رئيس التحرير
عصام كامل

صدور "المثاقفة وسؤال الهوية" لصلاح السراوى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

صدر كتاب "المثاقفة وسؤال الهوية..مساهمة فى نظرية الأدب المقارن" للدكتور صلاح السراوى؛ عن دار الكتب بالقاهرة فى 137 صفحة من القطع المتوسط.


ينطلق الكتاب من سؤالين مترابطين، مؤداهما: ما المخاطر التى تهدد الأدب والثقافة فى عصر ثورة الاتصالات والعولمة والغزارة المعلوماتية والسماوات المفتوحة ؟، وبالتالى: ما دور علم الأدب المقارن فى التعامل مع هذه المخاطر؟.
وللإجابة عن هذين السؤالين، كان من الضرورى الانطلاق من نظرة نقدية لمناهج الأدب المقارن المستقرة، ومحاولة اكتشاف أوجه أزمتها وقصورها المتعددة الجوانب، وبخاصة بعد تدشين فعاليات "العولمة" منذ النصف الثانى من تسعينيات القرن العشرين.
حيث بدأ بجلاء بؤس وضعف هذه المناهج البالغ فى عجزها عن إيجاد تفسير موضوعى لعملية الانتقال الأدبى والثقافى؛ على نحو يتسم بالحيدة والنزاهة العلمية وعدم الخضوع لأجندات سياسية معينة.
بل إن المدرستين الأكثر انتشارا فى أوساط المقارنين فى العالم، وهما المدرسة الفرنسية والمدرسة الأمريكية، انطلقتا فى كثير من ممارساتهما التطبيقية لتحقيق أهداف سياسية تكرس لوضعية المركزية الأوروبية، ثم المركزية الغربية- الأورو أمريكية، على التوالى.
ومحاولة إبراز الأدب الأوربى ثم الغربى، بعد التصدر الأمريكى لزعامة العالم الغربى بعد الحرب العالمية الثانية، وتفوقه على غيره من الآداب، بل وحسبان هذا الأدب مصدرا للقيم الجمالية، ومعيارا لها بالنسبة لباقى آداب العالم.
وهو ما أدى إلى الانطواء على نزعة استشراقية، بالمعنى الاستعلائى السالب للكلمة، تبرز بين حين وآخر فى تعاطيهم مع الآداب الأخرى، وبخاصة الشرقية منها.
وهو ما يجعلنا نظن أن المدرستين السابقتى الذكر، إنما تبطنان كذلك نزعة عنصرية عميقة الأغوار.
يضاف إلى ذلك أن المدرسة السلافية، وهى الوحيدة التى نجت من الوقوع فى المثالب سابقة الذكر، قد توقف بثها، مع المدرستين السابقتين، عند حدود دراسة ظاهرة الانتقال الأدبى، وبالطبع تميزت بطرح درسهاعلى أسس اجتماعية - ثقافية - بدون طرح لآليات الانتقال وعمليات التفاعل الثقافى - الأدبى الممكنة.
ويحاول الكتاب دراسة عملية الانتقال الأدبى على أسس جديدة، أملتها التحولات والتغيرات الكونية المستجدة، والتى طرحت تحديات بالغة الجدية للهويات الثقافية الكبرى القديمة، تجاوزت المفهوم السابق لمصطلح "الغزو الثقافى"، لتطرح تحديات أكبر متمثلة فيما أطلق عليه اسم "التنميط الثقافى" الذى ينطوى على معانى الطمس والإلحاق والتدمير الثقافى لصالح هيمنة منظومات القيم والمفاهيم والبنية الثقافية التى ينطلق منها ويبشر بها المركز الثقافى الغربى.
ويطالب الكتاب هنا بضرورة تطوير منهجية عمل الأدب المقارن لتتسع إلى مجمل المنتج الثقافى، وعدم فصل الأدب عن محيطه المعرفى والثقافى والاجتماعى العام.
وذلك من خلال تفعيل مفهوم "المثاقفة"، كما يحاول طرح آليات جديدة لعمليات التثاقف وأشكال ودرجات التفاعل الثقافى، وأن يتم تركيز العمل فى الجانب المقابل على دراسة العناصر، والمكونات المحددة لمفاهيم الثقافة الوطنية والهوية الوطنية وآليات حركة كل منهما، ومن ثم دراسة مفاهيم "المثاقفة"، وآليات التفاعل الثقافى بأشكالها "الطوعية" و"القسرية".
ويتبنى الكناب منهجا اجتماعيا - ثقافيا، يحاول تطوير ما قدمته المدرسة السلافية من طروحات تأسيسية؛ تتمثل فى العلاقة الجدلية الحتمية بين "التشكيلات الاجتماعية التاريخية" و"التشكيلات الفنية والفكرية".
كما يرى الظاهرة الأدبية فى إطار أكثر اتساعا يشمل مجمل المنتج الثقافى والمعرفى الذى يتم من خلاله طرح ما أسميه بـ"سؤال اللحظة التاريخية" الذى يحدد على نحو غير مباشر اتجاهات الأدب فى تلك النقطة المحددة من الزمن.
وذلك عبر تمهيد طرحت فيه أزمة مدارس الأدب المقارن الراهنة والتباسات الممارسة المقارنية بغيرها من النزعات السياسية والاستعمارية. ومن ثم التحديات الثقافية والوجودية التى تطرحها اللحظة التاريخية التى نعيشها.
والكتاب يقع فى أربعة فصول: هى منهج عمل الأدب المقارن، ومفهوم الثقافة الوطنية والهوية الوطنية، ومفهوم المثاقفة، ونوعا المثاقفة وآليات عملهما.

الجريدة الرسمية