رئيس التحرير
عصام كامل

استدعاء مبارك إلى معركة "سد الإخوان"


حينما تستمع إلى مرسى وصحبته فى جلسات المائدة إياها، وخطاباته "المقندلة" بأيدى المتأخونين من حوله، تشعر بخطورة انفعالاتك على جيوبك الأنفية، خاصة إذا ما أصر تليفزيون الحاج متولى على تسمية السد الأثيوبى بسد "الألفية" بدلاً من "النهضة"، لاستبعاد شبهة التواطؤ الإخوانجى بالصمت أو الجهل على مصالح الشعب المصرى وأمنه القومى.


ولأن الظاهرة الصوتية المتزايدة فى صورة نظام جاهل لا يرى من مجمل الأزمات سوى عشيرته وشقيقاتها، لم يعد هناك تباين بين ما يقوله مندوب الجماعة فى قصر الرئاسة، وبين ما يسطره منافقون وأفاقون ومتحولون من كلمات فى مقالاتهم عن إنجازات لا يشعر بها إلا الشريك القطرى فى المشروع الإقليمى للتنظيم، لدرجة تطابق رؤى بعضهم التائهة مع حكمة أتباع الجماعة المباشرين تضليلاً وزيفاً غير منقطع حول سياسات حكومة التنظيم.

وعلى خلفية هذا التوافق المشبوه بين جريمتى الإنكار والشهادة الزور، تحضر كلماته فى إطار السعى الإخوانجى لتدارك تداعيات الاجتماع السرى الفضيحة، تحمل أنماطاً جديدة من الاستخفاف بعقول المصريين حول قضية السد والتنمية المشتركة مع أثيوبيا ودول حوض النيل، ملخصة الإنجازات فى "تقارير واجتماعات وتشكيل لجان وعقد لقاءات لجهات مسئولة"، مكررة التهديدات مجدداً لحكومات دول أسقطت بخطواتها السياسية والدبلوماسية هيبة "الشقيقة" الكبرى فى أفريقيا، بما لها من تاريخ تأصلت معه عقدة الستينيات فى العقل الجمعى الإخوانجى، لدرجة تسعى معها الجماعة إلى التخلص منه أولاً قبل البناء مجدداً على أرضية الإرشاد.

وفى يونيو الذى جمع نكسة 67 ووكسة السد وكارثة صعود الجماعة للحكم قبل عام من الاغتراب، حضرت تشكيلات الجماعة داخل وخارج قاعة الخطاب الهزلى ، بالتوازى مع هتافات الحب والتضحية "المباركية"، وسط تكرار عبارة "الصبر على أهل مصر" وطرح إفيه "المصالحة والتوحد" حول ملف "السد"، بعد فشل "طبخة" نور لعشاء شاطر الجماعة وعجوز الدبلوماسية، فى اختلاق دور جديد لوسطاء الجهل بمقدرات الوطن على مائدة بسلامته.

ولأنك لا تستطيع جمع معنيين اثنين لجملة عبارات الخطابات المهلهلة والمشتتة نواتها، فلا تقدر على فهم أسباب ظهور أصحاب الأفواه "المفشوخة" حينما تُستدعى سيرة مبارك ونظامه من أجل إلصاق اتهامات بالية به، دون حراك تشريعى من مجلس "الإسهال" باتجاه تصحيح أسس المحاكمات، فتظل إطالة أمد التقاضى حيلة عبقرية لإلهاء المصريين عن مصيبتهم فى حكومة لا تعرف مبرراً لوجودها أكثر مما يحدده مرشد جماعتها، ومعها تنهض سيرة الرئيس السابق مقترنة إخوانياً بتمرد وثورة المصريين على غباء الجماعة السياسى.

وبنفس المنطق تستدعى سيرة "ناصر" بعد إنجاز الجماعة كارثة جديدة، فكان مشهد خروج مندوبها الرئاسى وسط أتباع عشيرته سعياً لتدارك فضيحته وحواريه، محاولة لاستنساخ مصغر لمشهد خروج المصريين لوأد فكرة التنحى فى 9 يونيو 1967 ، ليتجدد فى صدور عشيرته روح أكذوبتها التاريخية "على القدس رايحين" فى التعامل مع سيرة أثيوبيا وسدها.

يا سادة.. حدودنا الغربية المتآكلة وحراسها بفعل وهن النظام وتفريطه فى كرامة المصريين، وجبهتنا الشرقية المختطفة معها سيناء جراء إفراجات النظام عن أصدقائه بجماعات لا تعرف للإرهاب حدودا ، وتتبع خطوات الشد والجذب بينه وبين المؤسسة العسكرية وما أعقب عملية اعتقال والإفراج عن الجنود السبعة بطريقة مشبوهة، وسقوط ضحايا جدد من ضباطنا آخرهم النقيب محمد عبد العزيز السيد، وإلحاح السودان على تحقيق حلمها بوعد شلاتين وحلايب، وبقاء إسرائيل مستقرة آمنة من ذراع الجماعة فى الأراضى المحتلة، تنتهى بنا إلى نتيجة واحدة: "لا سداد فى مواجهة أزمة سد أثيوبيا".

لا تنسوا كذبهم والثورة، ولا تتجاهلوا الشهداء والمحاكمات الهزلية لقتلتهم، ولا تغفلوا حماس وسلاحها والجماعة ومليشياتها وجنودنا وشبابنا الضحايا، وتذكروا أن الجماعة لا تسن أسلحتها إلا على "أهل مصر" كما يناديهم والى غزة والمحروسة ، مترجماً مشروع دولة مرشدة أمريكية الصنع، التى تأخذ من أهل مصر ولا تعطيهم.
الجريدة الرسمية