شيء من الكرامة.. أخيرا
لا تزال أصداء خطة ترامب التى لا يعلم عنها ترامب شيئا سوى التلقين، كما كشف عن ذلك ساخرا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اجتماع الرفض الوزاري العربي بالجامعة العربية لا تزال تتردد بقوة لأنها صفقة سرقة وليست صفقة سلام على حد وصف صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
ولم يكن الرفض عربيا فقط، بل أوروبيا، ومن داخل الحزب الديمقراطي المنافس لترامب.
ويلفت النظر على نحو مضحك حقا أنه بينما نسب عباس إلى ترامب أنه لا يعلم شيئا عن هذه الخطة وأن الولد "جوز بنته" و(هنا غاب اسم جاريد كوشنر). والسفير الأمريكي لدى إسرائيل واسمه (أيضا غاب اسمه ... توماس ) وغشش صائب عريقات الاسمين للرئيس عباس.
اقرأ أيضا: الصفقة : دواء فيه سم وسم فيه مخدر
قال عباس إن الثلاثى نتنياهو وصهر ترامب وتوماس هم من وضعوا الصفقة ولقنوها لترامب.
يتمتع ترامب بطريقة درامية فريدة مسلية فى عرض بضاعته سواء كانت مملوكة له أو مسروقة! والحقيقة أن صفقة بيع فلسطين شروة كاملة لإسرائيل حققت أخطر النتائج من وجهة نظرى على النحو التالي: يمكن القول إن الانتهاء من طرح المشروع الصهيوني الاستعماري المشترك بين إسرائيل وواشنطن هو بداية النهاية الفعلية لمشروع التخريب فى المنطقة العربية.
لماذا؟ لأن القضية الفلسطينية برزت إلى السطح من جديد ، واخرجت من تحت ركام خرائب الربيع العربى ، وعادت تشغل الرأى العام العربى والغربى . وبقليل من التأمل سنلاحظ أن رد الفعل العربى على خطة سرقة الحقوق الفلسطينية جرى على مرحلتين . المرحلة الأولى اتسمت بالسرعة والدبلوماسية وازجاء الشكر على الجهود الامريكية ، وكان الهدف امتصاص الجو الاحتفالى المصاحب لاعلان الخطة من داخل البيت الأبيض ... وكسب الوقت للدرس والمراجعة وتجهيز الرد ..! المرحلة الثانية بدأت ايضا جزئيا ثم تبلورت. جزئيا تمثل فى تسريبات وتصريحات مقتضبة من مصر ومن الرياض ومن الاردن بأن حقوق الشعب الفلسطيني ثابتة ومصونة بالقرارات الدولية الاممية. لكن تبلورت المواقف بشكل قاطع فى اجتماع ، هبطت فيه مظلة الشجاعة على رؤوس وزراء الخارجية العرب ، فنطقوا بما ينتظره التاريخ منهم والإ عايرهم الى الأبد.
اقرأ ايضا: مجلس إدارة الفوضى
ردوا القضية إلى قرارات الأمم المتحدة وردوها إلى المبادرة العربية للسلام في ٢٠٠٢ . أهمية إعادة تسكين القضية على ركائزها الشرعية الدولية هو القضاء تماما على أية جهود أمريكية تجعل خطة ترامب مرجعية دولية. وهذا ما عبر عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس . إذ لوسكت العرب ... لتراجعت قرارات الأمم المتحدة وتقدمت بلطجة الولايات المتحدة . يمكن إذن اعتبار القرار الوزارى العربى نقطة بداية للبناء عليه ، وتوحيد الصف ولم الشمل وتضميد الجراح وإعادة سوريا إلى مقعدها الشاغر فى الجامعة العربية . التجربة الأخيرة بقيادة أمريكا وإسرائيل أكدت أن مخطط تقسيم الدول العربية وهدم جيوشها هو لإضعاف أي مقاومة لمشروع قتل الدولة الفلسطينية. دولة بلا سيادة . دولة بلا قدس . الأقصي يتشارك فيه اليهود والمسلمون زمانيا ومكانيا . يعنى يقسم بالوقت ويخصص مكان للديانتين! ثم يتعين على عباس نزع سلاح حماس لحساب إسرائيل ، ما يعنى اقتتالا أهليا. الرفض أقل رد فعل ... لكنه يعكس شعورا بالنخوة غاب طويلا عن القرار العربى تلك إذن روح عربية جديدة... وجذوة كرامة نرجو الآ تطفئها هبة ريح من واشنطن!