حيثيات فصل مدرس تحرش بـ١٢٠ طالبة.. المتهم وضع يده على أماكن حساسة من أجسادهن.. والمحكمة تضع 10 مبادئ لمواجهة التحرش
أودعت المحكمة الإدارية العليا حيثيات حكمها في قضية تحرش جماعي وقضت بفصل مدرس رياضيات بإحدى مدارس الإسكندرية تحرش جنسيا بتلميذات فصلين كاملين للصف السادس الابتدائي “120 تلميذة” بوضع يده على أماكن حساسة من أجسادهن.
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وحسن محمود ونبيل عطاالله نواب رئيس مجلس الدولة حكمها على عشرة مبادئ قررتها المحكمة العليا لمواجهة التحرش المدرسى من المعلمين.
التحرش بالفتيات
وقالت المحكمة إن البنت المصرية تتعرض للتحرش واغتصاب حقوقها على مدار مراحلها السنية بدءًا من الختان والتسرب من التعليم وتزويجها وهى قاصر وحرمانها من الميراث، وعقاب التحرش الجنسى لكل من حصل على منفعة ذات طبيعة جنسية له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه.
وأضافت أن المُعلم له دور تربوى تجاه التلميذات نحو كسائهن بكساء العفة والوقار ومن يمس عفتهن جزاؤه البتر من المؤسسة التعليمية، وحرمة تلميذات المدارس في محراب العلم المقدس من النظام العام والتحرش بهن عدوان على المجتمع كله.
وأشارت إلى أن الطفل في مراحل التعليم يكون معرضاً للخطر، إذا تعرض داخل المدرسة للأعمال الإباحية أو التحرش أو الاستغلال الجنسي وأن جهود الدولة وحدها ليست كافية بل يشاركها منظمات المجتمع المدنى فلا يمس عفة المرأة ولا تشعر بالدونية في مجتمع هى أمه وأخته وابنته وزوجته.
وأكدت المحكمة أن تجريم المشرع المصرى لصور التحرش الجنسى دليل على عزم الدولة على محاربة هذه الظاهرة بعد أن استفحلت وأصبحت تنال النساء من جميع الفئات والطبقات والأعمار، وأنه محظور كل إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة من وسائل التعليم في المدارس، بما في ذلك وسائل الاتصالات.
وقالت إن القضية كشفت عن آفة خطيرة في تحرش المعلمين بتلميذات المدارس في الحلقة الأولى من حياة الطفل، كما أن الأمم المتحدة خصصت يوم 25 نوفمبر من كل عام باعتباره اليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة، والمشرع المصرى بادر إلى تجريم التحرش الجنسي.
وكشفت المحكمة أن اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة الإسكندرية التي يترأسها المحافظ لم تقم بأى دور ولا اللجنة الفرعية لحماية الطفولة بالمجلس القومى للطفولة والأمومة، رغم جسامة ما تعرضن له تلميذات المدرسة من تحرش جنسى جماعي اَثم على يد معلمهم، واستنهضت المحكمة دور لجان الطفولة بالمحافظات برئاسة المحافظين، وكذلك دور المجلس القومى للطفولة والأمومة عن طريق المتابعة من فروعه التابعة له بالمحافظات.
وسجلت المحكمة في حكمها المستنير أنه بغير دور حقيقى لأجهزة الطفولة على مسرح واقع الحياة العملية سوف تبقى نصوص قانون الطفل حبراً على ورق، وستصاب مصر في أعز ما تملك من ذخيرة نحو مستقبل النشء لتتقدم بهم الأمة المصرية.
التحقيقات
قالت المحكمة إن الثابت بالتحقيقات وما جاء بالشكاوى المقدمة من طالبات فصل 6/3 و 6/5 (120 تلميذة) بإحدى المدارس بمحافظة الإسكندرية وأولياء أمورهن ضد الطاعن معلم الرياضيات قيامه بمسك صدور التلميذات ووضع يده على أفخاذهن وأكتافهن وعلى أماكن حساسة من أجسامهن وقيامه بإجلاسهن علي رجليه والتحرش بهن، وأن ثبوت هذا الجُرم الأخلاقى وما اقترفه من إثم في نطاق ممارسته لمهام وظيفته المقدسة ومهنته المعظمة وهي التدريس يعد اعتداء على المجتمع كله، لارتباطه بالنظام العام وحسن سير المرفق وحتى يكون عبرة وعظة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حرمة التلميذات في محراب العلم المقدس.
