المصرية الأكثر تأثيرًا في أفريقيا : عندي « فوبيا » السفر بالطائرات.. وأحلم بعلاج مرضى السرطان بالدول الفقيرة (حوار)
أفريقيا مليئة بالمواهب المدفونة.. وكنت أول شخص يتناول أزمة العقم في القارة السمراء
أحلم بإنشاء مؤسسة لإنتاج الأفلام الروائية أو التسجيلية بهدف تغيير العادات والموروثات السيئة
أهل سيدة كينية بتر زوجها ذراعيها لأنها لا تنجب رفضوا دخولي والحديث معها
من القهر صنعت المستحيل للكثير من نساء وأطفال القارة السمراء، كانت خير سفير لبلادها، فأثبتت ابنة الإسكندرية الدكتورة رشا قلج عظمة المصريين، وقدرتهم على التغيير بالعزيمة والإصرار، فاستحقت عن جدارة لقب السيدة الأكثر تأثيرًا وإلهامًا في مجال العمل الاجتماعى ضمن 100 شخصية بالقارة الأفريقية لعام 2019 والتي منحتها إياها مجلة «نيو أفريكان».
الدكتورة رشا قلج استحقت عن جدارة لقب السيدة الأكثر تأثيرًا وإلهامًا في مجال العمل الاجتماعي ضمن 100 شخصية بالقارة الأفريقية لعام 2019، والتي منحتها إياها مجلة «نيو أفريكان» الإنجليزية والتي تصدر في لندن وكان من بينها النجمان المصريان العالميان محمد صلاح ورامي مالك الفائز بجائزة الأوسكار.
وقد أصبحت «قلج» حديث معظم دول أفريقيا وصحافتها بعد أن أصبحت أول امرأة مصرية وأفريقية تتولى منصب الرئيس التنفيذي لواحدة من أكبر المؤسسات الخيرية والتنموية في أوروبا وهي «ميرك» الخيرية الدولية في عام 2016 ونجحت في إلهام الكثيرين، وتحولت إلى نموذج للعمل الخيري، من خلال سعيها لمساعدة المحتاجين في أفريقيا بشتى الطرق، ومحاولاتها الحثيثة، لتوفير الدعم المادي والمعنوي في مختلف دول القارة السمراء، تجوب العالم لمساعدة الفقراء، وتتفاعل بشدة مع المشكلات الإنسانية، فكان لها التأثير والأثر الكبير فى سكان القارة ولمست قلوبهم ومشاعرهم.
في بداية تجربتها في أفريقيا هزمت رشا مخاوفها الشخصية، تغلبت على "فوبيا" ركوب الطائرات، وهزمت رعبها من الإصابة بالأوبئة المنتشرة في أغلب دول القارة، ثم انطلقت بعدها لتحقق نجاحات مذهلة، في ملفات شائكة متعلقة بالتوعية بحقوق المرأة وغيرها من الملفات الشائكة.
"فيتو" التقت الدكتورة رشا قلج على هامش مشاركتها في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب المنتهي منذ أيام، وكان لنا معها حوار تحدثت فيه عن تجربتها في أفريقيا، وأبرز التحديات التي واجهتها وأحلامها ومشروعاتها المستقبلية.. وإلى نص الحوار:
*أحدثت ثورة توعوية في أفريقيا من خلال حملة أكثر من مجرد أم.. فما التحديات التي واجهتك في بداية نشر الحملة؟
كنت أول شخص يتناول أزمة العقم في أفريقيا، حيث يعاني ملايين الأزواج في أفريقيا من أشكال مختلفة من مشكلات العقم، وتتحمل المرأة بمفردها مسئولية هذا العقم، وتواجه حربًا نفسية ومجتمعية شرسة تصل إلى تقطيع أطرافها وتشويه وجهها، وفى بعض الدول الأخرى تتحول المرأة العقيمة إلى خادمة للزوجة الأخرى، وعليها أن تختار بين أن تتحول إلى خادمة، أو أن تواجه عقوبة الطرد من أسرتها ومجتمعها وتنتظر العطف.
ومن هنا جاءتني فكرة إطلاق حملة «أكثر من مجرد أم» وهي حملة الأولى من نوعها في أفريقيا والعالم وبدأناها في أفريقيا بهدف تمكين النساء المصابات بالعقم، من خلال الوصول إلى المعلومات والتعليم وتغيير العقليات، خصوصا وأن نسبة العقم بين شباب الأزواج تصل إلى 25% و85% من الحالات المصابة يمكن علاجها ووقايتها منه وهو ما يؤثر بدوره على نسيج المجتمع.
أيضًا واجهت تحدياتى الشخصية فأنا لدي « فوبيا » السفر بالطائرات، والخوف من الإصابة بالأمراض لكن شيئًا ما بداخلى دفعنى دفعًا لقَبول هذا العمل، ووجدتنى على غير العادة أتخطى حواجز الخوف بداخلى، بل وانطلق للسفر داخل معظم دول أفريقيا، وأخوض في أدغالها وأكثر أماكنها خطورة غير مبالية بتعرضى للخطر واكتشفت خلال جولاتى حول أكثر من 26 دولة أفريقية، وأن أفريقيا ليست في حاجة لتلك المساعدات المالية التي تلقيها بعض المنظمات بداخلها وتلتقط الصور معه، بل إن أفريقيا في حاجة ماسة وأكبر للتعليم والتنمية.
