"توصيات البرلمان" تدخل "فريزر" الحكومة.. فصل "الشهر العقاري" عن "العدل" أحدثها.. وملاحظات "الموازنة" سيناريو مكرر
لسنوات طويلة ظل مصطلح «ثلاجة التجميد» حكرًا على مجلس النواب، الشعب سابقًا، غير إن الفترة الماضية، وتحديدًا منذ لحظة ميلاد البرلمان الحالى، الذى يقوده الدكتور على عبد العال، استطاعت الحكومات المتعاقبة، وحكومة الدكتور مصطفى مدبولى تحديدًا، الحصول على «الثلاجة» وبدأت فى استخدامها لحفظ قرار «النواب» إلى حين.
المماطلة والتسويف
المثير فى الأمر هنا أن حكومة «مدبولى» لم تكتف بوضع قرارات وتوصيات «برلمان عبد العال» فى «ثلاجة التجميد» الحكومية، لكنها اخترعت أسلحة ووسائل أخرى تتعامل بها مع كل ما يأتي لها من ناحية المجلس، حيث بدأت فى اللجوء واستخدام أسلوب «المماطلة والتسويف» في التعامل مع غالبية ما يصدره البرلمان من توصيات فى العديد من الملفات، وهو الأمر الذى يثير غضب النواب تحت القبة، ويدفع رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال، لتوجيه وزير شئون مجلس النواب لاتخاذ اللازم.
فصل الشهر العقاري
آخر هذه الوقائع، ما حدث بشأن «الشهر العقاري» وما صدر عن المجلس من توصية مرهونة بمدة معينة 15 يومًا، لنقل تبعية مصلحة الشهر العقارى من وزارة العدل، على خلفية ما يعانيه المواطنون من مشكلات يومية بسبب تأخر مصالحهم.
واقعة «الشهر العقارى» لم تكن الأولى من نوعها، والمعطيات الراهنة كافة تشير إلى أنها لن تكون الأخيرة، فى تعامل الحكومة مع توصيات البرلمان، بل إن مجلس النواب منذ بداية عمله قبل قرابة 4 سنوات، ويواجه أزمة فى التعامل مع تنفيذ توصياته، لعل أبرزها ما يتعلق بالموازنة العامة للدولة، فرغم أن الدستور أقر بموازنة مقطوعة من الناتج القومى لقطاعى التعليم والصحة، إلا أن مجلس النواب، يواجه أزمة مع وزارتي المالية والتخطيط فى هذه المخصصات، وتتباين التفسيرات والتأويلات، ويتم تمرير الموازنة العامة للدولة بالملاحظات، ويتم التوصية بتلافيها فى العام المالى الذى يليه، لتظل الأزمة فى كل عام.
وفى الاجتماعات الأخيرة للجنة الخطة والموازنة وجه النواب انتقادات للحكومة بسبب عدم التزام الأخيرة، ممثلة فى وزارة المالية، بتنفيذ توصية اللجنة الواردة بتقريرها العام عن الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018/ 2019، فيما يتعلق بخلو التصنيف الاقتصادى من بند يُدرج فيه حصيلة المبالغ الزائدة عن الحد الأقصى للأجور لدخول العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة.
وفى هذا الصدد قال المهندس ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة فى البرلمان: هناك موظفون يتقاضون مبالغ تتخطى الحد الأقصى للأجور، وأحد الموظفين فى إحدى الوزارات يتقاضى 6 ملايين جنيه سنويًا، واللجنة تتحدث فى هذا الأمر منذ نحو 3 سنوات.
وزارة المالية
كما أعرب «عمر»، عن استيائه من تباطؤ وزارة المالية فى تنفيذ توصية اللجنة الواردة بتقريرها العام عن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/ 2020، بشأن دعم وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى بمبلغ 500 مليون جنيه لصالح موجهى رياض الأطفال والإداريين ومعلمى وكوادر ومنسقى الصف الأول الابتدائى، رغم انتهاء النصف الأول من العام المالى.