وأضافت: ”من ثم فإن ما نسب إليه بهذا الشأن يكون قد ثبت في حقه ثبوتا قطعيا لا شك فيه مشكلا ذنبا إداريا جسيما ومسلكا معيبا لا يتفق وكرامة الوظيفة ويعد ما اقترفه بحسبانه معلما في محراب العلم وما أتاه من تلك الأفعال مع أطفال صغيرات وهو القائم على تعليمهن وتربيتهن كافياً أن يفقده الصلاحية للعمل في هذه المهنة المقدسة“.
وقالت المحكمة إنه كان يتعين على الطاعن وهو المُعلم أن يتحلى بالفضائل والأخلاق وحسن التربية، خاصة في علاقته مع تلميذاته والبعد عن كل ما يخدش حياءهن والمساس بعفتهن والحرص على أن يكون القدوة الصالحة لهن لا التعدي عليهن، وقد ذخرت الأوراق بتأييد جميع الطالبات اللاتي سمعت أقوالهن وما أدلى به باقي الشهود من أن الشكاوى التي تم التحقيق فيها تلوك سمعة الطاعن المنحرف بما يشكل في حقه إخلالا جسيما بكرامة وظيفته وانحدارا بمسلكه إلي الدرك الأسفل، وإثماً تأديبيا يستوجب بتره من المؤسسة التعليمية لمخالفته الالتزامات القانونية الواجبة عليه فضلا عن مخالفته تعاليم الشرائع السماوية وما يوجبه الدين من كسائهن بكساء العفة والوقار ويؤكد علي عدم صلاحيته لشغل تلك الوظيفة.
وذكرت المحكمة أن الطعن الماثل كشف عن آفة خطيرة وداء عضال وهى تحرش المعلمين بتلميذات المدارس في محراب العلم، الذى انتشر في هذا الزمان وهى الحلقة الأولى في حياة الطفل، حيث ظن كثير من أهل الشهوات أنهم أحرار في عقولهم وأجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم فانطلقت شهواتهم من أعنتها تبحث عن فرائسها متحرشة بالفتيات والأولاد على السواء، أن التحرش الجنسى ظاهرة إنسانية عانت منها البشرية وما زالت بالرغم من التعاليم الإلهية بتأثيم هذه الظاهرة وأفعالها، وبالرغم من التطور الحضارى الذي بلغته الإنسانية وتجريم الدول لظاهرة العنف ضد المرأة إلا أنها ما زالت متفشية وفى ازدياد.
وأوضحت المحكمة أن الأمم المتحدة خصصت يوم 25 نوفمبر من كل عام باعتباره اليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة، ولقد بادر المشرع المصرى إلى ذلك في نص في المادة 306 مكرر أ من قانون العقوبات على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة اَلاف جنيه ولا تزيد على خمسة اَلاف أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة من وسائل التعلم بالمدارس بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية، وفي حالة العودة تضاعف العقوبة.
وأشارت المحكمة إلى أن المشرع اعتبر بموجب المادة 306 مكرر ب من القانون المذكور تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة بقصد حصول الجانى على منفعة ذات طبيعة جنسية أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه.
وأشارت المحكمة أنه ولئن كان تجريم المشرع لصور التحرش الجنسى لدليل على عزم الدولة على محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها بعد أن استفحلت وانتشرت وأصبحت تنال النساء من جميع الفئات والطبقات والأعمار، إلا أن هذه الجهود ليست بكافية حتى الاَن لاستئصال هذه الظاهرة أو الحد منها بل ازدادت بما يتعين على الدولة ومنظمات المجتمع المدنى أن تبذل جهودا مضاعفة من أجل القضاء على هذه الظاهرة قضاءً مبرماً وتعمل على توعية المواطنين بهذه الظاهرة وخطورتها وصورها المختلفة وتمتد هذه الجهود لمحاربة العنف ضد المرأة بصوره المختلفة بدءًا من التمييز على أساس النوع وختان البنات، وحرمانها من التعليم وتزويجها وهى لا تزال قاصراً، وحرمانها من الميراث والتعرض لها في زيها الذى تريده وفى وسائل المواصلات العامة والطرقات بما ينتقص من حقوقها ويمس عفتها ويخدش حياءها ويشعرها بالدونية في مجتمع هى أمه وأخته وابنته وزوجته. فمن اعتدى عليها وخانها فقد خان نفسه وجرح شرفه وهتك عرضه ومس عفته قبل أن يعتدى على شرفها ويهتك عرضها ويسلبها حقوقاً قررها الشرع وحفظها القانون وصانتها المروءة .
