رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يحكي ذكرياته مع الشيخ زكريا أحمد

الأديب نجيب محفوظ
الأديب نجيب محفوظ

فى مثل هذا اليوم 14 فبراير 1961 رحل الموسيقار المصرى الأصيل واحد عمالقة الموسيقى الشرقية الملحن الفنان زكريا أحمد الذى قدم 1600 أغنية منها 63 لحنا لسيدة الغناء العربى أم كلثوم التى كان يجاورها فى مسقط رأسها بالشرقية، كانت بدايتها أغنية الورد جميل، غنى لى شوى شوى.

وصفه الأديب نجيب محفوظ فى جريدة الأهرام بعد وفاته بقوله: “ابن بلد لطيف وحبوب، ابن نكتة حكاياته لا تنتهى“.

وأضاف الأديب الكبير أن حكاياته تخرج من حكاية إلى حكاية أخرى فى تسلسل عجيب وترابط مذهل، فقد يبدأ فى حكى حكايته الأولى فى التاسعة مساء ثم يعود الى نفس الحكاية فى الثالثة صباحا بلا انقطاع.

وتابع: ”كنت أسأل نفسى متى يعمل الشيخ زكريا أحمد ويتم ألحانه وهو يداوم على سهراته اليومية فاكتشفت أن لديه عبقرية التلحين فى أى وقت، وأذكر أنه لحن أغنية “حبيبى يسعد أوقاته“ لأم كلثوم وهو يجلس معنا على المقهى، وفى مرات عديدة كان يضع لحنين مختلفين لأغنية واحدة ويعرضها علينا لنختار الأفضل، ولم يكن الشيخ زكريا يحب القراءة، وربما كانت روايتى "زقاق المدق" هى روايتى الوحيدة التى قرأها وأعجب بها للدرجة التى جعلته يعيد صياغتها ويحكيها امامنا كأنه مؤلفها.

واستطرد “محفوظ”: ”كان من الأسباب التى تجعل أصدقاء الشيخ زكريا أحمد يتحملون سطوته وسيطرته على القاعدة إلى جانب حبه لهم أنه يمثل الحكايات التى كان يحكيها بخفة دم ليس لها مثيل وهم لا يملكون انفسهم من الضحك.

وأردف: ”تعود معرفتى بالشيخ زكريا أحمد إلى صديق مشترك من الأعيان فى العباسية هو صلاح زيان الذى تعود على إقامة سهرة يومية فى بيته يحضرها الشيخ.. وزكريا أحمد عندما يتحدث لا يستخدم مصطلحات ثقافية أو فكرية لكنك تشعر أنك أمام رجل شعبى وابن بلد مليء بالموسيقى.. أما شخصيته فهى غاية فى الطيبة والإحساس بالمودة الدافئة نحو الناس وما كنت أظن أنه يمتلك كل هذا القدر من الكبرياء الذى جعله يختلف مع أم كلثوم، ذلك لأنها كانت تعطى له أجرا ممائلا للملحنين الذين يتعاملون معها بينما هو لديه الإحساس أنه متفوق وأن ألحانه مميزة عن ألحانهم”. 

 

بدأ التلحين مع الشيخ على محمود فى تواشيحه وإسماعيل سكر فى غنائه، ثم اتفق مع الزجال الساخر بيرم التونسى على مواجهة الإسفاف فى الأغنية وقدما أغنية (يا أهل المغنى دماغنا وجعنا )وصارا اصدقاء فيما بعد، وكما نشرت مجلة بناء الوطن عام 1961 تحت عنوان "ياصلاة الزين على زكريا أحمد " قالت: انطلق زكريا احمد الى عالم الاغنية السياسية فكتب يقول ( يا أرض رجى وزلزلى .. عرش الطغاة الظالمين ، ويا لعنة الله انزلى نيرانا على المتغطرسين) وكان لا يمل الحديث عن أيام الصعلكة المشتركة بينهما فى حوارى القاهرة الشعبية المظلمة.

نجيب محفوظ ينتقد ثورة يوليو في "السمان والخريف”

وواصل “محفوظ”: أحب زكريا احمد الموسيقار سيد درويش الى درجة العبادة ، وقد تطور حب الموسيقى والغناء عند هد على يد الشيخ درويش الحريرى صاحب المقامات الشهيرة وأصبح الحريرى أول أستاذ حقيقى علمه الموسيقى، وفشل فى دراسته بالازهر، واتخذ قراره وتنقل بين مشايخ الغناء واصبح دائم التردد على المسارح الغنائية المختلفة مثل مسارح على الكسار وعكاشة وعزيز عيد.

بدأ فى تقديم الاوبريتات حتى قدم 56 أوبريتا أشهرها أوبريت (عزيزة ويونس ) التى غنى فيه أغنية "يا صلاة الزين على عزيزة.. يا صلاة الزين" على مسرح الأزبكية، وأيضا أوبريت "يوم القيامة "على مسرح دار الأوبرا.

الجريدة الرسمية