منتصر عمران يكتب: شكرًا سيِّدي الإمام
قضية تجديد الخطاب الديني أصبحت في الآونة الأخيرة مثارًا للمناقشة والحوار وخاصة بين الطبقات المثقفة.. لدرجة أنها أصبحت الشغل الشاغل للنخب والباحثين.. وظهرت هذه القضية بصورة كبيرة وواسعة، خاصة بعد أن أعلن عنها الرئيس السيسي منذ ما يقارب من عامين في مؤتمر عام.
والحقيقة التي لا يجافيها عاقل ومسلم معتز بدينه أن هناك بالفعل ضرورة ملحة للتجديد في الخطاب الديني، ولكن التجديد المقصود هو تجديد في المتغيرات دون الثوابت.. فمعلوم أن الدين له ثوابت يرتكز عليها ومتغيرات تتغير مع الزمان والمكان حسب أحوال الناس.. لأن الإسلام دين يخدم البشرية ووسطي يسمح للناس أن يعيشوا في يسر وسهولة وحب وتعايش بين المخلوقات على أرض الله.
ففي المؤتمر الذي عقده الأزهر الشريف مؤخرا، برئاسة الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر، ورعاية الرئيس السيسي، تناول أسلوب وأدوات تجديد الخطاب الديني بشرط أن يكون ذلك في المتغيرات دون الثوابت وأحسن ما قاله الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر عن تجديد الخطاب الديني حيث قال "إننا كلنا مقصرون وخائفون من التجديد.. هناك من هو خائف من أتباعه وآخر يخاف من الجمهور وآخر يخشى من المسؤولية أمام الله يوم القيامة".
الصاوي: منهج الطيب فى تجديد التراث يتخذ مساحة وسطى تعمل على نبذ الصراع
وأضاف: هناك مثبطات كثيرة، لكن يجب أن نضرب عرض الحائط بكل ذلك، وننزل إلى أرض الواقع ونرى واقع الناس، لأن الشريعة جاءت لإسعاد الناس".
وأردف: لا بد أن نقدم الشريعة التي تسعد الناس، في ضوء ضوابط ما جاء به النص الصريح والنص القاطع وضوابط المقاصد العليا للشريعة، والضوابط الأخلاقية التي جاءت بها الشريعة.
وكل ذلك لا ينسينا أن مسألة تحديد النص الصريح والقاطع أو ما يسميه الفقهاء ما هو "قطعي الثبوت قطعي الدلالة"، والنصوص الأخرى القابلة للتأويل.. نقطة الخلاف بين المؤيدين والمعارضين.. وستبقى مسألة تجديد الخطاب الديني مثار اختلاف وحوار ومناقشات حتى يتم البت في هذا الأمر.
وهنا أذكِّر للجميع أن هناك حديثًا لرسولنا الكريم بالتحديد في هذا الأمر، حيث قال إن الله يبعث لهذه الأمة رجل يجدد لها أمر دينها على كل رأس مائة عام.
وقد شهدت الجلسة الختامية للمؤتمر جدلًا بدأ بعد تعليق شيخ الأزهر على كتاب قدمه رئيس جامعة القاهرة للمؤتمر بخصوص فكرته حول تجديد الخطاب الديني حيث قال له الدكتور أحمد الطيب إن هناك فرقًا بين تجديد بيت الطين وبين تجديد خطاب الدين!!
وأخيرا، بقيت لي كلمة لا بد من ذكرها حيث استغل البعض الحوار الذي دار بين الامام والخشت استغلالًا سيئًا للنيل من الأزهر وشيخه ولكن تبقى كلمة شيخ الأزهر كلمة نبيلة وراقية وتمثل لي قولة حق أشكر عليها سيدي الإمام والتي ذب فيها عن دين الرحمن من الحملة التي يقودها أذناب الاستعمار رافعي شعلة الغزو الفكري الذين يريدون تحييد الدين في قضايا المسلمين، واستغلوا دعوة الرئيس السيسى للتجديد، على الرغم من انه أكد على أن التجديد لا بد أن يكون في المتغيرات وليس في الثوابت ولكن هناك أناسًا أرادوا هدم الثوابت والمتغيرات.. فأقول لهم: أولى لكم تجديد بيوت أبيهم الطين وليس تجديد دين المسلمين.. فليسوا هؤلاء أهلًا لذلك.. ولكن المسئولية تقع كاملة على شيخ الأزهر من خلال المؤسسة العريقة التي يترأسها في تجديد الخطاب الديني على النهج الصحيح لقواعد الشريعة الإسلامية الغراء.