عملية الحكمة.. إسرائيل ترفع السرية عن ملف تعاون الإخوان مع ملك الجاسوسية
نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، تقريرا بعنوان «بطل حقيقي لإسرائيل»، سلطت خلاله الضوء على الإنجازات المزعومة لضابط المخابرات ومؤسس وحدة النخبة «إبراهام دار» لتعرض بعض المعلومات السرية التي تنشر لأول مرة عن تاريخه الدموي وكيفية تعاون جماعة الإخوان المسلمين معه لتسهيل مهمته في مصر.
وكشفت الصحيفة، أن «إبراهام دار»، والذي توفي نهاية العام الماضي عن عمر يناهز الـ 94 عاما، عن عمليات قام بها في العمق المصري من خلال تعاونه مع جماعة الإخوان المسلمين، بهدف تنفيذ تفجيرات تربك القاهرة وتبعد عنها فكرة الحرب مع الاحتلال، وكذلك تهجير اليهود إلى إسرائيل.
نشأته وخدمته العسكرية
ولد «إبراهام دار» في القدس عام 1925، لأب يمني بريطاني، وعند بلوغة الـ 17 عام، تم تجنيده ضمن قوات الصاعقة اليهودية «البالماخ»، وفي عام 1943 تم إرساله لتنفيذ مهام خاصة، فى كل من «العراق وإيران»، كما انضم للسرية البحرية وشارك في مهام تهجير اليهود لإسرائيل، ومع تكوين جيش الاحتلال، شغل منصب نائب رئيس القسم الاستخباراتي بالسلاح البحري.
ثم انتقل «دار» للخدمة في الوحدة «131»، والتي استهدفت القيام ببعض العمليات السرية لإسرائيل، وتضمنت عمليات في بريطانيا لخلق توترات في علاقتها مع مصر، وفي ذلك الوقت لم تكن في حوزة «الموساد» أي معلومات عن «مصر»، لذا تم تكليف «دار» بأداء بعض المهام الخاصة بها.
الإخوان المسلمين
وقال نجل «إبراهام دار»: إن والده تقرب من جماعة الإخوان المسلمين، فور وصوله للقاهرة لتكوين خلية «لافون»، وأصبح صديقاً مقرباً بشدة لأحد قيادات الجماعة.
وأضاف «غيدي دار»: "لم يخطر ببال أحد أن والدي كان يعمل كـ «عميل للمخابرات»، لقد كان محبوبا للغاية، لقد كان يضبط سلوكه اعتمادا على من كان يتحدث معه، إذا كان يتحدث مع عربي فسيتصرف مثلما يفعل العرب، وإذا كان يتحدث مع رجل إنجليزي، فإنه سيتحدث ويتحرك كما لو كان يتحدث في المملكة المتحدة، كان متجانسا مع الجميع، لقد نشأ في جو فكري أوروبي، لكنه كان يحب الثقافة العربية حتى يوم وفاته".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية، إلى أن «إبراهام دار»، هو أحد رواد مؤسسة المخابرات الإسرائيلية، حيث إن معظم عمليات الاستخبارات التي شارك فيها خلال حياته المهنية سرية حتى يومنا هذا.
بالصور.. أشهر رجال الموساد في الدول العربية
عملية لافون
عاش «إبراهام دار»، في مصر تحت غطاء شخصية رجل أعمال بريطاني، وحمل اسم «جون دارلنج»، وأنشأ خلية ضمت مجوعة من شباب اليهود، تولى تدريبهم، لنشر الفوضى داخل الشارع المصري، وبعد اندلاع «ثورة 23 يوليو»، وتحديدًا في مايو عام 1954، تم استبدال «إبراهام دار» بآخر يدعى «افرى العاد»، وخلال شهرين فقط، صدرت التعليمات باستخدام أفراد الخلية التي أنشأها «دار» في مصر، لتنفيذ عمليات تفجيرية، تستهدف بعض المكاتب الغربية، لضرب العلاقات الدبلوماسية المصرية مع الدول الغربية.
حيث كان الهدف منع انسحاب القوات البريطانية من مصر، حتى لا يتفرغ الجيش المصري لمحاربة إسرائيل، إلا أن تلك العملية التي عرفت باسم «لافون» فشلت، كما تم القبض على الخلية كاملةً.
اغتيال العميد مصطفى حافظ
استكمل «دار» خدمته في «الموساد»، وتم تكليفه بالقضاء على العميد «مصطفى حافظ» وكتيبة الفدائيين، وقاد بنفسه عملية اغتياله، بعد أن سببت فرقة الفدائيين والتي قامت بتنفيذ بعض العمليات الفدائية داخل المستوطنات الحدودية خلال فترة الخمسينيات، حالة من الرعب فى إسرائيل آنذاك.
وحاولت المخابرات الإسرائيلية اغتيال مصطفى حافظ وأفراد كتيبته أكثر من مرة، عن طريق المظاريف المفخخة، لكن «حافظ» كان حذراً للغاية، ولم يفتح مظروفاً واحداً، إلا أن «إبراهام دار» تعرف على أحد المقربين من الفدائيين، وسرد له قصة وهمية عن أن قائد شرطة غزة والتي كانت تحت السيطرة المصرية حينذاك، يتعاون مع الإسرائيليين.
ما دفع الشاب البدوي إلى الإسراع لمصطفى حافظ، وحكى له تفاصيل القصة، وأخبره أن عليه فتح الكتاب الذي يحمل رسالة تدين أحد رجاله، وعندما قام بفتح الكتاب، انفجر، وأستُشهد «حافظ» وبعض أعضاء كتيبته.
عملية الحكمة
بعد عدة أشهر، اندلعت حرب 1956، وتم تكليف «دار» بتهريب يهود بور سعيد، وبالفعل انضم بصحبة اثنين من الضباط الإسرائيليين للقوات الفرنسية، واستأجر شقة لعقد الاجتماعات مع بعض الشباب اليهودي لتوعية أعضاء الجالية اليهودية في بورسعيد، والبالغ عددهم 200 يهودي، بتفاصيل الخطة.
اقترح إبراهام دار على «الموساد» تهريب يهود بورسعيد إلى إسرائيل عبر البحر وليس عن طريق البر، مثلما كان مخططا له منذ البداية، وبالفعل صدق مسئولو جهاز الاستخبارات الإسرائيلي على الخطة الجديدة، وأطلقوا عليها اسم «عملية الحكمة».