تسريب جديد يفضح جرائم أردوغان ضد مصر.. محادثة هاتفية بين مستشار الشيطان العثماني ورجل أعمال كبير تكشف المستور
مازالت كواليس التدخلات التركية في الشئون المصرية، خلال العام الذي حكمت فيه جماعة الإخوان الإرهابية تتكشف تباعا، فالغموض واللعب على العواطف والتراث والإرث التاريخي الذي تحاول الإخوان التمسح فيه لتبرير تحالفها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا يمكن قبوله وتمريره في عصر المعلومات، الذي لم يمكن الجماعة من إخفاء مفاجأة من العيار الثقيل، كشفتها قضية تنصت تحكي كواليس العلاقة بين أردوغان والإخوان المسلمين، ودوره في إشعال الشارع المصري على أمل تمكين الجماعة من العودة مرة أخرى.
الوقائع الجديدة كشفها الصحفي التركي عبد الله بوزكورت، الذي اطلع على كواليس سرية، ويستعد لتدوينها في كتاب جديد، يسرد تفاصيل الساعات الأخيرة في عمر الإخوان، والتي عاش فيها أردوغان إحباطات ربما لم يعهدها في حياته، بعد التأكد من فشل كل محاولات إعادة محمد مرسي للحكم عام 2013، إذ لم تثمر الاحتجاجات التي نظمتها الإخوان وأنصارها عن شيء، وبات واضحا حتمية الأوضاع الجديدة التي تأسست بعد مغادرة الإخوان الحكم.
أردوغان "خليفة" الإبتزاز والبلطجة
ووفقًا لتسريب صوتي لمحادثة خاصة بين مُساعد أردوغان إبراهيم كالين "وكيل مكتب رئيس الوزراء وكبير مستشاري السياسة الخارجية لإردوغان" في ذلك الوقت، والذي يعمل حاليًا في القصر الرئاسي كمتحدث رسمي ومستشار خاص، وبين رجل الأعمال المؤيد للحكومة عبد الله تيفنيكلي، عبر فيها الأول عن بالغ أسفه وحزنه على ما آلت إليه نتائج احتجاجات الإخوان في مصر.
اعترف مستشار أردوغان بضعف التنظيم الإخواني، الذي لم يعد قادرًا على لعب دور على الأرض، بعد تحطمه على صخرة التماسك الأمني المصري، ليرد كالين في أسى، متسائلا عن الوقت الذي يحتاجه التنظيم للاستمرار لآخر نفس في هذه المظاهرات.
توقيع أردوغان على هيكل طائرة أسقطها الجيش السوري فوق إدلب
وكان الرد صادما من مستشار أردوغان: «حقيقة لا أعلم»، كانت المكالمة تعبر بجلاء عن رعب حلفاء الإخوان، الذين يحتلون أرفع المناصب بالدائرة المقربة من رئيس الوزراء التركي أنذاك رجب طيب أردوغان، وتطور الخوف ليمتد إلى حركة حماس ــ ذراع الإخوان في غزة ـ التي توقع مستشار أردوغان أن تكون الضحية الجديدة لإسقاط الإخوان في مصر، خاصة انها لاتحظى بالقبول لدى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والخليجيون، مما يضرب قوة حماس في مقتل.
المحادثة التي جرت في 1 سبتمبر عام 2013، وكشفتها محكمة التنصت خلال التحقيق مع عشرات الأشخاص، بمن فيهم المسئولون الحكوميون، في مزاعم بإدارة الجريمة المنظمة، وتم تضمينها في ملف القضية الجنائية ضد المسئول التركي ورجل الأعمال، تنبأت بأن تزيد الأمور سوءًا وكان الخوف الأكبر، من فقدان تركيا نفوذها القوى على مصر، والذي تشكل بعد تولى مرسي رئاسة الجمهورية، ولم يكن غريبا، تأكيد مستشار أردوغان، لرجل الأعمال المحسوب على الحزب الحاكم، مكاسب تركيا من تولي الإخوان الحكم، نهاية بإسقاطهم عنه، وهي تملكهم أكثر، والتحكم بشكل كامل في جماعة الإخوان، ما يعني تطويع التنظيم للعمل بالوكالة لحماية المصالح التركية، وهو ما طمأن رجل الأعمال على ما يبدو.
