أحمد عمر هاشم يشرح أسباب تحريم الرشوة
الرشوة حرام ومن الكبائر، فما دام دافعها اراد أن يأخذ حق أخيه وهو ما ليس له حق فيه فهى رشوة محرمة لأنه فوت على أخيه الذى أخذ حقه او مكانه الفرصة ، وذلك لانه يمتلك مالا يدفعه.
وحول أسباب حرمة الرشوة يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الازهر الاسبق:
الرشوة المحرمة ما توصل به الى إبطال حق او تمشية باطل ، أما ما وقع للتوصل لحق أو دفع ظلم فليس برشوة منهية.
واحب انبه الكثيرين الذين يبررون لأنفسهم الرشوة القائلين بأنها ما دامت من أجل الوصول الى الحق لا تكون رشوة ولا اثم عليها للدافع ، بل الاثم على الآخذ ، ويرى الحق فى صفه ، وغالبا ما يزعم انه يريد الوصول الى حقه ، وتصور له نفسه الامارة بالسوء انه صاحب حق وينسى ان اخاه الذى سيأخذ مكانه .
وفى الحقيقة ــ صاحب الحق والحديث النبوى كان واضحا وصريحا (الراشى والمرتشى والرائش) .
وقال الامام الذهبى ــ عند تعليقه على هذا الحديث ان الرشوة كبيرة لما ورد فى شأنها من اللعن الذى هو الطرد من رحمة الله تعالى، وانما كان الوعيد واللعن على الرشوة وعلى الوسيط القائم بالتوسط بين الدافع والآخذ، لان الرشوة تقوم على تبديل احكام الله وهى خصلة نشأت من اليهود المستحقين للعنة ، فإذا سرت الى المسلمين استحقوا ذلك .
وورد النهى عن الرشوة حتى فى التوراة فى السفر الثانى منها "ولا تقبلن الرشوة فإن الرشوة تعمى ابصار الحكام فى القضاء" .
وحرم الاسلام الهدية التى قد تكون فيها شائبة الرشوة بأن يقصدبها صاحبها استمالة قلب مسئول او لاجل منفعة خاصة ، اما الهدية الجائزة فى التى تكون بين الاقارب والارحام او بين الاصدقاء او الجيران بشرط ان تكون خالصة المودة لله وليست لعلة او منفعة .
وتعتبر الهدايا التى تكون لعلة او منفعة فهى رشوة مقنعة وقد حاربها الرسول صلى الله عليه وسلم فى اول مهدها فعن ابى حميد الساعدى انه قال :استعمل النبى صلى الله عليه وسلم رجلا من الازد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدى لى ،قال :فقام رسول الله فحمد الله واثنى عليه ثم قال :أما بعد فإنى استعمل الرجل منكم على العمل فيأتى ويقول :هذا لكم وهذا هدية اهديت لى ، افلا جلس فى بيت ابيه وامه حتى تأتيه هديته ، والله لايأخذ أحد منكم شيئا بغير حله الا لقى الله يحمله يوم القيامة فلا اعرفن احدا منكم لقى الله يحمل بعيرا له رغاء او بقرة لها خوار او شاة ، ثم رفع يديه حتى رئى بياض ابطيه فقال (اللهم بلغت ).
فعلى من كان فى منصب رفيع او كانت فى يده بعض حاجات الناس ان ينأى بنفسه عن مثل هذه الهدايا المقنعة ويوضح ذلك ما اخرجه ابن سعد من طريق فراط بن مسلم قال :اشتهى عمر بن عبد العزيز التفاح فلم يجد فى بيته شيئا يشترى به ، فركبنا معه فتلقاه غلمان الدير بأطباق التفاح فتناول واحدة فشمها ثم رد الاطباق ، فقلت له فى ذلك ؟
اقرأ أيضا:
جيش الاحتلال يعتقل 6 من جنوده يهربون أسلحة للفلسطينيين مقابل الرشوة
قال : لا حاجة لى فيه ، فقلت :الم يكن ابو بكر وعمر يقبلون الهدية ؟ فقال "انها لأولئك هدية وهى للعمال بعدهم رشوة فإذا كان تحريم الهدايا التى بها شبهة على هذا النحو فما بالنا بالرشوة الصريحة ؟ الا فاتقوا الله فى حقوق العباد ولا تفتحوا ابواب تحليل الرشوة ، فأجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار .