مصر تدخل عصر "القطارات المكهربة".. توجيهات الرئيس بتوطين صناعة السكك الحديدية ومطالب بتوديع زمن الديزل
خلال الأيام الأخيرة انطلقت دعوة الرئيس لتوطين صناعة السكك الحديدية في مصر وتحول مصر لمركز إقليمي لهذه الصناعة، وهي الدعوة التي قوبلت بترحاب شديد من جانب كافة قطاعات النقل والمهتمين بهذا القطاع.
القطارات المكهربة
في الوقت نفسه فإن النقطة الأكثر أهمية في هذه القضية هي فكرة كيفية توطين هذه الصناعية العالمية وما هو مخطط السكك الحديدية لهذا المجال، خاصة أن فكرة الاستثمار أو التوسع فقط في الشراء من الخارج لن تجدي نفعا، وفي حالة التفكير فى صناعة الجرارات داخل مصر فالأمر يحتاج إلى تكنولوجيا خاصة.
وفي الوقت ذاته فإن المستقبل لن يكون لجرارات الديزل أو للاستثمار فى صناعة الجرارات الديزل.، ولكن مستقبل الاستثمار فى السكك الحديدية هو الاستثمار فى صناعة القطارات المكهربة.
الاستثمار والتسويق
الفرق بين صناعة الديزل والقطارات المكهربة كبير جدا، خاصة أن أي استثمار يجيب أن يدرس آليات السوق أولا، وكيفية تسويق المنتجات، وهذه هى النقطة الحاكمة فى الموضوع كاملا، خاصة أن الاستثمار فى صناعة الديزل بدأ يتراجع عالميا وأصبحت معظم دول العالم تلغى الجر الديزل وبدأت الاتجاه إلى الجر المكهرب وبالتالى فإن ترجمة دعوة الرئيس تحتاج إلى دراسة مستفيضة حول الأهداف من توطين صناعة السكك الحديد وطرقها.
فإذا كان الهدف فقط هو تلبية احتياجات السكك الحديدية المصرية فإن الأمر يحتاج إعادة مراجعة، وإن كان الهدف هو تمويل السكك الحديد الحالية والتصدير للخارج فالأمر أيضا يحتاج إيضاح خاصة أن الخارج لن يشترى جرار ماركة جديدة وفى نفس الوقت نظام جر الديزل بدأ فى التراجع عالميا.
ولكن إذا كانت السكك الحديد ودعوة توطين صناعة السكك الحديد هدفها الاستثمار ورفع كفاءة السكك الحديدية، فإن الأمر هنا مختلف تماما ويجب أن يتم التوجيه وبشكل سريع فى توطين صناعة القطارات المكهربة، وذلك لعدة أسباب السبب الأول هو أن توطين صناعة القطارات المكهربة هو مستقبل الجر على مستوى العالم.
تطوير السكك الحديدية
ثانيا إذا نجحت مصر فى توطين هذه الصناعة ستتمكن من تغير آليات الجر من ديزل إلى مكهرب فى مصر وهو ما يفتح المجال لإحداث نقلة فى تطوير السكك الحديدية كاملة.
المهندس سمير نوار الرئيس السابق لهيئة السكك الحديدية، يرى من جانبه أن الجرار المكهرب بالفعل هو مستقبل القطارات على مستوى العالم ولكن فى الوقت نفسه جر الديزل معمول به فى العديد من دول العالم ومصر لديها مصانع تقوم بتصنيع العربات مثل سيماف وغيرها ولكن فقط الجرارات يتم استيرادها من الخارج وفى حالة التوجه لتوطين صناعة الجرارات نحتاج إلى علامة تجارية أو شراكة مع شركة عالمية للتجميع فى مصر.
