رئيس التحرير
عصام كامل

سوريا والعراق ولبنان لنا وإيران إن أمكنا!!


في الماضي غير السحيق كان المتظاهرون غير المدركين لحجم التآمر الرامي لتفكيك وحدة وادي النيل يهتفون: (مصر والسودان لنا وإنكلترا إن أمكنا)!!.


لا بأس بالهتاف، خاصة وأن أحدا من الهتيفة لم يكن ليفجر المساجد ويقتل المصلين من أجل إجبارهم على البيعة لأيمن الظواهري وأزلامه، أكلة قلوب وأكباد البشر.

الوهابية القاعدية تريد حكم العالم إلا أنهم لا ينوون فعل ذلك دفعة واحدة ولذا فقد قرروا البدء بالتهام وجبة إفطار خفيفة، سوريا والعراق ولبنان، وإذا سارت الريح كما خطط ملك الريح - الذاهب حتمًا مع الريح - يجري التحلية بإيران قبل أن يمضي الجمع ليالي الأنس في فيينا لينجزوا ما فشل في إنجازه سليمان القانونجي سلطان الحريم والدماء على أبواب فيينا!!.

تبلغ المهزلة قمتها عندما تسمع النداء الموجه من ملك الريح، المسلح من ساسه لرأسه أمريكيا، المدعوم إسرائيليا بالقصف الجوي على جمرايا، وهو يطالب أتباعه (بالاتحاد ومواصلة القتال ضد حكم الرئيس الأسد وإحباط ما وصفه بمخطط أمريكا لتأتى بحكومة موالية لها فى سوريا تحمى أمن إسرائيل).

يطالب ملك الريح المترنح أتباعه وهو المسلح أمريكيا بإحباط (المخطط الأمريكي) وكأن المسكين لا يعرف من يسلحه (ربما بابا نويل) وهو بذلك يمثل دور الزوج المخدوع الذي يتجاهل حقيقة من يطعمه والذي غضب يوما من زوجته (العفيفة الشريفة) لأنه لم يجد البروتين على مائدته فردت عليه: ضيفنا العزيز لم يأت اليوم!!.

هل حقا لا يعرف الأخ أيمن من يمول ويسلح (أسود الشام) أو لم يقرأ التصريحات الأمريكية والأوروبية المتواترة عن تسليح رجاله بأسلحة فتاكة وغير فتاكة وأجهزة اتصالات وهل غاب عن ناظريه أن قاعدة انطلاق مقاتليه نحو الأراضي السورية تمر عبر تركيا العضو البارز في حلف شمال الأطلنطي، أو لعله لم يسمع أن قطر والسعودية لا تعدو كونها مجرد قواعد أمريكية!!.

يتجاهل ملك الريح المترنح أن من ينفق على تنظيمه ويمده بالسلاح والمعلومات ويسهل لهم اختراق الحواجز في العراق كي يتمكنوا من قتل أكبر عدد من الأبرياء، هم الأمريكان، ولذا نراه يقدم تحفظا مسبقا على نتائج مفاوضات جنيف - حال إجرائها والتي تقول بعض المصادر أنه سيحضرها عبر مندوبين – وهو ألا تكون الحكومة الآتية موالية لأمريكا ولا ضامنة لأمن إسرائيل، فإذا نقض الأمريكان عهودهم وجاءوا بحكومة لا يرضى عنها، أصدر بيانا مطابقا للبيان الذي أصدره المهزومون في القصير منددا (بالنفاق العالمي)!!.

الأخطر في نداء ملك الريح هو ما أقر به بصورة أكثر من ضمنية وأقل قليلا من الاعتراف الصريح بوجود تفاهم مبدأي مع الإدارة الأمريكية وعملائها عندما قال: (إن أمريكا وعملاءها وحلفاءها يريدون أن تسفكوا دماءكم ودماء نساءكم وأطفالكم لتسقطوا الحكم البعثي ثم ينصبوا من بعده حكومة موالية لهم محافظة على أمن إسرائيل تتمرد على الشريعة الإسلامية. وأضاف: إن الجهاد اليوم في الشام يراد له أن يكون مخلبا أمريكيا، وأداة غربية لمواجهة إيران، قائلا أن «الجهاد في الشام أكبر وأعظم من مطامع أمريكا ومن نفوذ إيران»، وخاطب «المجاهدين» قائلا: إن دماءكم الطاهرة أثمن وأغلى وأعز من أن تباع في سوق المساومات الأمريكية الغربية).

يبدو واضحا أن هذا التفاهم (المبدأي) نسبة للبدء وليس للمبدأ، يتضمن تفاهما على إسقاط النظام السوري على أن يترك مصير الحكم بعد ذلك للأقوى على الأرض (وهو حتى الآن يرى نفسه الأقوى).