واستطردت المحكمة أنه فى نطاق الطعن الماثل فإن المحكمة تشير إلى ما نصت عليه المادة 96 من قانون الطفل رقم 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 من أنه يعد الطفل معرضاً للخطر ، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، و ذلك في عدة حالات من بينها من نصت عليه الفقرة السادسة من ذلك النص وهى إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الاستغلال التجاري أو التحرش أو الاستغلال الجنسي.
وسحلت المحكمة الغياب التام للجنة العامة لحماية الطفولة بالإسكندرية عن ممارسة أى دور فيما يتعلق بالانتهاكات الجنسية التى تعرض لها أطفال المدرسة الابتدائية بالإسكندرية، فقد ألزم قانون الطفل فى المادة (97) منه بأن تنشأ بكل محافظة لجنة عامة لحماية الطفولة، برئاسة المحافظ وعضوية مديري مديريات الأمن والمختصة بالشئون الاجتماعية والتعليم والصحة وممثل عن مؤسسات المجتمع المدني المعنية بشئون الطفولة ومن يرى المحافظ الاستعانة به، ومن بين ما تختص به لجان حماية الطفولة الفرعية مهمة رصد جميع حالات التعرض للخطر والتدخل الوقائي والعلاجي اللازم لجميع هذه الحالات ومتابعة ما يتخذ من إجراءات وهو ما أجدبت عنه الأوراق فى أية مرحلة من مراحل العدوان على تلميذات المدرسة بتحرش معلمهن بهن.
اقرأ أيضا:
"الإدارية العليا" تفصل مدرسا تحرش بـ١٢٠ طالبة في الإسكندرية
واختتمت المحكمة أنها تستنهض دور المجلس القومى للطفولة والأمومة فيما يتعلق بإنقاذ هؤلاء الأطفال على أرض الواقع عن طريق المتابعة من فروعه التابعة له، خاصة وأن المادة المشار إليها نصت على أن ينشأ بالمجلس القومي للطفولة والأمومة إدارة عامة لنجدة الطفل تختص بتلقي الشكاوى من الأطفال والبالغين ومعالجتها بما يحقق سرعة إنقاذ الطفل من كل عنف أو خطر أو إهمال و لإدارة نجدة الطفل صلاحيات طلب التحقيق فيما يرد إليها من بلاغات و متابعة نتائج التحقيقات وإرسال تقارير بما يتكشف لها إلى جهات الاختصاص وهو ما أجدبت عنه الأوراق أيضاً، وبالمخالفة أيضاً للدور المنوط بها وفقا للمادة (98) من قانون الطفل التى أوجبت فى حالة تعرض الطفل في إحدى حالات التعرض للخطر عُرِضَ أمره على اللجنة الفرعية لحماية الطفولة لإعمال شئونها.
وأشارت إلى أن الأوراق خلت من أى دور قامت به اللجنة العامة لحماية الطفولة بالإسكندرية ولا اللجنة الفرعية لحماية الطفولة بالمجلس القومى للطفولة والأمومة، رغم جسامة ما تعرضن له تلميذات المدرسة المذكورة من تحرش جنسى جماعى اَثم على يد معلمهن الذى يفترض فيه العلم والفضيلة فبغير دور حقيقى على مسرح واقع الحياة العملية وليست النظرية فسوف تبقى نصوص قانون الطفل حبراً على ورق وستصاب مصر في أعز ما تملك من ذخيرة نحو مستقبل النشء لتتقدم بهم الأمة المصرية.