"انت محافظ من ضمن٢٥" قصة المشادة التي منعت الشيخ راغب غلوش من التلاوة
أطلقوا عليه ألقابا عدة أهمها "فارس القراء في مصر، وأفلاطون النغم القرآني، ومعلم الأجيال وصاحب الحنجرة الذهبية والصوت العذب وشيخ القُراء"، هو القارئ الشيخ راغب مصطفى غلوش ابن قرية "برما" مركز طنطا بمحافظة الغربية.. ولد في عام 1938، وله 4 أبناء ولدان وبنتان الابن الأكبر ياسر ويعمل إماما وخطيبا بأحد المساجد، والثانى مصطفى يعمل بالأعمال الحرة ولديه ابنتان متزوجتان وتقيمان بطنطا.
التحق الشيخ غلوش بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي وتوّلاه بالرعاية الشيخ إبراهيم الطبليهي، الذى علمه علوم التجويد والأحكام السليمة، وقرأ عليه قراءة «ورش»، وأهَّله لأن يكون قارئاً للقرآن كل يوم بالمسجد الأحمدى، بين أذان العصر والإقامة، فدخل قلوب الناس.
استطاع "غلوش" أن يحجز لنفسه مكانة متميزة بين عمالقة القراء، على الرغم من صغر سنه حينما دخل الإذاعة المصرية، وأصبح أقوى المرشحين لإحياء المآتم الكبرى في مصر، وصاحب كبار المسئولين فى الدولة، وتقرب منهم، فقاموا بتشجيعه على القراءة أمام الجماهير، وكانوا سبباً فى إزالة الرهبة من نفسه، وبدأ فى تلقى الدعوات التى وُجهت إليه لإحياء ليالى عزاء كثيرة بالقاهرة، زامل فيها مشاهير القراء بالإذاعة، أمثال مصطفى إسماعيل، وعبدالباسط عبدالصمد، ومحمود خليل الحصرى.
جاء موعد الاختبار بالإذاعة أثناء تأديته الخدمة العسكرية وكان ذاهبا للاختبار وهو يلبس الزي «الميري»، وظن زملاؤه الذين كانوا يختبرون معه في الإذاعة أنه من سرية الحراسة والتأمين بالإذاعة والتليفزيون وقالوا له: لماذا تترك خدمتك وتقف معنا؟.. فقال لهم: أنا زميل لكم آت للاختبار مثلكم فرحبوا به ودخل الاختبار ونجح في الاختبار الأول وانتقل إلى التصفية وبعد أقل من شهر اعتمد قارئا إذاعيا وهو في سن لم تتجاوز الثانية والعشرين من عمره حتى إن الصحافة كتبت عنه خبرا في الجرائد «شاويش في الإذاعة» على اعتبار أن هذه هي الحادثة الأولى التي تحدث في تاريخ الإذاعة أن ينضم جنديا عسكريا لها.
صدر للشيخ قرار بالمنع عن قراءة القرآن الكريم بالمسجد الدسوقى بعد خلافه مع محافظ كفر الشيخ في التسعينيات حيث كان يتحدث مع معاونيه أثناء قراءة القرآن الكريم في يوم الجمعة، وطلب منه الشيخ أن ينصت للقراءة فلم يستجب المحافظ، فما كان من الشيخ إلا أن صدَّق ولم يكمل القراءة، ونشبت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى أن تحدث الشيخ مع المحافظ قائلا له: "أنت محافظ من ضمن 25 محافظا لكننى أنا الشيخ راغب مصطفى غلوش ولا يوجد غيرى"، وتدخل المحافظ لدى وزير الأوقاف آنذاك وتم منعه من القراءة إلى أن تم إجراء حركة محافظين واستُبعد المحافظ وعاد مرة أخرى للقراءة بالمسجد الدسوقى.
سافر الشيخ راغب إلى العديد من دول العالم، ومنها إيران، كل شهر رمضان، على مدار 30 عاماً متتالية، ووُجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية، ولكنه في السنوات السابقة على وفاته فضَّل البقاء في مصر ليسعد الملايين من عشاق كتاب الله تعالى وليسد العجز الناتج عن سفر كبار القراء إلى الدول الإسلامية.
وفى يوم الرابع من فبراير عام 2016 توفاه الله تعالى تاركا خلفه تراثا قرآنيا يُتلى إن شاء الله تعالى إلى يوم القيامة.