*تغيير العادات والموروثات لدى الشعوب أمر ليس سهلا.. كيف استقبل الرجال الأفارقة حملتك؟
كان من الصعب أن يتفهم الناس حملة «أكثر من مجرد أم» خصوصا الرجال لأنهم تربوا على أن المرأة وحدها المسئولة عن الإنجاب، ولا يتقبلون أي فكرة مخالفة لمعتقدهم، فهم يقرنون العقم بالقدرة الجنسية، فإذا كان الرجل قادر جنسيا فهذا يعنى أنه قادر على الإنجاب، وبعد أن نشرنا حملات التوعية بأن القدرة الجنسية ليس لها علاقة بالقدرة على الإنجاب، بدأوا في الاستجابة بعد أن بدأت وسائل الإعلام في نشر الحملة، وشعروا بحجم المعاناة والتعذيب الذي تتعرض له زوجاتهم.
*وهل تعرضت إلى أي نوع من التهديد؟
مرة واحدة فقط، عندما كنت ذاهبة إلى السيدة الكينية جاكلين موندى التي بتر زوجها ذراعيها لأنها لا تنجب، وكان ذلك بعد حادثتها، فرفض أهل القرية دخولي والحديث معها، خوفا من أن تتسرب الحادثة إلى الجرائد والمجلات، وبعد تواصلي مع والدها وتفهمه أنى أسعى لمساعدتها، أصبحت واحدة من عائلتها.
*استعنت بالأدب والفن كوسيلة لتوصيل حملتك إلى الأسر الأفريقية.. كيف ساعد ذلك على نجاحها؟
تغيير عقليات أي مجتمع يحتاج إلى استخدام كل الوسائل التربوية، فاستعنت بالأدب والفن كوسيلة للتواصل مع الناس، وخصوصًا أن القارة الأفريقية مليئة بالمواهب الفنية والفن جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وكانت من أنجح الخطوات التي اتخذتها للتأثير فيهم لتغيير العادات والتقاليد، فهى ثالث أنجح الوسائل بعد التواصل مع السيدات الأول، وتدريب وسائل الإعلام.
بالإضافة إلى خطوات أخرى كتدريب الأطباء وتمكين المرأة غير القادرة على الإنجاب بحيث يكون لها عمل خاص بها،، لدرجة أن السيدة الأولى لدولة بروندى قدمت مبادرة، وقامت بغناء وتصوير إحدى الأغنيات الخاصة بحملة أكثر من مجرد أم لعلاج العقم، وتوجيه الرجال لمساعدة زوجاتهم، أيضًا قيام رئيس جمهورية ليبريا ونجم كرة القدم العالمى السابق جورج وايا بتسجيل أغنية بصوته خاصة للحملة، يحث بها المجتمعات الأفريقية على مواجهة العنف ضد النساء العقيمات في أفريقيا.
وأعمل من خلال مؤسسة ميرك الخيرية الدولية على إنتاج فيلم سينمائى ستشارك في بطولته السيدة الأولى لسيراليون، وقد حصلت على لقب ملكة جمال سيراليون وعلى جائزة أفضل ممثلة في أفريقيا، ويهدف هذا العمل السينمائى إلى تسليط الضوء على مأساة السيدة الكينية جاكلين موندى التي بتر زوجها ذراعيها، لأنها لا تنجب، وعملنا أيضًا على طباعة قصص للأطفال لتغيير عقلية النشء الصغير، والكثير من السيدات الأوائل حرصن على تدريس تلك القصص في المدارس واعتمادها بشكل رسمى.
*هل هناك مبادرات أخرى تعملين عليها في أفريقيا؟
نعم اتخذنا عام 2020 ليكون مبادرة لحملة «أكثر من مجرد أب» ومحورها الأساسي الرجل الأفريقي الذي نشجعه على تأييد واحترام زوجته، أيضًا مبادرة «تعليم ليندا» وهى مبادرة لتشجيع ودعم الفتيات الذين لديهم مشكلات في استكمال التعليم الأساسي وخصوصًا في القرى بسبب حالة الفقر حيث يخرجن من المدارس ليتكفلن بالأسرة سواء بالعمل أو تزويجهن وهن أطفال، وهذا غير قانونى.
*بعد انتهاء مهمتك في مؤسسة ميرك الخيرية.. ما الحلم الذي تسعين لتحقيقه؟
لدى حلمان متناقضان، الأول إنشاء مؤسسة لإنتاج الأفلام الروائية أو التسجيلية، بهدف تغيير العادات والموروثات السيئة ونشر الوعى الصحى والاجتماعي، ويصاحبها أكاديمية للتدريب يكتشف من خلالها المواهب الأفريقية المدفونة، أما حلمي الثانى فهو إنشاء مستشفيات أو عيادات لعلاج مرض السرطان في كل دولة من دول أفريقيا، التي لا توجد بها مستشفيات، وأيضًا يكون بها مركز تعليمي أكاديمى لتعليم عدد أكبر من الدكاترة المتخصصين في الأورام، وأتمنى أن أجد المستثمر الجاد لتنفيذ ذلك.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"..