وقال: «للعام الثانى يخرج عن اللجنة هذه التوصية، العام الماضى كانت لمعلمى رياض الأطفال فقط، وكانت هناك شكاوى من تجاهل الموجهين والإداريين ومعلمى الصف الأول الابتدائى العام الماضي».
كما هاجمت لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الحكومة لعدم تنفيذها توصيات البرلمان بشأن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/ 2020، واتهمتها بالتقاعس عن تقديم الدعم اللازم لوزارتي الصحة والتعليم وفقا لتوصيات اللجنة، وأشارت إلى أن وزارتي المالية والتخطيط، تجاهلتا تنفيذ توصيات المجلس على الموازنة العامة ودعم وزارتي التعليم والصحة بالاعتمادات الإضافية التى أوصت بها لجنة الخطة والموازنة ومنها 8 مليارات جنيه لوزارة التربية والتعليم وللأبنية التعليمية، فضلًا عن دعم بقيمة مليار جنيه للعلاج على نفقة الدولة، ودعم 825 مليون جنيه لمشروع تجميع البلازما، و100 مليون جنيه للمجالس الطبية لإنشاء مستشفى بالقليوبية.
المحليات والأسواق الشعبية
ولا يتوقف الأمر عند السيناريو السنوى المتمثل فى الملاحظات والتوصيات على الموازنة العامة للدولة، لكن هناك ملفات أخرى، تحديدًا تلك التى تتعلق بالمحليات، مثل الأسواق والمواقف العشوائية، وأزمات العاملين المؤقتين فى الدولة، والتسويات وفقًا لقانون الخدمة المدنية.
ومنذ بداية عمل المجلس، تم فتح ملف العاملين على الصناديق الخاصة وأهمية نقلهم على بند الأجور بالموازنة العامة للدولة، وتثبيت المؤقتين فى وزارة الزراعة التربية والتعليم وكافة الجهات، إلا أنه لا يوجد أي استجابة من الحكومة.
وتشهد جلسات البرلمان، حالة من الغضب التى يعبر عنها النواب، بسبب تجاهل الحكومة لتنفيذ التوصيات، بما فى ذلك تجاهل بعض المسئولين لحضور اجتماعات اللجان، ويقوم الدكتور على عبد العال، بدوره فى توجيه وزير شئون مجلس النواب، باتخاذ اللازم والحرص على تنفيذ توصيات المجلس، إعمالًا للتكامل بين السلطة التنفيذية والتشريعية.
استجواب الحكومة
وأمام حالة التجاهل فى تنفيذ التوصيات، لجأ النائب محمد فؤاد، إلى تقديم طلب لرئيس البرلمان، لاستجواب الحكومة بسبب ما وصفه «ضعف معدلات ردود الوزراء على الأدوات الرقابية البرلمانية وغياب متابعة وتنفيذ الحكومة لتوصيات المجلس».
وانتقد النائب، تجاهل الحكومة لممثلى الشعب، واصفًا ذلك بأنه «مخالفة دستورية تستوجب اتخاذ اللازم، لا سيما أن تجاهل التوصيات تؤثر على مصداقية المجلس لدى المواطنين، ويظهر بعدم قدرته على توجيه الحكومة».
وحدد «فؤاد» نسبة تقدر بـ35% هى معدل استجابة الحكومة للتوصيات والتعامل مع الأدوات الرقابية، مشيرا إلى أنها نسبة كبيرة جدا وتعمل على إعاقة المجلس فى القيام بدوره الرقابى، بما يؤثر على العديد من الملفات المهمة.
وأضاف: الحكومة تضرب بما استقر عليه المجلس عرض الحائط، مستشهدًا بتوصيات لجنة الإدارة المحلية على سبيل المثال فى شأن مواجهة أزمة سرقة غطاء صرف البالوعات، مما يتسبب فى وفاة المواطنين، ولجنة القوى العاملة فى شأن العمالة المؤقتة، والعاملين على الصناديق الخاصة، ولجنة الصحة فى تحويل بعض المستشفيات التخصصية إلى مستشفيات عامة، وغيرها الكثير من التوصيات التى تتعمد الحكومة فى تجاهلها.