رئيس التحرير
عصام كامل

هيلين كيلر.. معجزة الإنسانية


لم يقتصر تحدي إعاقة البصر على الرجال فقط.. من دون النساء.. بل إن الأمريكية "هيلين كيلر".. ضربت المثل الأعلى في تحدي الإعاقة، وهزمتها بالضربة القاضية والإرادة الحديدية حتى تم تلقيبها بـ «معجزة الإنسانية»، فقد تغلبت على إعاقتي البصر والسمع، وصنعت لنفسها مكانة خالدة.. في ذاكرة الإنسانية، تزداد بريقا كلما تقادمت السنون وتعاقبت الشهور والأيام.


ولدت الأديبة والمحاضرة والناشطة الأمريكية هيلين كيلر.. في مدينة تسكمبيا بالولايات المتحدة في عام 1880، وتعود أصول عائلتها إلى ألمانيا.

لم تولد هيلين.. عمياء أو صماء، ولكن بعد ولادتها بنحو العامين - أصيبت بمرض شخّصه الأطباء.. بالتهاب السحايا والحمى القرمزية، أفقدها السمع والبصر معا.

أصرت هيلين مبكرا على عدم الاستسلام لهذه المحنة القاسية، بل ظلت تتواصل مع الآخرين من خلال ابنة طباخة العائلة «مارتا واشنطن»، التي علمتها لغة الإشارة، وعندما بلغت السابعة.. أصبح لديها «600» إشارة تتواصل بها مع عائلتها.

في عام 1886 .. ألهمت والدتها بقصة لورا بردجهام.. التي كانت أيضا عمياء وصماء، واستطاعت الحصول على شهادة في اللغة الإنجليزية، فذهبت إلى مدينة بالتمور لمقابلة طبيب اختصاصي، بحثا عن نصيحة، فأرسلها إلى جراهام بل، الذي كان يعمل آنذاك مع الأطفال الصم، فنصح والديها بالتوجه إلى معهد بركينس لفاقدي البصر.. حيث تعلمت لورا بردجهام، وهناك تم اختيار المعلمة آن سوليفان التي كانت في العشرين من عمرها، لتكون معلمة هيلين وموجهتها، ولتبدأ معها علاقة إنسانية فريدة من نوعها، دامت نحو نصف قرن من الزمان.

حصلت آن.. على تفويض من العائلة لنقل هيلين.. إلى بيت صغير في حديقة المنزل، لتعلم الفتاة المدللة بطريقة جديدة،. فبدأت التواصل معها عن طريق كتابة الحروف في كفها ، وتعليمها الإحساس بالأشياء عن طريق الكف، وهكذا بدأت التعلم ومعرفة الأشياء المحيطة بها، ومن بينها لعبتها الثمينة.

في عام 1890 .. عرفت هيلين بقصة الفتاة النرويجية راجنهيلد كاتا، التي كانت صماء بكماء، لكنها تعلمت الكلام، فكانت القصة مصدر إلهام لها، فطلبت من معلمتها تعليمها الكلام، وشرعت آن في ذلك، مستعينة بمنهج كادوما عن طريق لمس شفاه الآخرين وحناجرهم عند الحديث وطباعة الحروف على كفها.

تعلمت هيلين لاحقا طريقة «برايل» للقراءة ، فاستطاعت القراءة من خلالها، ليس فقط باللغة الإنجليزية، ولكن بالألمانية واللاتينية والفرنسية، واليونانية أيضا.

بعد مرور عام واحد.. تعلمت هيلين «900» كلمة، وتمكنت من دراسة الجغرافيا، بواسطة خرائط، صنعت على أرض الحديقة، كما درست علم النبات.

في العاشرة من عمرها .. تعلمت هيلين قراءة الأبجدية الخاصة بالمكفوفين، وأصبح بإمكانها الاتصال بالآخرين عن طريقها، وفي مرحلة تالية.. اصطحبت المعلمة آن تلميذتها هيلين إلى معلمة قديرة تدعى «سارة فولد».. كانت تعمل رئيسا لمعهد «هوارسومان» للصم في بوسطن، وبدأت المعلمة الجديدة مهمة تعليمها الكلام، بوضع يديها على فمها أثناء حديثها لتحس بدقة طريقة تأليف الكلمات باللسان والشفتين، انقضت فترة طويلة، قبل أن يصبح باستطاعة أحد أن يستوعب الأصوات التي تصدرها الطفلة هيلين، فلم يكن الصوت مفهوما للجميع في بادئ الأمر، فبدأت هيلين صراعها من أجل تحسين النطق واللفظ، وأخذت تجهد نفسها بإعادة الكلمات والجمل.. مستخدمة أصابعها لالتقاط اهتزازات حنجرة المدرِّسة وحركة لسانها وشفتيها وتعابير وجهها أثناء الحديث..ونكمل غدا.
الجريدة الرسمية