أبو الغيط فى كلمة قوية أمام وزراء الخارجية.. الجامعة العربية لا تعانى أزمة وجود.. دولكم لم تكن مهددة أكثر من الآن.. والحلول العسكرية لن تحسم النزاعات
قال أحمد أبو الغيط ، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إنه في الثاني والعشرين من هذا الشهر منذ 75 عاماً خرجت منظمتنا العريقة (جامعة الدول العربية) إلى حيز الوجود، كأول منظمة إقليمية في العالم لتعبر عن روحٍ عامة جديدة سرت في أوصال هذه المنطقة العربية من أقصاها إلى أقصاها بأن ما يجمع أبناءها، من أواصر اللغة والحضارة والتاريخ المشترك، جديرٌ بأن يُترجم في صورة مؤسسية.
وأوضح خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (153) ، خرجت الجامعة العربية جامعتكم لتُجسد هذا الوعي الجديد ومن أجل.. (وأنا أقتبس هنا من المادة الثانية من ميثاق الجامعة الذي تحرر في 22 مارس 1945) .. من أجل "توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون بينها، وصيانةً لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفةٍ عامة في شئون البلاد العربية ومصالحها".
وواضاف: لستُ هنا في معرض تقييم التجربة، أو تقديم كشف حساب ولكن أُشير فقط إلى أن ما تحقق ليس قليلاً بدليل أننا نجتمع اليوم، وبعد 75 عاماً، ولا زال سقف هذه المنظمة يُظللنا ولا زال الشعور العربي الجامع حاضراً في وعي أبناء أمتنا ولا زال إيماننا بوحدة مصيرنا راسخاً قوياً..
واستطرد: قطعنا أشواطاً طيبة في تحقيق التعاون والتنسيق العربي في مجالات عديدة منذ إنشاء الجامعة حتى الآن.. ولا يزال أمامنا الكثير والكثير لنحققه حتى نكون على مستوى تطلعات وطموحات الرأي العام العربي.
وركز على إن الجامعة العربية لا تُعاني من أزمة وجود، كما نسمع بين الحين والحين فوجودها وفعاليتها لم يكونا ضروريين في أي وقتٍ أكثر مما هما الآن ذلك أن الدولة الوطنية العربية، التي نشأت هذه المنظمة على أساس صيانة استقلالها ووجودها لم تكن مهددة في تاريخها أكثر مما هي الآن.
وشدد على انه وصلت الأزماتُ العربية المُشتعلة منذ 2011 إلى منعطفات خطيرة.. وتجاوزت كلفتها البشرية أي حدود متصورة .. وأصبحت عامل استنزاف للمُقدرات والموارد العربية .. وتهديداً ماثلاً للنظام العربي في مجموعه، وليس فقط للدول التي تواجه هذه الأزمات.. وليس هناك ما هو أثقل على الضمير العربي من أن نُشاهد أهلاً لنا في سوريا.. وهم يُشردون بمئات الآلاف.. ويقبعون في مخيماتٍ لا تحمي من برد الشتاء القارس.. أو يطرقون أبواب اللجوء في بلدان غريبة وقد صارت مأساتهم الإنسانية مجرد ورقة ضغط ومساومة تتلاعب بها هذه القوة أو تلك.. وليس هناك ما هو أثقل على الضمير العربي من أن نرى الصراعات وهي تمزق أوطاناً مثل اليمن وليبيا، إلى حد يُهدد وحدتهما واستقلالهما، بل ويُشكل أخطاراً حقيقية على جيرانهما.
وركز على أن الجميع يعلم أن الحلول العسكرية لن تحسم هذه النزاعات وجميعنا يعلم ألا رابح في الحروب الأهلية فالخاسر مهزوم والمنتصر مهزوم.
وأكد على أنه لقد آن الأوان أن تسكت المدافع فالخطوة الأولى نحو حلول سياسية هي وقف شامل وفوري لإطلاق النار على كافة الجبهات العربية المشتعلة.
