“الشعور بالخجل”.. كلمة السر في إصدار قرار موحد لوزراء الخارجية العرب حول "مظلمة القرن".. و"أبو مازن" وصف نفسه بـ"حارس القدس"
اختتمت أعمال الاجتماع الوزاري الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته غير العادية، بحضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس "أبو مازن" السبت الماضى، بمخرجات وقرارات لم يتوقعها أكثر المتفائلين، وجاءت تلبي طموحات الشارع العربى بحسب ما أكده وزير الخارجية الفلسطينى نفسه.
قرارات إدانة
وبدأت الجلسة العلنية برئاسة دولة العراق الرئيس الحالى لمجلس جامعة الدول العربية، بحضور وزير الخارجية محمد على الحكيم وسط تخوفات من جائب المهتمين بالشأن العربى أن يخرج هذا الاجتماع الذي دعت له دولة فلسطين بقرارات إدانة وشجب أو حتى عدم ذكر اسم «أمريكا وإسرائيل» في البيان الختامى كما حدث في اجتماعات سابقة.
وسبق الاجتماع الوزارى الطارئ بيانات عديدة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية منها من رحَّب بالمبادرة والأطروحة الأمريكية، ومنها من بارك الخطوات الأمريكية الإسرائيلية، ولكن مصر اتخذت منهجًا آخر في التعاطى مع الأطروحة الأمريكية بشأن عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، أو ما تسمى بـ«صفقة القرن».
وأكدت خلال بيان لها صادر عن وزارة الخارجية على أهمية النظر لمبادرة الإدارة الأمريكية من منطلق أهمية التوصل لتسوية القضية الفلسطينية، بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقًا للشرعية الدولية ومقرراتها.
الدراسة المتأنية
ودعت مصر الطرفين المعنيين بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام، والوقوف على كل أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية، لطرح رؤية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إزاءها، من أجل التوصل إلى اتفاق يلبي تطلعات وآمال الشعبيّن في تحقيق السلام الشامل والعادل فيما بينهما، ويؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
الدول التي سارعت إلى مباركة الطرح الأمريكى الإسرائيلى بشأن عملية السلام أصابها الخجل، بعدما استمعت إلى كلمة الرئيس الفلسطينى محمود أمام مجلس الجامعة العربية، والذي أكد مرارًا خلال كلمته التي اقتربت من 45 دقيقة بأنه لن يقبل بما يسمى بصفقة القرن، وأنه حارس على القدس، وأعلن قطع العلاقات مع واشنطن وإسرائيل بما فيها العلاقات الأمنية، في ضوء ما أعلنه الرئيس الأمريكى باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى.
حارس القدس
الرئيس الفلسطينى طالب الدول العربية بإعلان قرار صريح وعلنى موحد إزاء ما تم اتخاذه من قبل الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلى بشأن ضم القدس لإسرائيل، ولم يستغرق الاجتماع المغلق لوزراء خارجية الدول العربية والذي حضره عدد كبير من الوزراء على غير العادة أكثر من نصف ساعة ليخرج بقرار غير متوقع مما اعتبره وزير الخارجية الفلسطينى نور المالكى أن القرار الجامع لجامعة الدول العربية يعتبر سلاحًا للدولة الفلسطينية تحارب به أمام العالم أجمع.
كما اعتبر أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية اجتماع السبت بأنه اجتماع ممتاز وخرج بقرارات رائعة أهمها رفض صفقة القرن «الأمريكية، الإسرائيلية» - وهى أول مرة يتم ذكر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل جنبًا إلى جنب في قرار للجامعة العربية - وإلزام الدول الأعضاء بعدم التعاطى مع هذه الصفقة المجحفة أو التعامل مع الإدارة الأمريكية في تنفيذها بأى شكل من الأشكال، وتضمن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب رفض صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية باعتبار أنها لا تلبى الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني، وتخالف مرجعيات عملية السلام المستندة إلى القانون الدولى، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأكد الوزراء مجددًا على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للامة العربية جمعاء، وعلى الهُوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولة فلسطين وعلى حق دولة فلسطين بالسيادة على كافة أرضها المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ومجالها البحري والجوي والمياه الإقليمية ومواردها الطبيعية وحدودها مع دول الجوار.
مرجعيات عملية السلام
ودعا الوزراء العرب الإدارة الأمريكية إلى الالتزام بالمرجعيات الدولية لعملية السلام العادل والدائم والشامل، ويؤكد الوزراء على عدم التعاطى مع هذه الصفقة المجحفة أو التعاون معه الإدارة الأمريكية في تنفيذها بأي شكل من الأشكال.
وأكد الوزراء أن مبادرة السلام العربية كما أقرت نصوصها عام 2002 هي الحد الأدنى المقبول عربيًا لتحقيق السلام من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكامل الأراضى الفلسطينية العربية المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، والتأكيد على أن إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لن تحظى بالتطبيع مع الدول العربية ما لم تقبل وتنفذ مبادرة السلام العربية.
وأكد الوزراء على العمل مع القوة الدولية المؤثرة والمحبة للسلام العادل والشامل لاتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء أي خطة من شأنها جحف بحقوق الشعب الفلسطيني ومرجعيات عملية السلام، بما في ذلك التوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، وحذَّر الوزراء من قيام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تنفيذ بنود الصفقة بالقوة متجاهلة قرارات الشرعية الدولية، وتحميل الولايات المتحدة وإسرائيل المسئولية الكاملة عن تداعيات هذه السياسية، ودعوة المجتمع الدولي إلى التصدى لأى إجراءات تقوم بها حكومة الاحتلال على أرض الواقع.
وأكد الوزراء على الدعم الكامل لنضال الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية وعلى رأسها محمود عباس أبو مازن رئيس دولة فلسطين المحتلة، في مواجهة هذه الصفقة، وأي صفقة تقوض حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وتهدف إلى فرض واقع مخالف للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
نقلًا عن العدد الورقي..