صفقة ترامب مخالفة للمواثيق الدولية.. تعطي شرعية للاحتلال.. الخطة إعلان دولة وليس اتفاقا.. غير ملزمة للمجتمع الدولي
كشف أساتذة القانون الدولي مدى خطورة ما يسمى بـ"صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على القضية الفلسطينية باعتبارها خطة تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الدولية.
وتهدف للقضاء على الدولة الفلسطينية والاستيلاء على أراضي دول عربية، مع شرعنة الاحتلال الإسرائيلي وإعطائه الضوء الأخضر، لضم المزيد من الأراضي العربية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
انتهاك القانون الدولي
من جانبه قال الدكتور إبراهيم أحمد، أستاذ القانون الدولي: إن ما يطلق عليه "صفقة القرن" هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مضيفًا أن مجلس الأمن أصدر القرار رقم 442 لسنة 1967 والذي ينص على وجوب انسحاب إسرائيل عن كافة الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، ومنها الأراضي الفلسطينية والتي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
وأشار الدكتور إبراهيم أحمد إلى أنه لا يوجد في القانون الدولي مصطلح "صفقة" وإنما يوجد في القانون الدولي مصطلحات مثل اتفاق أو معاهدة أو بروتوكول تعاون، مضيفًا أن مصطلح "صفقة" يخص العلاقات التجارية، موضحًا أن "ترامب" يتعامل مع القضية الفلسطينية كصفقة تجارية باعتباره تاجرا أو رجل أعمال، مشيرًا إلى أنه حتى في العلاقات التجارية لا تتم أي صفقة إلا بموافقة أطرافها، فيما ترفض السلطة الوطنية الفلسطينية هذه الصفقة مما ينسف شرعيتها من الأساس ويؤكد أنها ولدت ميتة.
شرعنة الاحتلال
وأكد أستاذ القانون الدولي أن ما طرحه "ترامب" هو مجرد مقترح للحل منحاز لإسرائيل ويشرعن للاحتلال ويحق للفلسطينيين أن يرفضوه مثلما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن"، مشيرا إلى أن أي مقترح للحل يجب أن يشمل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وأن تكون هذه الدولة ذات حدود معترف بها دوليًا وذات سيادة، وألا يخالف المقترح قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، وألا يهدر حقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حق عودة اللاجئين.
وأوضح أن مقترح “ترامب” ينتهك القانون الدولي ويجرد الفلسطينيين من حقوقهم ويزيد من معاناتهم، مشيرًا إلى أن ترامب بذلك المقترح أعطى الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية الأمر الذي يشكل انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن المقترح الأمريكي يمنح إسرائيل حق الاستيلاء على منطقة غور الأردن، وغالبية المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي فرض التمييز العنصرية ضد الفلسطينيين وحرمهم من حقوقهم الأساسية.
العودة بالقانون الدولي
وأكد أن مثل هذه المقترحات لن تغير الالتزامات القانونية لإسرائيل كسلطة محتلة بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ولن تحرم الفلسطينيين من الحماية المكفولة لهم بموجب هذه القوانين، لافتًا إلى أن اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم لهم الحق في العودة بموجب القانون الدولي، وهذا حق إنساني لا يمكن التنازل عنه، مضيفًا أن المقترح يتجاهل حقوق اللاجئين بموجب القانون الدولي ومعاناتهم طوال عقود من الزمان.
ولفت إلى أن السلام العادل والشامل يتطلب خطة تعطي الأولوية لحقوق الإنسان وتشمل العدالة وتعويض ضحايا جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأكد أن "صفقة القرن" تتضمن إقامة دولة فلسطينية متصلة عن طريق أرخبيل تربطه جسور وأنفاق بدون مطار أو ميناء بحري، ويمنح إسرائيل الحق في الاستيلاء على مدينة القدس المحتلة باعتبارها عاصمة موحدة مزعومة لدولة الاحتلال، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في دولة ذات سيادة ولن يقبل به الفلسطينيين أو العرب والمسلمين.
غير ملزم
ومن جانبه قال الدكتور نبيل حلمي، أستاذ القانون الدولي: إن إعلان الولايات المتحدة لما يسمى بـ"صفقة القرن" هو إعلان منفرد من واشنطن وليس اتفاق، وهو غير ملزم للمجتمع الدولي أو أي من الدول التي شملها الإعلان، كما أنه يعتبر تدخلا سافرا في الشئون الداخلية لعدة دول، ويخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الدولية الموقعة بين الجانبين "الفلسطيني والإسرائيلي"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تريد تعديل خارطة المنطقة وفق خطة الشرق الأوسط الجديد في ظل انحيازها الواضح لدولة الاحتلال.
وأكد أن هذه الخطة هي مشروع اتفاق وليست اتفاقا، وهو مشروع منحاز كليًا لإسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، كما أن هذا الاتفاق يشمل أكثر من دولة ويفرض سياسة الإدارة الأمريكية على المنطقة، وأشار إلى أن الجامعة العربية يمكنها التحرك على المستوى الدولي من خلال الدعوة إلى انعقاد جمعية عامة للأمم المتحدة لبحث القضية الفلسطينية، وإصدار القرارات التي تحمي حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
موضحًا أن الدول العربية يمكنها أيضا التحرك على المستوى الدولي لفرض حل عادل للقضية الفلسطينية يقوم على أساس حل الدولتين ويحمي حقوق اللاجئين، ولفت إلى أنه يمكن أيضا اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار قرارات في صالح القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وعلى مدار تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تستخدم حق النقض"الفيتو" ضد أي قرار يحمي حقوق الشعب الفلسطيني الأمر الذي الذي يجعل مجلس الأمن الدولي عاجز عن فرض العدالة في هذه القضية أو تنفيذ القرارات التي اتخذها من قبل ومنها الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في 1967.
نقلًا عن العدد الورقي..،