو سنة: ٢٢٨ هجرية، وأجمعوا على أنه توفي سنة: ٣٣٣هجرية، ودفن بسمرقند.
ومن أهل سمرقند أيضا المنطقي والأديب والفيسلوف، وعالم الهندسة والرياضيات، وأحد أشهر الفلكيين في العالم في وقته: محمد بن أشرف شمس الدين السمرقندي.
يشار إلى أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، قد شارك ووفد علمي مرافق لفضيلته في المؤتمر العلمي «الإمام أبو منصور الماتريدي والتعاليم الماتريدية: التاريخ والحاضر» والذي عُقد على مدار ثلاثة أيام من 3 إلى 5 مارس 2020، بمدينة سمرقند بأوزباكستان، وناقش تحليل سيرة الماتريدي وآثاره العلمية، والآراء والأفكار المرتبطة بتاريخ تطور علم الكلام في عهده، وبحث تطور التعاليم الماتريدية، وأهمية تراث الإمام الماتريدي وأتباعه في حل القضايا الملحة في العصر الحالي.