رئيس التحرير
عصام كامل

إيران الفارسية وانتخاباتها مابين المحافظين والمتشددين والقضية السورية


الانتخابات الإيرانية كما هي الأمريكية مع فارق التشبيه مابين الديمقراطي والجمهوري، وما بين المحافظين والمتشددين، وكلهم بسياساتهم مايهمهم مصلحة أنظمتهم وتوسعاتهم ومشروعهم الانتهازي على حساب الآخرين، فالمتشددون في إيران ربما يتشددون في ملف التسليح النووي عن المحافظين، ولربما يخسر المتشددون أكثر بتشددهم، لتكون سياساتهم كارثة عليهم.


وجميعنا يعلم أن الأمريكان باعوا القضية السورية بما يتعلق بالملف النووي الإيراني، بينما الإصلاحيون فهم الأخطر بمرونتهم التي عبّر عنها مرشحهم بالانفتاح الأكثر مع الغرب، مع الغرب فقط، وهذا ما سيُتيح لإيران الفرص الأكبر في المضي بمشاريعها التوسعية في المنطقة، وكلاهما تحت إمرة مرشدهم خامنئي الذي بيده الصلاحيات المطلقة التي لاتجعل أحدهما يُفكر بالخروج عن النطاق العام لمخططات دولتهم بني فارس.

بينما القضية السورية بمناظرات مرشحي الرئاسة لم يتطرقوا لها لتوافقهم على ذبح الشعب السوري وتوافقهم على التوسع الفارسي بالمنطقة العربية والإسلامية، فكلاهما خطر مُحدق بالأمتين العربية والإسلامية، إذا ماعلمنا ومنذ وصولهم للسلطة في إيران بمساعدة الأمريكان والغرب وإسرائيل عام 1979 أعلنوا حينها عن مشروعهم بتصدير ثورتهم ولأجل ذلك خاضت إيران الحرب مع العراق دون احتجاج أحد المعادلة الإيرانية المُسيطرة على استمرارها، إلا عندما أُجبر الخميني على وقفها مرغمًا، وقال كلمته المشهورة: كمن يتجرع السُم. ولكنهم استطاعوا إيجاد المضادات لهذا السم.

وبالمزيد من العمل الدؤوب استطاعوا ابتلاع العراق وتواجدهم في أفغانستان وضرب عدوهم في كلا البلدين بالأمريكي، ليحلو لهما فيما بعد أن يفعلوا ماشاءوا، بينما في لبنان اتبعوا سياسة مغايرة للسيطرة عليه واحتلالهم للجزر الإماراتية، وهؤلاء لهم مجالس ملّية وخبراء يجتمعون كل فترة لوضع الخطط المناسبة للسيطرة على المزيد من الأرض، ومنها مؤتمر "ملالي قم" عام 2002 للاستيلاء على العراق عبر نشر الفوضى وتقديم الدعم إلى أذنابهم، ولازلت محتفظا بالنسخة من حينها، التي أطلعت عليها بعض السياسيين فسخروا من إمكانية تحقيقها، وما هو إلا عام صارت مخططاتهم متأخرة، إذ قفزوا خطوات متقدمة عنها.

وفي سورية أقاموا مئات "الحسينيات" والمزارات بقصد إحداث التغيير الديمغرافي، وكلنا يعرف أن نسبة السنة في سورية تزيد عن 80% والعلويين من 6 إلى 7% والمسيحيين بنفس النسبة، والباقي لطوائف أخرى، لكنهم تحدثوا ماقبل الثورة عن مراكز علمية لهم ولنظام الإجرام الأسدي عمّا أرادوا أن يوحوا به إلى العالم عن أقلية سنّية لاتتجاوز الـ 45% بعدما اعتبروا الأكراد كأقلية عرقية وليس على أساس مذهبي، وباقي الأقليات بالنسبة المتبقية، والزيادات بالطبع للعلويين، بغية تغيير الطابع العام لسورية، وتغيير الدستور بما يتلاءم مع هذا الوضع، لتأتي الثورة السورية وتطيح بأحلامهم، ويكون لهم حق التدخل فيما بعد بقصد حماية المزارات التي أقاموها، وما صار لهم من حق موهوم.

وفي البحرين أعلنوا أنها ولاية إيرانية، ليُعلن بعدها رئيس استخباراتهم للحرب الناعمة أن إيران تتألف من 35 ولاية، لتكون لبنان رقم 32 والبحرين 33 والعراق 34 وسورية 35، بينما من جندوهم في اليمن من الحوثيين الذين خاضت معهم الدولة ست حروب ولم تنتصر عليهم، وفي موريتانيا أعلنوا عن وجود رأس للحسين رضي الله عنه هناك، ومزارات لهم فيها وأماكن أخرى كالجزائر وأفريقيا وغيرها، وفشلوا من إيجاد منفذ لهم في المغرب والأردن ومصر في حكم مبارك، ليُعيدوا الكرّة في مصر الثورة بإعادة محاولاتهم عبر تشجيع السياحة الدينية وإعادة إحياء التراث الفاطمي ليكون مدخلًا لتدخلاتهم المستقبلية، والتي قوبلت برفض شعبي عارم.

لكنهم لم يقطعوا الأمل، وهم مازالوا ينتشرون، وكل فوضى نجدها في أي بلد عربي أو إسلامي نجد وراءها إيران، والعرب بلا مشروع عندهم للمواجهة، وإنما معظمهم معتمدون في تحقيق استقرارهم على أمريكا والغرب الذين قد يبيعونهم بأي لحظة بما تقتضي مصالحهم، وليس مصالح دولهم، إذا ماعلمنا أن الاعتماد على النفط العربي بدأ يقل وفي طريقه إلى الاضمحلال بسبب عثورهم على الطاقة البديلة والأنظف، وحينها تكون السيادة الأكبر لإيران المجوسية التي ستصبح على هيئة استعمار يأمر بعد امتلاكها للقنبلة النووية، فمن سيستطيع حينها مواجهتها.

والعرب اليوم مفرطون بأثمن الفرص لاسترجاع قدراتهم إذا ماساعدوا الشعب السوري بتسليحه للقضاء المبرم على محور الارتكاز الإيراني في سورية عبر العصابات الأسدية، ومن بعدها سيأفل حزب الشيطان من لبنان، وتتقلص قدرات الحلم الفارسي، ويرتد إلى نحره، بينما على العكس إن مُنيت الثورة السورية بالخسارة ولن يكون، وإنما على سبيل الفرضية، صارت كل الدول العربية لقمة سائغة للمشروع الفارسي وحلمهم كما هي العراق الآن، وإنّ ثورتنا هي المنتصرة بإذن الله، شاء من شاء، وأبى من أبى والله أكبر والنصر لشعبنا السوري العظيم.
الجريدة الرسمية