لو لم يكن هذا التفاهم المبدأي موجودا لما سارعت أمريكا لنصرة جبهة النصرة ومحاولة إنقاذها من الهزيمة في القصير عبر مطالبتها حزب الله يوم 29 مايو 2013 (بأن يسحب مقاتليه من سوريا على الفور) وهو الطلب الذى جرى تجاهله كأن أمريكا لم تكن ولم تعد!!.
على الناحية الأخرى فقد استمعنا إلى خطاب السيد حسن نصر الله والذي حدد دوافعه للدخول على خط الاشتباك في سوريا عندما أعلن (أن لسوريا أصدقاء لن يسمحوا بسقوط دمشق أو خروجها من محور المقاومة، فضلا عن التصدي لمن اعتدى على أضرحة ومقامات أهل البيت والصحابة في سوريا).

لا يتعلق الأمر إذا بأهداف توسعية ولا برغبة في إسقاط أي نظام في المنطقة بما فيها تلك النظم التي ساندت ومولت العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 أو تلك التي تتدخل في سوريا الآن بكل ما لديها من إمكانات.

من وجهة نظرنا فدخول حزب الله كطرف في المواجهة هو تدخل استباقي يهدف أولا لمنع انتقال الصراع إلى لبنان وثانيا لإبقاء خط إمداده الاستراتيجي من سوريا مفتوحا وثالثا لإفشال الهجوم الواسع والخطير الذي تشنه أمريكا على سوريا والمقاومة عبر تزويد (أسود الشام) بأحدث أنواع الأسلحة وأكثرها تطورا.

وبينما يواصل الغرب المنافق حسب بيان جبهة النصرة حديثه عن مكافحة الإرهاب إلى آخر تلك الطنطنات الفارغة نراه يدعم تنظيم القاعدة ليس فقط من أجل إسقاط نظام الأسد بل من أجل تسليم حكم سوريا وبلاد الشام لجبهة الظواهري وهذا هو القطب المخفي في النهج الجهنمي للشيطان الأمريكي الأكبر.

إنها حرب عالمية بقيادة أمريكا يمولها المال النفطي والتخطيط التركي وأجهزة التجسس والمستشفيات الإسرائيلية ويشارك فيها الأردن فضلا عن العنصر البشري الانتحاري المجلوب بالمجان من كل أصقاع الأرض من المغرب وحتى الصين مرورا بأفريقيا وحتى بريطانيا وأمريكا التي ساهمت بعدد لا بأس به من المقاتلين والمدربين.

لا عجب أن يشيد المحلل الخصوصي للجزيرة صفوت الزيات ب(إنسانية) الصهاينة قائلا: "إن الجيش الاسرائيلي يقوم بنقل الثوار الجرحى الى مشفى صفد، وفي حال كانت اصاباتهم خطرة ينقلهم الى مستشفى هاداسا في حيفا في حين أن النظام السوري يمنع نقل جرحى المقاتلين والثوار من البويضة إلى المستشفيات كما أن الجيش الإسرائيلي لم يوجه أي ضربات ضد المناطق المدنية في غزة زي الجيش السوري ما بيعمل في القصير".

العالم كله يحارب الآن سوريا التي كان يمكن أن تذبح وتؤكل كما يؤكل الأيتام على مأدبة اللئام لولا حلفاؤها في روسيا والصين وإيران وحزب الله.

ليس فقط من أجل إسقاط النظام السوري بل لتكون دمشق عاصمة الدولة الطالبانية القادمة.

يقولون أنهم يريدون إسقاط نظام استبدادي وربما كان هذا صحيحا ولكن من حقنا أن نسأل كيف ولماذا تجمع ملوك الريح والظلام والاستبداد من أجل إسقاط نظام استبدادي؟!.

البعض الآخر ونحن منهم يقول أنها حرب من أجل إسقاط محور المقاومة وهذا صحيح، إلآ أن تحالف ملوك الريح مع ملوك الظلام يقول ما هو أكثر من هذا؟!.

إنها حرب للهيمنة على العالم الإسلامي بأسره ووأد صحوته قبل تسليم مراكز الانبعاث والنهضة إلى ملوك الريح يدمرون ويخربون على أن يعود الأمر مرة أخرى ونهائية لملوك الظلام.

بوسعنا الآن أن نجزم أن أمريكا التي تزعم محاربتها للإرهاب لا تمانع أن يتسلم إرهابيو القاعدة حكم سوريا تماما كما تسلم أشقاؤهم حكم مصر، بينما ينام البعض على حرير الدعاية الأمريكية المضللة.

الجريدة الرسمية