رئيس التحرير
عصام كامل

"قوم يا مصري".. من أجل الاستمتاع بخدمة الفقراء

إحدي القوافل الطبية
إحدي القوافل الطبية - صورة أرشيفية

السبت الأول من كل شهر في حياة "لميس فاروق" له حسابات أخرى، فهي تصحو من نومها في تمام السادسة صباحًا لتجهيز معداتها الطبية، في انتظار أن تمر عليها حافلة قافلة "قوم يا مصري" الطبية الخيرية، متوجهة إلى إحدى القرى الفقيرة في مصر.


لميس طبيبة استشارية في طب الأطفال، وإحدى المتطوعات في قافلة "قوم يا مصري"، وهي تضم مجموعة من المتطوعين، أطباء وغيرهم من الناشطين في مجال تقديم الرعاية الصحية رعاية صحية متكاملة للفقراء، خاصة بعد وصول نسبة الفقر في مصر العام الماضي وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات إلى 25 % من الأسر المصرية.

"قوم يا مصري" هي التطور الطبيعي لرحلة التطوع التي خاضتها لميس منذ عامها الأول في كلية الطب جامعة القاهرة، عندما كانت ترأس اتحاد الطلاب، ولها العديد من الأبحاث والأنشطة الخدمية داخل الحرم الجامعي.

ومع مرور الوقت، شعرت لميس بمدى مسئوليتها تجاه الوضع الصحي في مصر، وبأن دورها لا يجب أن يقتصر على علاج المرضى في المستشفيات، وأن يمتد إلى ما أكثر من ذلك، وهو الدافع الذي جعلها تنضم إلى فريق "قوم يا مصري"، للمساعدة في رفع مستوى الصحة، وذلك بعد وصول نسبة المحرومين من الرعاية الصحية، بحسب بعض التقديرات، إلى 29،8%، متمركزين في عدد من القرى والنجوع الفقيرة.

من أجل هذا تحرص "قوم يا مصري" في أنشطتها على تقليل تلك النسبة، من خلال التطوع ليوم واحد في الشهر، لعلاج مرضى قرية من القرى الفقيرة التي يتم الاتفاق عليها، كان آخرها الأسبوع الماضي في منطقة "إسطبل عنتر" وهى أحد أكثر المناطق فقرًا وعشوائية وتدنيا في المستوى الصحي والاجتماعي بالقاهرة، رغم أنها كانت بالماضي منطقة أثرية مهمة.

دور "قوم يا مصري" في "إسطبل عنتر" لا يقتصر على العلاج، بل يمتد لتقديم الاستشارات الطبية والندوات الصحية، لزيادة وعي الأهالي ببعض الأمراض المنتشرة في المنطقة، خاصة مرض التهاب الكبد الوبائي الشائع في مصر، بالإضافة إلى تقديم رعاية صحية متقدمة في بعض الحالات الأكثر خطورة، عن طريق تحويلهم إلى المستشفيات الكبرى، لعمل التحاليل والفحوصات اللازمة، وفى أحيان كثيرة تحتاج بعض الحالات لإجراء جراحات خاصة.

الاستعداد للقافلة يكون قبلها بأسبوع، حيث يقوم أسامة راغب، المسئول عن تنظيم الزيارة، بتجهيز الأدوية التي يطلبها أطباء الحملة للقيام بعملهم عن طريق تجميعها من الصيادلة والأطباء المتطوعين، بعدها يبدأ في تجهيز الحافلة الخاصة، التي ستحمل الأطباء والأدوية إلى القرية المتوجهين إليها.

وفى يوم القافلة تبدأ الحافلة في التحرك من الساعة السابعة صباحا، لتمر على الأطباء متوجهة بهم إلى المنطقة المقصودة، وبمجرد الوصول يتم إنزال الأدوية إلى مكان الكشف، وبعد الانتهاء من اليوم، يقوم أسامة والأطباء بحصر الأدوية المتبقية وتخزينها للقافلة التالية.

وتقول لميس إن أهم ما يميز "قوم يا مصري"، أنها جمعية ليست مشهرة وغير هادفة للربح، "تقوم في الأساس على المجهودات الشخصية للأطباء، فهم من يقدمون الرعاية الصحية، وهم من يقومون بشراء الأدوية، والمتابعة مع المرضى، كما أن الانضمام إلى فريق قوم يا مصري، لا يشترط أن تكون طبيبا، فيوجد العديد من التخصصات في القافلة، لمساعدة الأطباء في أداء مهمتهم".

لميس تسعى أيضًا من خلال مشاركتها في القوافل الطبية لترسيخ فكرة التطوع والتكاتف الاجتماعي في نفسها، وفى نفس أولادها، فهي تحرص كثيرا على اصطحابهم معها في القافلة، ودفعهم لمساعدتها في علاج المرضى.

وتعتبر القافلة على حد قولها: "الأكسجين الذي تتنفسه لاستكمال بقية الشهر"، فهي تساعد بشكل كبير في رفع حالتها المعنوية وإشعارها بالراحة النفسية من خلال "الاستمتاع بخدمة الآخرين" كما تقول.

بالإضافة إلى إحساس المسئولية المتبادل الذي تولد بينها وبين الأهالي، فكل منهما ملتزم نحو الأخر، هي ملتزمة بالتواجد كل شهر لعلاج أطفالهم، لأنهم بدرجة من الفقر تدفعهم في حالة مرض أحد أطفالهم أن ينتظروا شهرا كاملا حتى تأتى القافلة، والأهالي ملتزمون بتعليماتها ونصائحها، خاصة المتعلقة بالنظافة الشخصية للأطفال، والتي تحرص لميس على تأكيدها في كل كشف.

الجريدة الرسمية