ذكرى رحيل الكاتب فتحى غانم مؤلف "الرجل الذى فقد ظله"
في كتابه (معركة بين الدولة والمثقفين) الصادر عام 1995 يتحدث الكاتب الصحفى فتحى غانم عن بدايته الصحفية ومشوار حياته فى الصحافة والأدب لدرجة أنه لم يعترف قط بأنه كان صحفيا بل كان يقول إنه أديبا دخل من بوابة الصحافة ووصفه الأديب نجيب محفوظ بأنه أهم الروائيين المصريين، رحل فى مثل هذا اليوم 24 فبراير 1999، قال فيه:
عملت فى بداية حياتى العملية فى إدارة التحقيقات بوزارة المعارف نظرا لدراستى الحقوق، وكان يعمل معى فى هذه الإدارة أحمد بهاء الدين وعبد الرحمن الشرقاوى فصارت بيننا صداقة استمرت سنوات طويلة بعد ذلك، لذلك كثيرا ما كنا نتناقش معا فى كل شيء وفى كل حدث فى الأدب والفكر والفن.
كان ذلك عام 1947 وكان محمد حسنين هيكل يعمل محررا صغيرا كان عمره 23 سنة، وكان يتردد علينا كثيرا فى إدارة التحقيقات للحصول على الأخبار، كما كانت لى صداقة شخصية مع إحسان عبد القدوس وكنت معجبا بكتاباته.
فى نفس الوقت كان أحمد بهاء الدين مشرفا على مجلة "الفصول" لصاحبها محمد زكى عبد القادر، ولاحظ اهتمامى بالأدب فطلب منى أن أكتب شيئا فى الفصول، وكتبت مقالات فى النقد والتاريخ وكان كلها إرضاء لرغبة بهاء فقط.
وكانت تتوافق مع طبيعة المجلة الأدبية النقدية وكانت أول قصة نشرت لى بعنوان “الماء“، تكررت لقاءاتى مع بإحسان عبد القدوس كصديق، وفوجئت به ذات يوم يقول لي: أنا سامع إنك بتكتب مقالات ونقد ماتيجى تكتب عندنا فى روز اليوسف.
فى نفس التوقيت كنت أعرف الشاعر كامل الشناوى شاعرا وصحفيا وكان رئيس قسم الأخبار بجريدة الأهرام، وكنت من رواد ندوته ومجلسه الأدبى الأسبوعى ومداوم عليه وحققت من خلاله صداقات وعلاقات كبيرة مع طبقة المثقفين فى المجتمع.
فى عام 1952 كان محمد حسنين هيكل قد أصبح رئيسا لتحرير مجلة آخر ساعة، وبدأ مصطفى وعلى أمين تطوير المجلة، طلبنى هيكل بالتليفون وعرض على العمل فى آخر ساعة، وقدمنى إلى مصطفى وعلى أمين.
قال لى مصطفى أمين: قرأت ما ترجمته عن شارلى شابلن فى مجلة الغد التى يصدرها الزملاء عبد الرحمن الشرقاوى وحسن فؤاد وصلاح حافظ والرسام زهدى، ليه ماتكتبش معانا؟ بدأت العمل فى مجلة آخر ساعة وتعلمت فيها حرفية العمل الصحفى وكانت هناك مدرستان، مدرسة مصطفى الامين الخبرية ومدرسة هيكل التحليلية، فكتبت فى كل الموضوعات الموضة والصحة والماكياج والحمل والرضاعة لدرجة انى أحيانا كنت أوقع باسم "أخصائية جمال"، كان عمرى 23 سنة. عوملت معاملة كاتب من أول يوم، فلم أوضع تحت الاختبار ولم أعمل تحت التمرين لكن بدأت أكتب بتوقيع فتحى غانم وأنشر فى الأدب. أعطتنى الصحافة مساحة لنشر رواياتى وكان هذا شيئا مهما جدا، وإذا كان هناك عيب فى عملى الصحفى فهو أننى لم أخلص للصحافة ولكنى استفدت من وضعى الصحفى لأنشر رواياتى وأعرف كروائى. كان هيكل يقول دائما وبقناعة مطلقة: الحاكم يحتاج لصحفى يعبر عنه، وسأكون أنا الصحفى ده. وكنت أقول له: إن الأدب أبقى وأفضل من السياسة، فكان يضحك ويقول لى "خلاص أنت بتاع الصفحة الأخيرة وأنا بتاع الصفحة الأولى".
فيتو تفوز بجائزتين في مسابقة جوائز الصحافة المصرية
فتحى غانم من موليد القاهرة عام 1924، وترأس عدة صحف ومجلات منها صباح الخير والجمهورية وروز اليوسف وترأس أيضا مجلس إدارة دار التحرير ووكالة أنباء الشرق الأوسط. قدم للمكتبة العربية عدة روايات تحول معظمها إلى أفلام سينمائية، وكانت أولى رواياته "الجبل"، وتبعها روايات الرجل الذى فقد ظله، "زينب والعرش، الأفيال، تلك الايام، بنت من شبرا وغيرها. حصل فتحى غانم على جائزة الدولة التقديرية عام 1994 ليرحل بعدها بخمس سنوات.