وأضاف في سوريا.. يظل الحل السياسي، على أساس قرار مجلس الأمن 2254، هو المخرج الوحيد لعلاج جراح هذا البلد، الذي ندعو جميع الأطراف الخارجية أن ترفع أيديها عنه .. وأن تتوقف عن إدارة معاركها بدماء سورية .. وعلى حساب مئات الآلاف من اللاجئين، أغلبهم من النساء والأطفال.
وبخصوص اليمن قال إنه يظل الحل السياسي على أساس قرار مجلس الأمن 2216 هو السبيل إلى تسوية في الداخل تضمن للجميع تمثيلاً في السلطة .. كما تضمن لجيران اليمن الأمن .. وتُعيد لهذا البلد العربي المهم استقلاله عن القوى الخارجية.
أما في ليبيا أوضح أبو الغيط أن وضع المجتمع الدولي خارطة طريق في مؤتمر برلين .. وعلينا متابعة تنفيذ مخرجات هذا المسار.. الخطوة الأولى هي تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار .. واستكمال مسارات التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة .. وأغتنم هذه الفرصة لكي أتقدم بخالص التحية والتقدير للدكتور غسان سلامة .. الذي أدى مهمته عبر السنوات الثلاث الماضية كمبعوث أممي إلى ليبيا بكل اقتدار وتجرد ورغبة صادقة في جمع شمل الليبيين على كلمة سواء.. وأرجو مُخلصاً أن يكون خلفه في هذا المنصب المهم على ذات القدر من الدراية والمعرفة بهذه المنطقة، ومجتمعها وثقافتها وتاريخها.. حتى يتسنى له النجاح في مهمته.
وأضاف: في سوريا واليمن وليبيا.. إن القوى الخارجية لعبت دوراً سلبياً فاقم من النزاعات، وأدى إلى إطالة أمدها .. وفتح جبهات إضافية فيها.. حيث زرعت هذه القوى جرثومة الميلشيات التي تُحارب بالوكالة وتتبنى أجندات غير متسقة، بل حتى معادية للدولة الوطنية من حيث المبدأ...لقد آن لهذه القوى أن ترفع أيديها عن الأراضي العربية .. ففي نهاية المطاف، لن تستطيع هذه القوى غير العربية أن تحفر لنفسها وجوداً دائماً على الأراضي العربية .. وكل مشروعاتها ومخططاتها إلى زوال، طال الوقت أم قصر.
واستطرد: أدعو، بعد ما يقرب من العقد من الصراع والاحتراب، إلى حلول عربية للمشكلات العربية.. وأزعم أننا، بإرادتنا الجماعية، قادرون على الوصول إلى هذه الحلول... وأن هذه الجامعة العربية تستطيع القيام بأدوار مفيدة ومقبولة، جنباً إلى جنب مع الجهود الإقليمية والدولية الأخرى، من أجل الوصول إلى التسويات اللازمة لإنهاء هذه الأزمات. السيد الرئيس.
وركز على انن أنهكت الصراعات الدامية العالم العربي .. وفتحت شهية الجيران للتمدد والتغول.. وحاول البعض، في غمرة هذه الأحداث العاصفة، الترويج لفكرة مغلوطة وخطيرة .. مؤداها أن العرب ما عادوا يهتمون بفلسطين.. فلسطين الشعب .. وفلسطين القضية .. أقول إنها فكرة مغلوطة لأن العرب يعتبرون القضية الفلسطينية جُزءاً من شخصيتهم الحضارية .. ويرون الدفاع عنها والنضال من أجلها دفاعاً عن وجودهم وثقافتهم وهويتهم الجامعة.. وهي أيضاً فكرة خطيرة لأنها أوحت للبعض أن يستغل الاضطراب الحالي لمحاولة سرقة القضية .. وتثبيت وضع الاحتلال القائم باعتباره الحل الدائم.. ليس عبر مفاوضات أو اتفاق أو تسوية سياسية.. ولكن من خلال مذكرة تفاهم بين الدولة العظمى الراعي لعملية ال