نواب وحقوقيون: "ازدراء الأديان" ضرورة لوقف إهانة شرائع الله.. ومطالبة بضبط صياغتها لمواجهة المتطرفين
تباينت آراء عدد من النواب والحقوقيين، حول المطالبات بإلغاء عقوبة ازدراء الأديان المنصوص عليها في قانون العقوبات، لا سيما بعد تجدد تلك المطالبات على لسان الدكتور صلاح فضل، حيث تمسك النواب بضرورة وجود النص على العقوبة وتجريم إهانة الأديان، مؤكدين أن هناك فارقا كبيرا بين حرية التعبير وإهانة الشرائع السماوية، كما طالب الحقوقيين بتعديل القانون وضبط صياغة المادة لتواجه المتطرفين والمتشددين وليس المجددين.
الحفاظ على الأديان
الدكتورة عبلة الهوارى، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، قالت: إن وجود عقوبة لازدراء الأديان أمر مطلوب، للحفاظ على الأديان وأصحابها من محاولات إهانتها، وردت الهوارى على المطالبين بإلغاء عقوبة ازدراء الأديان بهدف إتاحة حرية التعبير، قائلة: "إزاى أسيب من يهين الأديان، أو يحرق المصحف أو يدوس على الإنجيل"، مشيرة إلى أنه حال ترك من يرتكب تلك الجرائم سيتجرأ غيرهم لتصبح إهانة الأديان أمرا مباحا وعاديا.
وأضافت عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، هناك فارق كبير بين حرية التعبير عن الرأي وبين ازدراء الأديان، كما أن هناك فارقا بين الحرية المطلقة والحرية المقيدة، حيث لا يجوز أن نهين الأديان تحت مبرر الحرية، ولكن يجب أن تكون هذه الحرية "مقيدة" بمعنى أن تكون ملتزمة باحترام الأديان وقدسيتها.
وطالبت الدكتورة عبلة الهوارى، بأهمية الإبقاء على العقوبة، بقانون العقوبات، حفاظا على مكانة الأديان، وان تكون الحرية مقيدة، وحول موقف مشروع القانون المقدم من بعض النواب بشأن تغليظ عقوبة ازدراء الأديان، أكدت عضو اللجنة التشريعية، أن اللجنة لم تناقشه بعد وغير مدرج على جدولها خلال تلك الفترة.
دعوة للإرهاب
أما النائب شكرى الجندى، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، فيرى أن المطالبات بإلغاء تجريم ازدراء الأديان، ليست في محلها، مطالبا بتجريم ازدراء الأديان في كل أنحاء العالم، لا سيما أنه لا يوجد دين من الأديان السماوية الصحيحة يدعو إلى ازدراء دين آخر أو يدعو للقتل والإرهاب بل كلها تدعو إلى الخير والتسامح، وأضاف الجندى أن جميع الأديان السماوية الصحيحة لا يوجد بينها خلاف أو اختلاف، فجميعها تدعو للواحد الأحد القهار، وتدعو لتكريم الإنسان، وبالتالي يكون من غير المناسب ارتكاب خطأ في حق دين سماوى، مشيرا إلى أهمية وجود عقوبة بالقانون لكل من يرتكب جريمة إهانة أو ازدراء أحد الأديان.
العقوبة
وحول العقوبة المناسبة، أوضح أن تحديد العقوبة هو حق للشعب كله بأن يحددها وليس نائبا واحدا فقط، وأوضح أنه حال عدم وجود عقوبة لازدراء الأديان، قد يكون هناك فوضى أخلاقية في التعامل مع الأديان السماوية من جانب البعض، ما سيؤدى إلى فتن وأضرار بين الجميع، وبالتالي ليس هناك مانع من وجود العقوبة، خاصة وأنها لا تتعارض مع أى حريات ما دامت تحترم كافة الأديان.
وحول مطالبة البعض بتجريم التكفير، أوضح أنه لا أحد يملك صكوك الكفر والإيمان، وليس من حق أحد أن يحكم على الآخر، فهى ثوابت دينية.
أصل التشريع
من جانبه قال حافظ أبوسعدة عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن المادة «٩٨» من قانون العقوبات المتعلقة بتهمة ازدراء الأديان سُنت في ظروف سياسية مغايرة، تختلف عن الظرف الراهن، لافتًا إلى أن المادة جاءت عقب اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكانت نقاشات مجلس الشعب آنذاك حول ضرورة وجود المادة «98» بهدف مواجهة الفتاوى المتشددة والمتطرفة بقتل الأفراد وتكفيرهم.
وأضاف "أبو سعدة" إن عقوبة ازدراء الأديان الآن تطبق على من لا يستحقون العقوبة، وتترك من شرعت المادة لأجلهم، مشيرًا إلى أن التهمة تلتصق بكل من يسعى إلى تفسير حديث بعينه أو ينادى بضرورة تجديد الخطاب الديني، ولكن الأصوليين من أصحاب الفكر المتشدد والفتاوى غير المنطقية متاح لهم أن يروجوا لأفكارهم دون أي منع أو مصادرة أو تحقيق بدليل الفتاوى السلفية الغريبة.
وشدد عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان على ضرورة تدخل المشرع للعمل على ضبط صياغة المادة، لتصبح العقوبة مقتصرة على من يعتدون على دين بعينه أو ازدراء أشخاص، بحيث تكون مادة خاصة لمكافحة الكراهية للأشخاص أو للأديان، وإطلاق فتاوى شاذة، أو تكفير فريق بعينه داخل المجتمع لمجرد الاختلاف معه.
وأكد "عضو المجلس" أن حرية الاعتقاد في العمل الديني مطلقة وفقًا للأحكام الدستورية، وبالتالى بات نص هذه المادة على هذا النحو نصًا غير دستوري، مشددًا على ضرورة ضبط نص المادة بالطريقة التي لا تستطيع السلطات أو النيابات استخدامها بطريقة خاطئة ضد الأفراد سواء بإلقاء القبض أو بالإحالة.
وطالب "أبو سعدة" المشرع المصري بضرورة إلغاء التشريع القديم المتعلق بازدراء الأديان، ووضع نص تشريعي جديد ومنضبط، يحدد تعريف الازدراء وطبيعته، وعلاقة تلك المادة الدستورية المتعلقة بحرية الاعتقاد المطلق، حتى لا يتضرر الأفراد جراء هذه المادة غير الدستورية. وقال الحقوقي سعيد عبد الحافظ، رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان: إن الأفكار دائمًا تقابلها الأفكار فيما بينها، ويعمل أصحابها على تنقيحها وتنقيتها، وهذا الحل الأمثل في خلق نوع من التعددية الفكرية الحقيقية، وليس معاقبة وتجريم صاحب الفكر المختلف، مطالبًا المؤسسات التي يقع على عاتقها تجديد الخطاب الديني، تصحيح المفاهيم الإسلامية، وألا تكون «فظة» في انتقادها لأفكار الآخر.
وشدد "عبد الحافظ" على ضرورة إلغاء عقوبة ازدراء الأديان، مطالبًا الدولة بوضع إطار تشريعي يتسم بالمرونة وليس بالجمود يتصدى لأصحاب الأفكار المتشددة وقوى الظلام، وليس المجددين ممن يمتلكون رؤى علمية ومنطقية للإصلاح دون التجريح أو التشكيك على حد وصفه في ثوابت الأديان السماوية.