وعن القطارات المكهربة قال إن مصر تمتلك العديد من عروض الشراكة بينها وبين شركات عالمية لإنشاء مصانع للقطارات المكهربة فى مصر منها عرض لإنشاء مصنع للقطارات المكهربة بالتعاون مع دولة لاتفيا وعرض آخر بالتعاون مع الصين وبالأخص شركة أفيك الصينية وهذه العروض جادة جدا لتصنيع القطارات المكهربة فى مصر.
وفى حالة تبنى مشروع التصنيع للقطارات المكهربة ستتمكن مصر من التصدير للدول العربية وكافة الدول المحيطة ويفتح الباب أمام الآلاف من فرص العمل فى هذا المجال.
من ناحية أخرى يقول الدكتور إبراهيم الدميرى وزير النقل الأسبق، إن العالم كله تحول للجر المكهرب وحتى الآن لم يظهر بمصر قطار واحد مكهرب، مضيفاً: مستقبل السكك الحديدية مع القطارات المكهربة لأنه أسرع وأسهل فى الصيانة وتكلفتها أقل وإمكانيات التحكم فى القطار أعلى بكثير، وبالتالى فى حالة البحث عن مستوى السكك الحديد، وعن السرعة والأمان لا بد أن نعمل على الاتجاه إلى القطارات المكهربة ونظام الجر المكهرب لنتمكن من الرقابة الكاملة على حركة القطار وتتمكن من إيقاف القطار عن بعد.
التمويل
وأوضح أن النقطة الأكثر أهمية فى مشروع توطين صناعة السكك الحديدية هو التمويل، ونقاط التمويل تشمل العديد من المحاور حول فكرة هل سنكون شركاء مع الشركات العالمية فى التصنيع أم نجذب مصنعا عالميا لصناعة القطارات فى مصر، وفى حالة أن نكون شركاء سيتم الاتفاق على آليات التمويل.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب وافق على قرض مالى كبير للسكك الحديدية من الخارج وتم تعديل قوانين السكك الحديدية وهو ما يتيح للهيئة الشراكة مع الشركات العالمية فى تصنيع القطارات، وفى هذه الحالة أو غيرها سيكون تمويل المشروع كاملا من خلال إحدى الجهات العالمية وفى مقدمتها البنك الصينى أو الاتحاد الأوروبى أو بنك الإعمار والتنمية الأوروبى وهذه هى الجهات الثلاث الأقرب لتمويل مشروعات السكك الحديدية ولها قروض بالفعل سارية مع السكك الحديد وأبدت أكثر من مرة موافقتها على تمويل صناعة القطارات المكهربة فى مصر من خلال قروض ميسرة بفائدة لا تزيد عن 1% وعلى فترات طويلة للسداد.
وفى حالة الانتهاء من دراسة الجدوى للدخول فى شراكة مع أفيك الصينية وهى جاهزة لذلك أو غيرها فى صناعة القطارات المكهربة فستكون مصر غير مسئولة عن التمويل ولن تدفع أموالا فقط سيتم الاتفاق بين مصنع السكك الحديدية أو الهيئة العربية للتصنيع للدخول فى شراكة مع أفيك الصينية وبالتالى ستقوم الشركة الأجنبية بتوفير التمويل وتوفر مصر الأماكن العقود التسويقية للمنتجات لمدة لن تقل عن 10 سنوات.
وكيف توفر مصر عقود البيع لعشر سنوات؟ الإجابة أن مصر لديها مشروعات داخلية منها القطار المكهرب "السلام - العاشر" ومشروع قطار أبو قير المكهرب وقطار السخنة المكهرب وأكثر من 10 مشروعات قطارات مكهربة جميعها تحتاج لما لا يقل عن 100 قطار مكهرب فى المراحل الأولى لهذه المشروعات بالتالى فإن فرصة النجاح فى توطين صناعة القطارات المكهربة تصل إلى 100% ولكن فى حالة الاتجاه إلى صناعة الديزل والقطارات القديمة فإن المشروع لن يجد له سوق خارجيا ولن يكون أكثر من محاولة للتجميع الداخلى بالاتفاق مع شركة عالمية.