صانع السعادة.. قصة شاب يرسم البهجة على وشوش المارة بالشوارع | فيديو وصور
يخرج من محطة مترو الأوبرا بالقرب من ميدان الجلاء بحي الدقي بالجيزة، يبدو أن النوم ما زال يغالبه فلا يستطيع رؤية ما حوله بوضوح، يستمع إلى بعض الضحكات والأصوات العالية الصادرة من أعلى المحطة، كلما صعد درجة من السلم الخارجي للمحطة يرتفع الصوت أكثر فأكثر، حتى يخرج من المحطة بشكل نهائي، ليجد إحدى الفتيات تستقبله بورقة مولنة وبالونة صفراء وقطعة حلوى صغيرة، قائلة :"زعلان ليه.. افرد وشك واضحك إحنا من شارع السعادة".
"شارع السعادة" كلمة السر والعبارة التي تجدها مكتوبة فوق أي شيء تحمله تلك الفتاة وأصدقاؤها، من صانعي السعادة، تحت قيادة العشريني "محمد راتب" قائد فريق اسم السعادة في مسرح العرائس والفنون للطفل، منذ حوالي 10 سنوات، " إحنا جايين نفرح الناس اللي ماشية في الشارع، ونكون سبب في ضحكتهم، أنا مؤسسس الفريق ومعايا أعضاء كتير، كل مهمتنا في الحياة نسعد الناس، نرسم البسمة على وجوههم لو لمدة دقائق فقط". يبحث محمد طوال الوقت عن الطرق التي تجعله يرى الضحكة على وجه طفل صغير أو كهل يحمل فوق كتفيه عبأ الحياة اليومية والمعيشية والبحث الذي لا يتوقف عن لقمة العيش.
لا تفرق السعادة في شارع السعادة الذي أسسه محمد وأصدقاؤه بين صغير أو كبير، فالجميع يمكنه في هذا المربع الصفير الممتد من مخرج محطة مترو الأوبرا، وحتى بداية مطلع كوبري قصر النيل، أن يسعد، يأكل الحلوى ويحمل البالون الأصفر، لتجد أحدهم يذهب إلى عمله حاملا في يد بالونة، وفي الأخرى أوراق العمل، "وبحب أكون سبب في ضحكة حد، لو حد نفسيته وحشة أو زعلان إحنا لما بنقابله ويشوف البالوات والسمايل هيحس إنه لسه فيه خير وحياة".
يقف محمد ليعترض سيارة ميكروباص صغيرة، يمد يده بالبالونة وعبارات التشجع والحلوى للسائق، يتساءل السائق عن سبب وجود هذا التجمع هنا، ولماذ يشغلون الأغاني ويرقصون هكذا على الطريق، تخبره إحدى عضوات فريق السعادة بأنهم جاءوا هنا فقط لإسعادهم، فمنذ تأسيس الفريق وحتى هذه اللحظة، يؤكد محمد أنهم جابوا كثير من محافظات الجمهورية شرقا وغربا، ويتطلعون إلى الوصول إلى المزيد من المدن والقرى المصرية، " كل ده تمويل ذاتي محدش بيمولنا، نفسي أعمل ده في كافة مدن جمهورية مصر العربية، وربنا يجعلنا سبب وخير في إخراج شخص من حالة نفسية سيئة، وتكون سبب في رسم الضحكة على وجهه، ونفسنا الفكرة تنتشر ".
لا يقتصر عمل محمد على النزول إلى الشارع من وقت لآخر لرسم البهجة وتوزيع الهدايا على المارة فحسب، فهو صديق حميم لعرائس الماريونت، فطبيعي أن ىتجده يوزع الحلوى على المارة في الشارع، بينما يحمل في يده الأخرى عروس مصنوعة من القماش الجوخ، "أنا قضيت عمري كله وسط العرائس والأطفال، بتعرض لمضايقات كتيرة وناس تقول لي إنت مش صغير، لكن أنا لقيت الصداقة الحقيقة والراحة مع عرائس الماريونت واللعب مع الأطفال، تفرغت تماما لعمل جولات في محافظات الجمهورية، لرسم الضحكة على وشوش الناس، ليس فقط الأطفال".
الكبار أيضا في حاجة إلى من يمسك بيدهم ليخرجهم من الأزمات التي ربما يقعون بها من وقت لآخر، "إحنا بنشوف ناس حزينة، يمكن ناس وصلت لدرجة الاكتئاب، بنكون في قمة سعادتنا لما نحول كل الحزن ده لسعادة".