واقترح تطوير إستراتيجية جديدة في التعامل مع الأزمة المصرية، وبدلا من الدفاع عن الإخوان، اقترح ضرورة الابتعاد عن الإشارة إليها أو مصالحها، والاكتفاء بالتعامل مع هذه المسألة، تحت ستار دعم الديمقراطية في مصر بدلًا من دعم جماعة الإخوان علانية، وهو أمر لم يلق قبول مستشار أردوغان، الذي عارض هذا الرأي، مكتفيا بالحديث أن مصر بها قضايا أعمق بكثير من إدارتها على هذا النحو، والهاتف لن يسعه للحديث عنه.
المعارضة التركية تحمل أردوغان مسئولية مقتل الجنود بسوريا
ما دار في المكالمة المسربة، التي ستفجر الكثير من الجدل خلال الأسابيع القادمة، يؤكد أن نظام أردوغان، لن يتنازل مطلقا عن سياسة خلق أجنحة إقليمية على الطريقة الإيرانية، والاستمرار في دعم الوكلاء الإسلاميين، بما في ذلك الميليشيات المسلحة في سوريا وليبيا، ولهذا لن ينقطع الدعم التركي، الدبلوماسي والعسكري للإخوان وأذرعها في المنطقة، ودعم الحركات الإرهابية المعارضة للنظام السوري، وتزويد الميليشيات الإسلامية المناهضة للأسد والمناهضة للأكراد بالأسلحة بكافة أنواعها، بل والمشاركة في الحرب إن لزم الأمر.
ويبدو أنه لا عودة بالنسبة لأردوغان عن رعاية وتوجيه الجماعات الجهادية للقتال نيابةً عنه في سوريا، لأنها السبيل الوحيد في بناء شبكة تركية تدعم السياسات التركية، وتزكي نفوذ الرجل بالداخل والخارج، ولهذا قد يكون من السذاجة تصور خوض أردوغان للمغامرات الأجنبية، دون أن تكون مفيدة له سياسيًا، حتى لو أفنى الجيش التركي عن آخره.
ويوضح التسريب أن تبرير حكم الرجل القوى، يلزمه تهديدات خارجية، فاخترع أزمة شرق سوريا ضد حزب العمال الكردستاني والجماعات الكردية، التي مكنت أردوغان من عقد تحالفات سياسية مع بعض الدوائر القومية المتطرفة والمناهضة للأكراد في الداخل، وهو ما يسلحه في النهاية خلال مواجهة الشعب الجمهوري الذي يعيش استفاقة كبرى، لاسترداد علمانية الدولة التي دهسها حزب العدالة والتنمية، لدرجة أن رئيس البرلمان، إسماعيل كهرمان، الموالي للرئيس التركي، أعلن صراحة عن ضرورة إزالة مبدأ العلمانية من الدستور .
ما يدور في عقل الرئيس التركي، يراه حسن محلي، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يسير في اتجاه إصرار أردوغان على تقديم كل سبل الحماية للإسلاميين، حتى يكون هو الأب الشرعي لكل تيارات وحركات الإسلام السياسي في العالم، موضحا أنه الوحيد من بين أقرانه في الشرق والغرب، الذي يحمل راية الإسلاميين، ويصر على حمايتهم، ويكشف "محلي" ما هو أكثر من التسريب، مؤكدا أن مدينة إسطنبول، تستضيف أسبوعيًا العديد من الفعاليات الإقليمية والدولية بعناوينها الإسلامية المختلفة، كما تأوي قيادات وممثلي كل هذه الحركات الإسلامية.
لافتا إلى أن أردوغان، يستغل هذه التناقضات بانعكاساتها وتفاعلاتها الإقليمية والدولية، في محاولة منه لزعامة الإسلام السياسي، ظنا منه، أنه وريث الإمبراطورية العثمانية، التي كان ينافسه عليها، الداعية فتح الله جولن، المدعوم أمريكيًا، قبل أن يتخلص منه صيف 2016.
أما جلال الأسدي، الكاتب والمحلل السياسي، فيري أن التفاصيل التي يكتشفها العالم يوميا، تؤكد أن تيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان، تسببت للمنطقة في أدنى مستويات الانحطاط على مدار السنوات الماضية.
ويوضح الأسدي، أن المأساة التي نعيشها من 8 سنوات تؤكد أن الإسلاميين ساقوا مصائر أبناء المنطقة، كما تساق النعاج إلى المذبح، مشددا على ضرورة عدم ترك مستقبل بلادنا، على هوى أحقادهم الدائمة، التي تنتظر ساعة الخلاص للإجهاز على الأوطان العربية، وتمكين مشروع سلطانهم العثماني الذي يعيش على أطلال الماضي، على حد قوله.
“نقلا عن العدد الورقي...”