الإعلام والأخوة الإنسانية
في نسخته الثانية خصص مؤتمر الأخوة الإنسانية دورته الحالية المنعقدة بمدينة أبو ظبي لتجمع إعلامي عربي من أجل الأخوة الإنسانية بحضور عدد كبير من قادة الرأي والإعلام العربي.
وإذا كانت النسخة الأولى التي جرت وقائعها في مثل هذا الشهر من العام الماضي قد أطلقت وثيقة الأخوة الإنسانية وبحضور شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان؛ فإن النسخة الحالية أريد لها أن تقدم نموذجًا لالتزام أخلاقي إعلامي يصب في نفس الاتجاه.
وتناقش ورش العمل بالمؤتمر عددًا من العناوين المهمة حول أخلاقيات الإعلام العربي وغياب الرؤية الإنسانية لدى بعض المؤسسات الإعلامية وتأثير مفهوم السبق الصحفي على أنسنة الإعلام، إضافةً إلى مناقشة خطاب الكراهية والتمييز ضد بعض الفئات المستضعفة.
ويهتم المجتمعون بالتجمع الإعلامي العربي بقضية مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية كأساس في أثناء التغطيات الإعلامية المرتبطة بحقوق الإنسان ومدى تطابق تلك الوثيقة مع الأعراف ومواثيق العمل الصحفية بالمنطقة العربية.
وتحظى فكرة تطبيق ميثاق إنساني للصحافة العربية بنقاش مهم مع قراءة عميقة للجانب الإنساني في المواثيق الصحفية العربية.
الهدف الأسمى للتجمع الإعلامي العربي هو إصدار ميثاق عمل إعلامي يدعم الأخوة الإنسانية ويعالج مساحات القصور في مواثيق العمل الصحفي والإعلامي المعمول بها في المنطقة العربية من أجل معالجات إعلامية للقضايا المطروحة لديها التزام نحو الإنسانية والأخوة التي يجب أن تسود وفق الوثيقة التي توافق عليها مؤتمر العام الماضي بحضور ممثلين عن كافة الأديان والمذاهب في العالم.
وأعتقد أن الكلمة الافتتاحية التي جاءت على لسان وزير التسامح الإماراتي الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، قد ركزت على الغاية والهدف من هذا التجمع، حيث قال ما نصه "إنه يسرني كثيرًا، أن هذا التجمع الإعلامي العربي، هنا في أبو ظبي، إنما يسعى إلى التأكيد على الدور المحوري للإعلام العربي في توعية الإنسان والارتقاء بمعارفه ومداركه وقدراته بل وكذلك على دوره الأساسي في تشكيل نظرة المجتمع لحاضره ومستقبله وفي تشكيل السلوك العام للأفراد والمؤسسات، بما يسهم بإذن الله، في تحقيق الأهداف المرجوة في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية.
إن هذه المبادرة الكريمة لمجلس حكماء المسلمين بتنظيم هذا الملتقى إنما هي إعلان قوي بأن الأخوة الإنسانية وما يتصل بها من سلوكٍ متسامح، وما يترتب عليها من نتائج ملموسة في سبيل تقدم المجتمع ورفعة الإنسان هي تأكيد لتعاليم الإسلام الحنيف – نحن اليوم، أيها الإخوة والأخوات، إنما نعلن بكل ثقةٍ واعتزاز، أن الإسلام دين يحترم الفكر والعقل، ويدعو إلى المبادرة والعمل الجاد، في سبيل الخير – الإسلام، كان دائمًا ولا يزال، منبعًا لا ينضب، للقيم والمبادئ، التي تحقق السلام والعدل والحرية والحياة الكريمة للفرد والرخاء للمجتمع والتنمية والتقدم للعالم كله – السلوك الإسلامي المستنير أيها الإخوة والأخوات هو سلوك الوسطية والاعتدال الذي قوامه: المعرفة والعمل والأخلاق الكريمة، سلوك يجمع ولا يفرق يقوم على أن الناس جميعًا في الإنسانية سواء".
وبذلك يصبح أمام التجمع الإعلامي العربي أن يقدم طرحًا لمعايير وقيم تساهم في دعم الأخوة الإنسانية وفق وثيقة أبو ظبي للأخوة الإنسانية.