المفتي السابق يكشف عن المعنى الحقيقي للتوبة
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق إن الله سبحانه وتعالى اختارنا أمة للرسالة، وجعلنا خير أمة أُخرجت للناس إن نحن فهمنا عن الله مراده، وعن رسول الله ﷺ رسالته، وإن كنا على قدمٍ يرضى فيها الله عنا، حتى نكون هداية للعالمين ولا نكون فتنة للناس، ولنظل بذلك معمِّرين للكون وبناة حضارة شامخة شاهدة على عظمة الإسلام وإعجاز رسالته.
وأضاف المفتي السابق، إذا كانت الحضارات دائرة بين صعود وانحدار لارتباطها بأفعال الإنسان فقد أرشدنا الله تعالى إلى ما يصحح هذه الأفعال وهو مقام التوبة، والتوبة أصبحت كلمة إذا ما سمعها المؤمن اختزل معناها وجعلها خاصة بارتكاب المعاصي، وجعلها أمراً غيبياً يتعلق باليوم الآخر، والتوبة أعظم من ذلك تشمل هذا وتزيد عليه، فالتوبة حالة نقد ذاتي.. حالة من مراجعة النفس.. حالة من الرقابة الإدارية.. ومن ثم فالتوبة تعد إحدى الأدوات المهمة في بناء إنسان الحضارة، فالإنسان الذي يربي نفسه على التوبة بمفهومها الصحيح والشامل هو إنسان قادر على بناء المجتمع الإنساني وتشييد أركانه.
فضل قراءة خواتيم سورة البقرة وأكد أن المعنى الصحيح للتوبة يظهر جلياً في قول سيدنا رسول الله المصطفى الحبيب والمجتبى المعصوم سيد الكائنات ﷺ : «واللهِ إني لأستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه في اليوم أكثرَ من سبعينَ مرَّة» (صحيح مسلم) فهل كان يتوب عن معصية يرتكبها، أم عن كبيرة يقع فيها؟ حاشاه.. فمن أي شيء كان يتوب ﷺ ؟! ولكنها كانت نقداً ذاتياً ومراجعة، ليعلمنا المحاسبة لعمل اليوم: ما الذي قصرنا فيه؟ ما الذي كان في ذمتنا فلم نفعله لله؟ ما الذي كان ينبغي أن يتم على وجه هو أحسن من ذلك وأجدى؟